الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرصة قد لايجود الزمان بمثلها

عزيز العراقي

2008 / 1 / 21
كتابات ساخرة


العمل في السياسة يعني العمل في الشأن العام , الا في العراق . فقد حولته الطبقة السياسية المتنفذة , وبمساعدة الاحتلال الامريكي , الى مشروع استثماري يدر ارباحاً اضعاف ماتدره تجارة المخدرات وحانات القمار , ودع عنك التجارة المشروعة . ولو تيسر للعالم الروسي بافلوف صاحب نظرية الانعكاسات الشرطية , واستمر بحياته لحد الآن , لما كان عليه استخدام الكثير من الفئران والجريذية لأثبات صحة نظريته , وما عليه الا ان يراقب اداء الطبقة السياسية العراقية . وبدلاً من صوت الجرس الذي ينبه غريزة هذه الحيوانات للاكل , تترك هذه الطبقة السياسية كل ما يشغلها ( بالوطن , والدين , , والقومية , والقوائم السياسية , والاحزاب , والرفقة , والجورة , والضمير , وكل الانشغالات الانسانية السخيفة الاخرى ) عندما تسمع بالدولار , فهو المعادل لكل شئ عندها , والوقت يجري سريعاً , ولايعرف ما يخبئه المستقبل .

امام هذه اللوحة التي لم يكتمل رسمها بعد , نرى الرسام نوري المالكي متحير في طريقة اكمالها , لكونه لم يمضي عليه فترة طويلة في ممارسة الرسم , ومستشاروه الذين اختارهم من قيادة حزبه لايفقهون في الرسم اي شئ , ولايملكون الخبرة في الالوان ولا بطريقة مزجها , ولا بطبيعة الحركة في داخل اللوحة . فأحدهم يقترح عليه : ان يرسم قافلة اباعر تحمل عفش الهاربين الاكراد من دموية النظام السابق , تنزل الجبل وتعود بهم لقراهم الآمنة , وبهذا يمكن ان نبلف الاكراد . والآخر يصحح للأول : ان يلبس الشخص الكردي في اللوحة, بالاضافة للشروال عقال وجفية بيضاء , مثل التي يلبسها السيد هادي العامري ليلعب بها السنة . وآخر يسأله : لماذا لاترسم وزير النفط السيد حسين الشهرستاني يجلس على سفح الجبل وبيده ربابة ويغني ( هربجي كرد وعرب رمز النضال ..) وتنتهي المشكلة . والسؤال الكبير للمالكي : كيف سينهي رسم اللوحة ؟ وماذا سيفعل حزب الدعوة في حالة اخراج المالكي من رئاسة الوزراء ؟

من المعروف ان حزب الدعوة هو اقدم حزب سياسي شيعي في العراق , ونشأ عراقياً ( بدون مساعدة ايران ),
وخاض مقاومة باسلة ضد النظام الصدامي , مما اضطر النظام المقبور ان يصدر قراره الشهير : الحكم بالاعدام على كل من انتمى لحزب الدعوة , وبأثر رجعي . ومنح العراق الكثير من الشهداء , وعلى رأسهم الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى رحمهم الله ورحم الشهداء اجمعين . وحزب الدعوة هو الاعرق في امتلاك التراث السياسي الشيعي العراقي , ويمتلك النخبة المثقفة الواعية , وربما لهذا السبب اختلفت الاجتهادات بتوجهات الحزب , وانقسم الى عدة مجاميع سياسية – احدها جماعة المالكي – وآخرين مستقلين .
ويعتقد الكثيرون ان قوة حزب الدعوة الآن هو في حصوله على منصب رئيس الوزراء , بعد ان تم استغلال الساحة الشيعية وفرض النفوذ فيها من قبل المجلس الاعلى , وبصورة اقل - نتيجة التحجيم الاخير - التيار الصدري , اللذين يمتلكان اكبر المليشيات المسلحة , وتوسعهما جاء على حساب مصالح الاطراف السياسية الشيعية الاخرى , وبالذات حزب الدعوة الذي كان الوحيد يمتلك القاعدة الشعبية الشيعية . وما من شك ان التصريحات الاخيرة للسيد عمار الحكيم , ونائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي , وهما من قيادات المجلس الاعلى الذي يقود قائمة "الائتلاف ", في الانتقاص من عمل الحكومة , وتحميلها المسؤولية لوحدها في التعثر الحاصل في كل الاتجاهات , والفشل في تحقيق اي تقدم , يأتي في اطار السعي لاسقاط حكومة المالكي , واستبداله بعادل عبد المهدي من المجلس الاعلى ( الحليف الرئيسي ) للدعوة .

الا ان الأخطر على احتفاظ حزب الدعوة بمنصب رئيس الوزراء ليس هذا , بل التحرك الذي يقوده الدكتور ابراهيم الجعفري الذي يعمل على ايجاد تنظيم جديد يغير فيه المعادلة السياسية الحالية , رغم تأكيد الجعفري المنشور في صحيفة " الحياة " يوم 20080117 الذي يقول فيه : انه لايزال ضمن ( خط ) الدعوة . والجعفري يشعر بالغبن لاخراجه من رئاسة الحزب في المؤتمر الاخير , وانتخاب المالكي بدله , ويعتقد كون المالكي رئيس وزراء , فضل ( المتزلفون ) انتخابه . ويطالب بأجراء مؤتمر موسع واعادة الانتخابات . والاهم, محاولته في العودة لمنصب رئيس الوزراء عن طريق لم بعض الاطراف المتنافرة , التي لايرجى منها التضامن في مسألة اقل بكثير من الاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء . ويعتقد ايضاً , انه بدون الامريكان الذين فرضوا عليه الخروج من الترشيح لهذا المنصب – بعد ان استحقه دستورياً - , يستطيع العودة اليه مرة اخرى , وهذا حلم العصافير , فالكل يعرف ان الصوت الاول هو للامريكان .

امام المالكي فرصة قد لايجود الزمان بمثلها لانقاذ العراق , وانقاذ الحركة الوطنية , وحزبه , وتاريخه الشخصي . فهو امام مسؤولية اسثمار النجاحات الامنية , واتفاق كل الاطراف العراقية المتناحرة , وسلطات الاحتلال , على ضرورة استمراره في رئاسة الحكومة , وتقديم كل الدعم له – ولكن لفترة محدودة – كما قالها نغروبونتي مبعوث الادارة الامريكية . ولاشك ان المشروع الوطني الذي تتحدث به كل الاطراف ( بعضها حقيقي , والآخر للمتاجرة ) هو الوسيلة الوحيدة للخروج من المأزق الذي سقط فيه العراق نتيجة تعمق الصراع الامريكي الايراني , وايقاف تطلعات كل الذين يبغون المتاجرة بالقضية العراقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر