الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شؤون وشجون الجاليات الكردية

صلاح كرميان

2002 / 4 / 26
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



كما هو حال جميع شعوب العالم الثالث التي تنخر كياناتها ازمات سياسية واجتماعية واقتصادية، وتعاني من جراءها حالة التشرذم والتفكك والصراعات والتناحرات التي تؤدي الى الانحراف عن الطريق القويم التي تخدم المصالح والاهداف التي تصبوا اليها في التخلص من المخلفات الاستعمارية وافرازات العولمة الرأسمالية. فان الشعب الكردي يواجه تلك التحديات كذلك، بل هناك ما يميزه عن غيره من الشعوب الاخرى، وهو افتقاده الى كيان سياسي معترف به دوليا، وااقتسام وطنه بين دول تحكمها انظمة عنصرية تمارس بحقه اشد انواع الاساليب لمحو هويته القومية. فمن جراء تلك الاسباب، ازدادت ظاهرة الهجرة بين الاكراد الى دول الجوار ومنها الى اوروبا وامريكا واستراليا فرارا من تلك الاوضاع وخصوصا منذ اوائل الثمانينات من القرن الماضي، مما نجمت عنها تمركز الاكراد في المدن الكبيرة في تلك الدول. بيد ان الجاليات الكردية المتشكلة ورغم ابتعادها عن الساحة السياسية والتأثيرات التي كانت تفرضها الانظمة القمعية والاحزاب السياسية على افرادها في البلدان التي اتوا منها، فانها هي الاخرى تعانى من مشاكل وصراعات تعرقل شؤونها في كافة نواحي الحياة السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية. فبالاضافة الى الصراعات السياسية التي تتواجد على الساحة السياسية في كردستان التي تلقي بظلها الثقيل على الافراد والجماعات، نرى أن هناك امراضا اجتماعية تتفشى بين مجتمعاتها ولها انعكاسات خطيرة على واقع الحالة الكردية الراهنة، فبدلا من التخلص من اعباء الماضي والتوجه بروحية الانسان العصري للتعامل مع الظروف الراهنة ووضع الخلافات السياسية جانبا للتصدي للسياسات اللاانسانية والمذابح التي تعرضت لها الجماهير المقهورة في كردستان والتي قل نظيرها في التاريخ، نرى افرادا يدعوون التقدمية والريادة تبدر منهم تصرفات لاتروق الى مستوى المسؤولية التي يفترض ان يتحملها انسان واع بمجريات الامور وجل اهتمامهم هو الوقوف بوجه المبادرات التي تخدم القضايا الحيوية وطمس ادوار القائمين بها محاولين التقليل من شأنهم. هنا لا احبذ تسمية الاشخاص والجهات التي اقصدها كما يحلو للبعض طعن الاخرين بالاشادة بالاسماء وانما اهدف الى تشخيص تلك الظواهر الغير سليمة. فبينما نرى احد ينصب نفسه بمقام كاتب وشاعر الشعب يصب جهوده التي تتسم بالتباهي بالذات والانانية في معترك القضايا الجانبية بالتشهير والتلفيق باصحاب الاقلام والاراء والجهود التي تحاول جاهدا اصلاح الواقع المزري، نرى اخرا من اقصى اليسار (حسب الادعاء ) يتخبط في مواقفه ولا يجد نفسه قادرا على كبت احباطاته النفسية ولا يتهاون في ابراز دور من هو في اقصى اليمين راضخا لنوايا ذاته الدفينة. وتجدر الاشارة هنا الى ظواهر اخرى تجلب الانتباه ويتطلب التمعن فيها، فيما نرى حضورا منقطع النظير في المناسبات الترفيهية والحفلات الغنائية، نرى هناك عدم اكتراث الغالبية العظمى بالفرص المتاحة امامهم في تلك البلدان لتلقي المعارف والخوض في الدراسات والبحوث وكذلك عدم المبالاة بقضايانا الحيوية وتهرب الكثيرين من الواجب الانساني والاخلاقي الذي يفرض على كل من لديه ادنى احساس بالمسؤولية، المشاركة الفعالة في المناسبات والفعاليات والحلقات الثقافية التي تقام لالقاء الضوء على الظروف الراهنة ولاجل البحث والدراسة في النواحي السياسية والاجتماعية والادبية والفنية لاجل ابراز مواطن الضعف وكشف السلبيات والعقبات التي تحول دون تحقيق اهداف وطموحات شعبنا بدل الانجرار الى امور هامشية وغير مجدية وتوجيه انتقادات هدامة والدخول في مهاترات لاتجدي نفعا. كما هو الحال مع الافراد فان الجماعات السياسية ورغم قلة مناصري توجهاتهم فانهم لايدخرون وسعا في الارتداد عن الشعارات السياسية التي يرفعونها خدمة لمصالحهم الحزبية الضيقة، فبدلا من السعي الى توحيد الصفوف والقيام بالدور المطلوب في التوعية ونشر المفاهيم العصرية التي من شأنها تهيئة الناس للمراحل المقبلة، والتواجد في خندق الجماهير والتعبير عن مطاليبهم و العمل على فضح المذابح والجرائم الوحشية التي مورست بحقهم نرى البعض منهم يغض الطرف عن فضح اسماء مرتكبي تلك الجرائم ، محاولين التنصل من مهامهم واخفاء الحقائق باخفاء
رؤوسهم في الرمال. لقد برزت تلك الظواهر للعيان بشكل واضح اثناء الحملة الشاملة التي بدأت بمناسبة ذكرى قيام حملات الابادة الجماعية ( الانفال ) والقصف الكيمياوي لمدينة حلبجة في كردستان العراق من قبل النظام الشوفيني لصدام حسين عام 1988 لتعريف المجتمع الدولي بخفايا تلك الجرائم بهدف الاعتراف بها دوليا بغية ادانة مرتكبيها حيث شملت الحملة الدول التي تتمركز فيها الجاليات الكردية. فقد حاولت جهات معينة وافراد تلهث وراء مصالحهاالحزبية و اغراضها الذاتية المريضة طمس ادوار القائمين بها غير ابهين بنتائج اساليبهم او لربما تعمدوا في ذلك عن سبق اصرار، فيما حاولت جهات اخرى ركب موج الاعتراضات التي تعم اوساط الجاليات الكردية ضد صمت المجتمع الدولي تجاه تلك الجرائم، فبدرت منهم تحركات تنم عن التصدي لتلك المحاولات الجريئة بهدف انحرافها عن اهداف الحملة الرئيسية واضفاء طابع احتفائي كمجرد احياء ذكرى ليس الاّ. ان هذا الواقع المؤلم يتطلب دراسة جدية من لدن المخلصين لقضايا الجماهير من المثقفين والاكاديميين واصحاب الاقلام الحرة لتوحيد الجهود والسعي لفضح كل من يحاول الانجرار الى صف المتهاودين محاولا زرع الاوهام وخلق العراقيل امام المساعي الخيرة، اننا حقا بحاجة الى صياغة خطاب ثقافي في هذه المرحلة لمعالجة الظواهر الغير سليمة ولقطع الطريق امام من يبررون افعالهم بخلق تبريرات سياسية او يحاولون التصدي للمحاولات الصادقة لايصال صوت الحقيقة الى مسامع العالم بشتى التبريرات والاوهام التي لاتنطلي الا على عدم المصداقية والانتهازية المفضوحة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال