الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آيديولوجية اليمين المتطرف

رحيم العراقي

2008 / 1 / 18
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


قام بتأليف كتاب :إيديولوجية اليمين المتطرف البروفيسور كاس ميودي أستاذ العلوم السياسية في جامعة ادنبرة. وهو مختص بدراسة الحركات السياسية في أوروبا وبخاصة أحزاب اليمين المتطرف. ومنذ البداية يقول المؤلف بما معناه: إن اليمين المتطرف الأوروبي يشكل أقلية لا تتجاوز الخمسة في المئة في ألمانيا، أو العشرة في المئة في بلجيكا، أو الخمسة عشرة في المئة في فرنسا، أو سبع عشرة في المئة في هولندا، أو أقل من ذلك في البلدان الاسكندنافية كالسويد، والنرويج، والدنمارك. وقد ازدادت قوته في السنوات الأخيرة بعد أن ازداد عدد الجاليات المهاجرة في هذه البلدان الأوروبية، وبخاصة الجاليات العربية الإسلامية. ويمكن القول إن ظهور الحركات الأصولية بقوة في إيران والعالم العربي الإسلامي طيلة السنوات الأخيرة ساهم في زيادة أهمية اليمين المتطرف الأوروبي. فالتطرف يدعم التطرف ويشدّ من أزره. هذا لا يعني بالطبع أن اليمين المتطرف لم يكن موجودا في أوروبا سابقا. وإنما يعني أن ظهور الإسلام على المسرح الأوروبي ساهم في إعطائه دفعة جديدة إلى الأمام كرد فعل عنيف.
ثم يردف المؤلف قائلا ما معناه: إن حركات اليمين المتطرف تشترك كلها في بعض الخصائص على الرغم من اختلاف القوميات من فرنسية، وألمانية، وانجليزية، وهولندية، وبلجيكية، الخ. من هذه الصفات كره اليمين المتطرف للحداثة السياسية والفكرية والأخلاقية. فهو عموما ضد الديمقراطية ولكنه يقبل بها رغماً عنه وبخاصة إذا كانت تعطيه الأصوات الكافية لانتخاب نوابه في البرلمان. في الواقع أنه كان ضد الديمقراطية والأنظمة البرلمانية حتى فترة قصيرة.
ولكنه غير رأيه مؤخرا لأن الديمقراطية أصبحت حقيقة واقعة لا مفر منها. فالأغلبية العظمى من الشعب في البلدان الأوروبية تؤمن بها ولا تقبل بأي نظام السياسي آخر كبديل عنها. ولهذا السبب فإن اليمين المتطرف استسلم للأمر الواقع مؤخرا وقبل باللعبة الديمقراطية. أما في السابق فكان يلجأ إلى القوة والعنف والضرب لتأكيد وجوده أو فرض أفكاره. يضاف إلى ذلك أن اليمين المتطرف متعصب قوميا أو دينيا وأحيانا الاثنين معا. ولذلك فهو يكره الأجانب الذين ينتمون إلى قوميات أخرى غير قوميته وأديان غير دينه. ومعظم حركات اليمين المتطرف عنصرية تؤمن بتفوق العنصر الأوروبي الأشقر «الجميل» في فرنسا، أو حركة اليمين المتطرف في هولندا، الخ. وأكبر مثال على ذلك النازيين الجدد في ألمانيا أو حركة جان ماري لوبن في فرنسا، أو حركة اليمين المتطرف في هولندا، الخ. وهناك نوعان من اليمين المتطرف في أوروبا. نوع وثني كاره للدين المسيحي ولا يعترف إلا بالأساطير الإغريقية والجرمانية والرومانية السابقة على دخول المسيحية إلى القارة الأوروبية. وهناك نوع أصولي متزمت ومرتبط بالمسيحية بشكل ظلامي قروسطي لا يعترف بالإصلاح الديني ولا بالحداثة. واليمين المتطرف في إيطاليا يتخذ الطابع الفاشي ويتعلق بموسوليني. وأما في ألمانيا فيتخذ الطابع النازي ولا يزال يحنّ إلى عهد هتلر. ولكن اليمين المتطرف الألماني ينقسم إلى قسمين: قسم نازي، ملحد، وثني، وقسم متعصب دينيا على طريقة المذهب الكاثوليكي أو البروتستانتي. وهذا القسم يرفض رفضا قاطعا أن ينضم إلى جماعة هتلر، أي إلى القسم الأول لأنه لا يؤمن بالدين المسيحي. وبالتالي فهناك اختلافات إيديولوجية مهمة حتى داخل حركات اليمين المتطرف. فالنازيون الجدد يعبدون هتلر أو يبجلونه جدا. أما اليمين المتطرف المسيحي فيكرهه ولا يقبل به كرمز على الإطلاق. ويمكن القول إن أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا مجمعة على الأهداف التالية: أولا إيقاف هجرة الأجانب إلى أوروبا بل وحتى طرد الأجانب من أوروبا إذا أمكن. وثانيا الحقد على الطبقة السياسية التقليدية سواء أكانت من أحزاب اليمين أو اليسار على حد سواء. ويرافق ذلك كره الديمقراطية النيابية. وثالثا كره الاشتراكية والعدالة الاجتماعية بشكل عام وتأييد الرأسمالية على المستوى الاقتصادي.
ومعظم هذه الأحزاب مضادة لمشروع الوحدة الأوروبية لأنها تخشى أن يؤدي إلى تذويب القوميات في دولة واحدة. فاليمين المتطرف الفرنسي يشعر بأنه فرنسي أولا قبل أن يكون أوروبيا. وقل الأمر ذاته عن اليمين المتطرف الألماني، أو الهولندي، الخ. وهذا أمر طبيعي. ولكنه لا يكتفي بذلك وإنما يشعر بالكره تجاه الاتحاد الأوروبي.
بالطبع فإن بعض أحزاب اليمين المتطرف قامت بتحديث خطابها لكيلا ترعب الناس أكثر مما هم مرعوبين منها ولكي تجذب إليها الأتباع والأنصار الجدد. وهذا ما فعله حزب الجبهة القومية بزعامة لوبن في فرنسا، وكذلك بعض أحزاب اليمين المتطرف في ألمانيا وهولندا وبلجيكا وشمال أوروبا عموما.
ثم يردف المؤلف قائلاً: وعموماً يفرق الباحثون بين ثلاث موجات لليمين المتطرف. الموجة الأولى ابتدأت مبكراً جداً بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة. وكانت تعتبر استمرارية إيديولوجية للنازية والفاشية. وقد عبر عن هذه الموجة بعض الأحزاب السياسية التي تأسست في إيطاليا وألمانيا آنذاك: أي بين عامي 1946 و1949.
وينبغي أن نضيف إليها الاتحاد النمساوي المستقل. وأما الموجة الثانية فقد اندلعت بين عامي 1950-1960. وكانت تضم اليمين الفرنسي المتطرف بقيادة بيير بوجار، واليمين الألماني المتطرف الذي حاز على 2 في المئة من الأصوات في انتخابات 1965. وهذه الأحزاب تقليدية وتبدو بعيدة نسبيا عن النازية والفاشية.
وأما الموجة الثالثة لليمين المتطرف فقد ظهرت في البلدان الاسكندنافية: أي السويد والدنمارك والنرويج. ففي الدنمارك استطاع حزب اليمين المتطرف أن يحصل على حوالي 16 في المئة من عدد الأصوات في انتخابات 1973. وهي نسبة مرتفعة جدا لأن اليمين المتطرف لا يتجاوز عادة ال5 في المئة من عدد الأصوات.
والدليل على ذلك أن حزب اليمين المتطرف في النرويج لم يحصل في العام نفسه، إلا على 5 في المئة من عدد الأصوات. ولكن شعبيته ازدادت بعدئذ كما حصل في كل أنحاء أوروبا كرد فعل على تزايد الجاليات المغرّبية هناك وبخاصة العرب والمسلمين.
وفي هولندا يمكن القول إن اغتيال زعيم اليمين المتطرف قبل بضع سنوات من قبل أحد المغتربين ساهم في إشعال نار الغضب ضد العرب والمسلمين. ثم جاء اغتيال المخرج السينمائي تيو فان غوغ لكي يزيد الطين بلة ويصب الزيت على النار. والآن أصبحت الأجواء مشحونة ضد المسلمين هناك.
ومعلوم أن هولندا كانت من أكثر البلدان تسامحا تجاه المغتربين وكانت تعطيهم كل الامتيازات والحقوق. ولكن بعد
أن حصلت هذه الأحداث الجسام وبعد ضربة 11 سبتمبر أصبحت تشك بهم وترى في وجودهم خطرا على أمن
البلاد. ولذلك اتخذت الحكومة الهولندية مؤخرا تدابير عدة مضادة للمغتربين أو بالأحرى للتيار الأصولي المتشدد داخل الجاليات المغتربة. وقد استغل اليمين المتطرف هذا الوضع لكي يزيد من شعبيته في أوساط الهولنديين، وراح يدق ناقوس الخطر ويقول إن الحضارة الأوروبية مهددة من قبل وجود مئات الآلاف من المهاجرين الأتراك، والمغاربة، والأفارقة والمسلمين بشكل عام. نقول ذلك ونحن نعلم أنه يوجد في هولندا مليون مهاجر معظمهم من المسلمين. وأما عدد سكان البلاد فلا يتجاوز السبعة عشر مليون نسمة.
وأما في ألمانيا فالمهاجرون أتراك في معظمهم. ولكن نسبة المهاجرين المغاربة زادت في العشرين سنة الأخيرة وأصبحوا يشكلون الجالية الثانية من حيث العدد. ومعلوم أن وجود جالية تركية ضخمة في ألمانيا يعود إلى أسباب تاريخية. فالعلاقات بين البلدين عريقة وتاريخية حتى قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية.
وفي الختام يمكن القول إن المواجهة التي تشغل الناس حاليا وفي السنوات المقبلة هي تلك التي ستدور بين جماعات اليمين المتطرف من جهة، والجماعات الأصولية المتطرفة من جهة أخرى. وربما دفع الكثيرون من المغتربين ثمنها غصبا عنهم. ولذلك يحاول بعض المفكرين المسلمين أو العرب إعطاء صورة أخرى عن الإسلام ورسالته السمحة لتهدئة مشاعر السكان الأصليين في الدول الأوروبية.
فالتعايش بين الطرفين أمر إجباري. ويعتقد البعض أن الفكر الإسلامي سيتجدد في أوروبا دون غيرها لان حرية البحث والتفكير والنشر مضمونة فيها. وربما انتقل التجديد الإسلامي بعدئذ من الجاليات المهاجرة إلى الوطن من أجل إنقاذه من جحيم التعصب والفهم الخاطئ لرسالة الإسلام الحنيف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام