الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة أن أكون في أمان كهذا

ممدوح رزق

2008 / 1 / 21
الادب والفن


المرأة التي تعرّفني بالتجهم
والمشاعر البخيلة
والعيش لنفسي فقط
وتتحاشى النقاش معي في الدين
كي لا تزعجها أفكاري الفاسدة ...
أشقائي الذين يريدونني أن أبقى على قيد الحياة
لأنهم تعبوا من كثرة الموت
ومن الزمن وهو يقلّص أحبابهم
فعرفوا أن الوحدة تدريب جيد على الوداع ...
الأصدقاء الذين يعودون إلى بيوتهم من عندي
بثقوب في أرواحهم
تصلح كأسباب لأن يحبوا أنفسهم أكثر
وللتلصص على برج الإله المعتم
ولتوثيق علاقتهم بالموت ...
الحجرة التي أحاول حمايتها بصور من الماضي
وأغنيات الطفولة
والبكاء على فيلم الكارتون القديم
الذي طُردت منه ...
الكوابيس التي لا أفهم منها شيئا
سوى أن الموتى رسل فاشلون
أو أنه الخوف فحسب
يواصل مهامه
كموظف نشيط
بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية ...
الشتاء
العجوز الطيب الذي أوصى أبنائه قبل موته
بأن يكذبوا عليّ كل سنة
ويخبرونني بأنه لا يزال حيا
حتى أعيش للسنة القادمة ...
السماء التي أتأكد كلما نظرت إليها
أن كل الاحتمالات واردة
بصرف النظر عن المبررات
التي حولت الفراغ الذي تركته في رأسي
إلى مزرعة للجروح
فأصبحت مستعدا للتنازل عن فهمها
مقابل نهاية سعيدة على الأقل ...
الشوارع التي لم تخصص ممرات آمنة
للدوّار
ولضيق التنفس
ولضربات القلب السريعة
وللروح اليتيمة العارية
التي تغني في صمت
حتى لا يسمعها أحد
وكلما تاهت أكثر عن بيتها
الذي تبحث عنه منذ زمن
كلما باعد الغناء بين ذراعيه أكثر
حتى يسمح للأحزان المتزايدة بالدخول في حضنه ...
الجيران المحترمون
الذين يبتسمون لي بمودة
ولا أسمعهم يتشاجرون أبدا
لأنهم نسوا الكلام
وتفرغوا لتجهيز مخابيء متباعدة
حتى لا يسمع أي منهم صرخات الآخر
حفاظا على قيمة التعايش ...
المارة الذين يتلفتون حولهم كثيرا
بذهول
كعميان فاقدي الذاكرة
نسوا من أين جاءوا
وإلى أين يريدون الذهاب
داخل الصندوق الزجاجي الكبير ...
الوجه الذي لم يعد يفيد غسله كل صباح
لأن الطائر المدفون تحته
انقطعت تأوهاته الخافتة منذ فترة
كذلك صوت جناحيه المنهكين وهو يحاول تحريكهما
حينما كان عاجزا عن تصديق
أن الأنقاض نهاية طبيعية
للتحليق في السماء
والتنقل بين الأشجار ...
................................
................................
................................
أنا
الذي تعتبرونني موجودا حقا
صراحة كنت أتمنى هذا
لكنني لسبب لا أعرفه
لم أستطع المجيء
ولسبب آخر
لا أعرفه أيضا
استُبدلت
بشبح آلي
مهمته أن يبحث عني داخل العالم
أو على الأقل يكتشف سر فقداني
في أسرع وقت ممكن
قبل أن تقتنصه إحدى مصابيح النفق المظلم
التي تضيء وتطفيء فجأة
ولا تأخذ بالها من شيء .

* * *
http://mamdouhrizk.blogspot.com/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا


.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟




.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا


.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال




.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا