الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوش ليس المشكلة

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2008 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من قناعتي‮ ‬بحق كل من‮ ‬يعارض السياسة الأمريكية بالاحتجاج عليها بالتظاهرات السلمية أو الاعتصامات،‮ ‬كما وأزيد في‮ ‬ذلك لأقول بان‮ ‬غالبية العرب‮ ‬يرفضون هذا الانحياز الامريكي‮ ‬باتجاه إسرائيل وعلى حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني،‮ ‬وكل ذلك حتى لا‮ ‬يخرج علينا المنظرون لنظرية المؤامرة بأننا ندافع عن السياسة الأمريكية لان الحديث عن أي‮ ‬ايجابيات في‮ ‬الحضارة الغربية عموماً‮ ‬من الخيانة العظمى في‮ ‬الوطن العربي‮!!‬
ولكن،‮ ‬وفي‮ ‬زحمة الاعتصامات في‮ ‬عدد من دول الشرق الأوسط والمنددة بزيارة بوش للمنطقة‮ ‬يبدو أن بوصلة بعض التنظيمات السياسية قد ضلت الطريق بقصد في‮ ‬بعض الأحيان،‮ ‬ومن دون قصد في‮ ‬أحيان أخرى،‮ ‬وهنا نحن بحاجة إلى حوار واقعي‮ ‬وصريح ليس حول زيارة بوش ولكن حول القضايا العربية لنجيب على الأسئلة الملحة التي‮ ‬يحاول البعض الهروب منها،‮ ‬فهل الرئيس بوش مسؤول عن‮ ‬غياب الحريات والديمقراطية في‮ ‬بعض أقطار الوطن العربي؟ وهل الرئيس بوش مسؤول الفقر في‮ ‬بعض اقطار الوطن العربي؟ وهل الرئيس بوش مسؤول عن انتشار الطائفية والمذهبية والعشائرية في‮ ‬الوطن العربي؟ وهل الرئيس بوش مسؤول عن ضعف جامعة الدول العربية؟ وغيرها كثير من هذه الأسئلة‮.‬
مخطئ من‮ ‬يعتقد انه بهزيمة الولايات المتحدة الأمريكية قد حلت جميع أزمات الوطن العربي‮ ‬كما أخطأ من اعتقد سابقاً‮ ‬ان سقوط الاتحاد السوفياتي‮ ‬سوف‮ ‬يحل مشاكل الوطن العربي،‮ ‬ولكي‮ ‬نكون واقعيين فلا بد من القول وعدم الاختباء وراء فزاعة السياسة الأمريكية؛ فالمشكلة في‮ ‬العالم العربي‮ ‬هي‮ ‬داخلية وليست خارجية،‮ ‬فالسياسة الأمريكية تدافع عن مصالح مواطنيها وأمتهم،‮ ‬فلماذا لا تستطيع الولايات المتحدة ان تفرض سياستها على المكسيك أو البرازيل أو بيرو فهل من‮ ‬يحكمون هذه الدول هم من المريخ؟ وهي‮ ‬ذات السياسة لم تستطع ان تؤثر في‮ ‬شافيز في‮ ‬فنزويلا على الرغم من معارضته لهذه السياسة،‮ ‬لأنه بكل بساطة‮ ‬يتمتع بارادة شعبية،‮ ‬ووصل عن طريق صناديق الاقتراع في‮ ‬انتخابات حرة ونزيهة،‮ ‬ولان ثقافة العسكريين هناك لا‮ ‬يوجد في‮ ‬قاموسها الانقلاب الذي‮ ‬يمكن ان تحرض عليه أي‮ ‬جهة خارجية؛ ولذلك فان الديمقراطيات والشعوب المثقفة التي‮ ‬تعرف ماذا تريد في‮ ‬أوروبا أو امريكا اللاتينية لا‮ ‬يمكن لاي‮ ‬احد،‮ ‬سواء كان بوش أو‮ ‬غيره،‮ ‬ان‮ ‬ينال أو‮ ‬يفرض سياسة على بلادهم لا تناسب مصالح تلك الدول‮.‬
بينما نحن في‮ ‬بعض أقطار الوطن العربي‮ ‬مرتهنون لدول وجمهوريات لا تعرف في‮ ‬قاموسها شيئا اسمه الحرية والديمقراطية،‮ ‬وتعيش على صوت الدبابات وحركاتها في‮ ‬الشوارع،‮ ‬وتماثيل وصور الزعيم الملهم في‮ ‬كل صباح‮. ‬فهي‮ ‬لذلك تخضع ليس لإرادة بوش فقط بل لكل دولة قوية لان هذه الأنظمة تعتقد ان بقاءها مرهون بدعم امريكى أو دولي‮ ‬لها وإذا‮ ‬غابت أمريكا تبحث لها‮ - ‬تلك الأنظمة العربية‮ - ‬عن دولة أخرى كما حدث مع الاتحاد السوفياتي،‮ ‬فهذه أنظمة لا تملك إرادة شعبية وليست نتاج صندوق الاقتراع في‮ ‬الانتخابات،‮ ‬اذن مشكلتكم ليست مع بوش بل مع هذه الأنظمة،‮ ‬وتحرركم ليس من بوش بل من هذه الأنظمة القمعية‮.‬
فجزء من الأنظمة العربية الحالية وصل عن طريق الانقلاب العسكري،‮ ‬وهي‮ ‬من تعيق أي‮ ‬خطوات وحدوية عربية،‮ ‬وهي‮ ‬من تدبر الانقلابات ضد دول عربية أخرى،‮ ‬وهي‮ ‬من ساهمت في‮ ‬ضعف وترهل جامعة الدول العربية حتى أصبحت قراراتها حبراً‮ ‬على ورق،‮ ‬وهي‮ ‬من تتخبط اقتصادياً،‮ ‬فتارة تكون اشتراكية وتارة تكون رأسمالية،‮ ‬وتارة تدعم القطاع العام وتارة تبيع القطاع العام،‮ ‬وتارة تقمع حركة القطاع الخاص وتارة‮ ‬يكون الانفتاح والأبواب مفتوحة أمام القطاع الخاص‮. ‬فأي‮ ‬اقتصاد‮ ‬يتحمل هذا التخبط؟ وتجد لدى هذه الأنظمة خططاً‮ ‬عسكرية خماسية وعشرية بينما لا‮ ‬يوجد لديها ولا خطة واحدة لمكافحة الفقر،‮ ‬فهل مشكلتكم مع بوش أم مع هذه الأنظمة؟
نحن بحاجة إلى العقلانية والواقعية في‮ ‬العمل السياسي‮ ‬والمؤسف ان‮ ‬يظلل قطاع واسع من قبل بعض الحركات والأحزاب التي‮ ‬هي‮ ‬شريك لبعض هذه الأنظمة العربية القمعية في‮ ‬الصفقات والتآمر والنزاع الطائفي‮ ‬والمذهبي،‮ ‬بل هي‮ ‬شريك في‮ ‬غياب الديمقراطية لسنوات عبر تنظيرات وفتاوى اسلامية تحرم الديمقراطية والانتخابات ولكنها لا تحرم فساد تلك الأنظمة لسرقة المال العام في‮ ‬وضح النهار،‮ ‬ومرة أخرى فمن هو المشكلة هل بوش؟ أم تلك الأنظمة وتوابعها من تجار الدين والسياسية؟
وتعالوا لنعيد الصفحة من جديد ماذا لو قرر بعض الزعماء العرب الملهمين اجراء انتخابات حرة ونزيهة رئاسية وبرلمانية؟ وقرر كذلك عدم ترشيح نفسه بعد حكم دائم لعقود فهل هناك إرادة في‮ ‬العالم سوف تمنعه من ذلك بما فيهم الرئيس بوش؟‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص