الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبير و الأيدز

محيي هادي

2008 / 1 / 19
الطب , والعلوم


في هذه الأيام تمر ذكرى أخرى على استشهاد الامام الحسين بن على، سبط النبي محمد، ذكرى نحره تحت سيوف طاغية العصر آنئذ: الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. و هذه الذكرى يُحييها، بشكل خاص، المسلمون من أتباع المذهب الشيعي الإثنى عشري. ففي هذه المناسبة تقام المسيرات الدينية و مجالس التعزية و "حفلات" جلد النفس و جرحها بالسلاسل (الزناجيل) و السيوف و الخناجر و (القامات).. الخ.
من يدافع عن عملية جرح النفس و تعذيبها يقول أنها شعيرة من شعائر الله و هي تقوى للقلوب. و لا أدري هل هذه "الشعائر" هي جزء من الدين الاسلامي؟ أم هي اختراعات جديدة تكتشف و بدع دينية تظهر للأعين بين حين و آخر؟ و هل الدين الاسلامي لم يكمل بعد، و أن آية "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا......" قد نسخت؟
إنه لشيء مقزز للقلوب رؤية الدماء و هي تسيل على رؤوس و وجوه (المتطبيرن). فهل أراد الامام الأول علي أن ينشر مذهبه بهذه الطريقة؟ أم أن الامام الحسين قد ضحى بنفسه لكي نرى بعده هذا الشكل الهمجي من "الشعائر"؟ و هل (تطبر) إمام ما، من أحفاد الحسين؟ ثم وهل يتواجد الامام الغائب المهدي بين جموع هؤلاء المتطبرين لكي يحيي ذكرى استشهاد جده الأعلى؟ إذ و كما يعتقد أتباع المذهب الإثني عشري أن الامام المهدي لا يزال حي يرزق، و يظهر هنا و هناك؟

***
في هذه الذكرى تلتقي أيضا أنواع كثيرة و عجيبة من الأكاذيب و الجهل، لا تجد صداها إلا في عقول من يؤمنون بالخرافات و معجزاتها.
فترى من يقول أن الجني جعفر قد جاء الحسين فعرض عليه أربعة آلاف من جنوده ليقاتلوا إلى جانب الامام الشهيد.
و ترى من يقول أن الشاب القاسم بن الحسن قد قتل 6666 فردا من جنود العدو، ستة آلاف و ستمائة و سننة و ستون، لا أكثر و لا أقل.
و ترى آخر يقول أن العباس بن علي قد حارب بسيفه حتى قُطعت كفه اليمنى، فقبض على السيف بيده اليسرى و ظل يحارب إلى أن قُطعت كفه هذه، فقبض على السيف بفمه و ظل يقاتل حتى قُتل.
و تجد آخر يُخرف لك عن أن فلان أو علان قتل الآلاف من جنود العدو يصعب على المرء حسابهم، و تصبح الصعوبة أكبر إذا حسب وقت المعركة البسيط و قارنه بالوقت الذي يحتاج لعدهم، لا لمقاتلتهم و لذبحهم ... ولكن هذه هي معجزة الإله...... بالطبع إلههم!!!

**

الأيدز أو السيدا هو مرض معد خطير، ينتقل بشكل أساسي عن طريق الدم، و عن طريق استعمال الأدوات الجارحة، كالأبرة والموس و السكين. و إن اختلاط الدم الملوث بآخر غير ملوث يقود بشكل مؤكد إلى الإصابة بهذا المرض الخبيث. و العراق، شأنه شأن باقي دول العالم الثالث، لا توجد لديه إحصائية جيدة عن عدد المصابين بهذا الداء. و إذا كانت هناك إحصائية ما فإنها مزورة أو غير دقيقة.
لقد استطاعت الدول المتقدمة السيطرة بشكل جيد على هذا المرض، و الحد منه، و أن المصابين به معروفون، و كذلك فقد قامت الجهات الصحية بتثقيف الناس للوقاية منه. فالتثقيف يأتي عن طريق وسائل الإعلام ليل نهار، و يرافق هذا التثقيف الدعم السايكولوجي و المادي للمصابين. فمثلا يتم توزيع الإبر على المصابين بالمرض، و كل مصاب يستعمل ابرة واحدة، مرة واحدة فقط. كما و أن الحلاقين، مثلا، الذين يستعملون أدوات الحلاقة الجارحة، يعقمون أدواتهم أو يستعملونها لمرة واحدة فقط للحلاقة.
و في (التطبير) يمكننا أن نجد إحدى الوسائل الخطيرة لنشر مرض الإيدز. فهناك من (يطبر) عددا كبيرا من الأشخاص بنفس السيف أو الخنجر أو (القامة). و أن الضرب على الرأس يجعل من قطرات الدم تقفز من شخص إلى آخر. و أن الإزحام الذي يتواجد فيه المئات من المجروحين هو وسيلة جيدة لإنتقال الداء باختلاط الدماء بعضها بالبعض الآخر. و إذا كان يُقال أن بعض الدول تصدر أدوية تحتوي على فايروس الأيدز فإننا نجد في (التطبير) المحلي، و بدون استيراد، أفضل معد، و لا حاجة لأحد أن يتهم تلك الدول. وقد يعتقد المتطبر أنه لا يهم إذا مات "شهيدا" في سبيل الحسين إذ أن الله سيقبله في ساحات جناته الواسعة، و لكن هل سيقبل الله منه أنه كان السبب في عدوى أشخاص آخرين بمرض الأيدز؟ أو هل سيرضى الله مرضى بالأيدز في جناته؟
فهل يوجد مسؤولا، من المسؤولين الصحيين العراقيين، أو غيرهم، يعطي إرشادات معينة في هذا الموضوع؟

**
إن الدول المتحضرة تحمي مواطنيها، و خاصة الأطفال، حماية عظيمة، لا يمكن أن نجدها في الدول الاسلامية، و بشكل أخص في الدول العربية. و الدولة مسؤولة عن الطفل مسؤولية مباشرة، و قوانين هذه الدول لا ترضى أبدا أن يهان الطفل أو يُترك بدون رعاية. للأطفال جميعهم، بما فيهم الأجانب، حقوقهم، و هم محمون دائما حتى من إهانة الوالدين. و في كثير من الأحيان يسحب الطفل من ذويه، و يوضع تحت إشراف دائة رسمية مختصة.
أريد أن أعرف : هل ان الجهات الحكومية العراقية تحمي الطفل العراقي في هذه المأساة التي يسمونها طقوسا؟ و تمنع والد أو أخ أو عم الطفل من (تطبيره)؟

**
إن الإنطباع التي تعطيه، هذه التصرفات المقززة في هذه الذكرى، هو أن الشيعة هم همج و أن أكثر القبائل المتخلفة في قرى استراليا، أو أفريقيا، النائية هي أكثر تحضرا و أقل همجية. ليس هذا فقط، بل أن الشيعة أصبحوا اضحوكة و نكتة للعالم.
و أخيرا يجب علي أن أحيي أولئك المسلمين، و رجال الدين الذين بدأوا بعرض رأيهم، و لو بشكل متأخر، و معارضتهم لهذه "الطقوس" الهمجية و السخيفة.

أسبانيا
17/01/2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحة العالمية: الجائحة التالية مسألة وقت.. وهناك تعديلات قا


.. إدمان الإنترنت.. يهدد الصحة الجسدية والعقلية




.. إلى أين يقودنا إدمان الإنترنت؟


.. نازحة في غزة تغني بصوت شجي وتجذب تفاعلا واسعا على منصات التو




.. ابتداءً من 5 يونيو | المملكة المتوحشة | ناشونال جيوغرافيك أب