الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هولوكوست .. عراقي ! هذا الخلف .. من ذلك السلف !

محسن صياح غزال

2003 / 12 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أرى رؤوساً أينعت .. وحان قطافها ! بهذه العبارة بدأ الحجّاج إمارته لأهل العراق !! وهكذا بدأ عهده الدموي بقطع الرقاب وهدم قبور الموتى ومراقد الأئمة ودور العبادة وهتك الأعراض وأستباحة المحرمات وإرتكاب  البشاعات , ولم تسلم من قصفه حتى الكعبة المشرفة ! بتهمة الكفر والأشراك بالله !
في قرية مهملة منسية , تتشابه فيها البيوت والتراب , لا يميّز الحياة فيها إلا حركة الدواب العشوائية وهياكل
حافية مكفهرة ومتجهمة أسمها " العوجه" , ولِد ذلك اللقيط من نطفةٍ عابرة وفي لحظةٍ زانيةٍ . ترعرع ذلك المنبوذ من         مربيه في وسط من العنف والأذلال والأحتقار , في محيطٍ بدوّيٍ جلفٍ وجاهلٍ ومتعصب . وفي تلك البيئةالعنيفة  والمتخلفة وبداية البلوغ , ظهرت أولى إفرازات تلك التربية الشاذة والسلوك العنيف على منحى حياة ذلك المتشرد , فكانت خطوته الأولى بقتل خالهِ ـ في صباه كان يتلذذ بقتل الحيوانات الضعيفة , إضافةً الى سرقة الخضار والدجاج وغيره ـ  تعلم أولى دروسهِ في الأجرام على يدِ خالهِ " خير الله طلفاح " سيء الذكر والأفعال , وجمعته النوايا والتوجه الشرير بثلّة تمتهن القتل والسرقة والأغتصاب في كرخ بغداد ـ حي التكارته ـ . وفي خضم الصراع والدسائس
والمؤامرات لوأد الثورة الفتية , بتحالف الحقد الناصري واليمين المتطرف في العراق والمخابرات الأمريكية البريطانية,
تحولت هذه العصابة من القتلة ـ صدام حسين وناظم كَزار وجبار الكردي وعبد الكريم الشيخلي ولفيف من الشقاوات واللصوص ومحترفي الأجرام المعروفين في سيد سلطان علي المشهورة في بغداد  ـ الى جهاز للأغتيالات تمونه وتدعمه المخابرات الأمريكية والبريطانية بالمال والسلاح عبر دولة خليجية ! كان للنسيج المتنافر في القيادة وأنعدام
النهج الواضح والتمييز بين العدو والصديق , تراخي قيادة الثورة تجاه المؤامرات ورمادية المواقف الفكرية والسياسية
وعدم تسليح الجماهير المناصرة للجمهورية , التحالفات الداخلية والخارجية لوأد الثورة , وليس آخرها العفو عما سلف !
منح هذا الوضع المرتبك والقلق ل" جهاز حنين " مجالاً واسعاً لمدّ نسيج علاقاته وتحالفاته مع عناصر السلطة المعادين
لعبد الكريم قاسم ومن اليمين القومي الناصري والفاشيين وأعداء الجمهورية والشيوعية . وبتظافر كل هذه الظروف
مع التخطيط والعمل الدؤوب للتحالف الأنكلوأمريكي النفطي , دفع بتلك الحثالة من القتلة والأشقياء والمتعيشين على السطو والأغتصاب ليتسلقوا دفّة الحكم في ليلة ظلماء حالكة يوم 8 شباط 63 .
في تلك الليلة المشؤومة بدأ الهولوكوست البعثي القومي الفاشي بذبح العراقيين دون تمييز وبلا رحمة ولا وازع من ضمير ! قرون من الذبح أمتدت عمقاً في التأريخ , مغول وتتار, فرس وعثمانيين , حجّاج ووهابيين وأنكليز , مسالخ
لهذا الشعب الذي تحول الى مشروع للذبح على يدِ كل من وطأت قدمه أرضه ـ مولد الأنبياء ومنبع الحضارات ومنبت
العلوم والثقافات ـ إستُبيحت البيوت والأعراض ليل نهار , المدارس والمؤسسات ,الشوارع والأزقة وطافت الجثث في
الأنهار ودُفن الأحياء في مقابر جماعية في صحراء نقرة السلمان ـ لاتزال دليلاً لم يُنبش بعد ـ . ثم بدأت الوحوش
تتناحرفيما بينها على المصالح والمكاسب وبدأت المؤامرات والدسائس والأغتيال والأبعاد بين مجاميع القتلة واللصوص
والمتسلقين من رفاق الأمس , وفي لُجّةِ صراع الأخوة الأعداء تمكنت أكثر المجموعات يمينية ودموية من الوثوب الى
السلطة , وبدأوا بنحر رقاب حلفاء ورفاق الأمس في 17 و 30 تموز 68 !! وهكذا أصبح القاتل " صدام " نائباً للمجرم
" البكر " . ومن هنا بدأ مسلسل الذبح المبرمج رسمياً , وتحول أعضاء جهازالأغتيالات " حنين " الى قادة حزبيين ووزراء ورجال دولة !!وبدلاً من الحرس اللاقومي الفاشي , فرخ ذلك الجهاز أجهزةً أكثر تنظيماً وسلطات وأمكانيات
ومنتسبين ليغطي كل مدن العراق وليدخل كل بيت ليترك فيه نائحة !.وهكذا بدأ صدام بالخطوة التالية تحت شعار "كل
عراقي بعثي وإن لم ينتمي ! ولو علمنا أن للحزب الشيوعي ومنذ نشوء الدولة الحديثة , ركيزة جماهيرة واسعة وجذور عميقة في أرض العراق إضافة الى الأحزاب والتنظيمات الأسلامية , نستطيع تقدير هول وبشاعة حملة التنكيل والأبادة
والقتل التى تعرض لها الشعب العراقي على يد زمرة البعث العفلقي , حيث أصبح كل مواطن عراقي مشروعاً للموت
والأبادة , إن لم يكن بعثياً !
أستمر المسلخ الآدمي على يد صدام وثلة القتلة ينمو ويتطور ـ بتطور تكنولوجيا التعذيب ـ لتتفتق عن أساليب أكثر تطوراً وسرعة , وهكذا كانت المقابر الجماعية للقتلى والأحياء ولا فرق بين طفل أو شاب , شيخ أو إمرأة ـ فالأم التي
لا تستطيع التخلي عن وليدها .. تُدفن معه ـ !!
دمر هذا المسخ بيئة العراق الجميلة , بتحويل مجاري الأنهارحيث جفّت الأهوار ومات الزرع والعشب والنخيل والحيوان , هدّم الآثار والتراث والمعابد في حروب رعناء لا هدف ولامعنى لها, فأباد الأخضر واليابس , وبهذا أراد
تنفيذ أطروحته المريضة بأن لا يترك العراق ألا أرضاً بلا بشر !!
نسمع أصواتاً نشاز ونباح كلاب مسعورة تتباكى على مكاسبها المفقودة وإرثها الدموي المنهار وجلاد لفظه التأريخ
الى المزابل العفنة , أصوات قتلة ومرتزقة ولقطاء موتورين , يحلمون بعودة " مجدهم " الغابر ! . ألم يتّعظوا من تجارب التأريخ والشعوب بأن نظاماً دموياً بربرياً يحتقر شعبه ويبيده , لابد وأن يكون مآله مزبلة التأريخ والى الأبد ؟
                                                








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف