الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة جنيف : كلما يأس العدو من كسرنا أعادوا له الأمل........

ثائر دوري

2003 / 12 / 4
القضية الفلسطينية


في مشهد بالغ الذكاء في رواية العراب الشهيرة نرى الأب يجلس على طاولة المفاوضات و إلى جانبه ابنه الكبير ، وعلى الطرف الآخرين زعماء عائلات المافيا الأخرى . و كان موضوع المفاوضات هو رغبة عائلات المافيا بالتجارة بالمخدرات بينما العراب يرفض هذا الأمر بشكل قاطع لأنه يعتبرها قاتلة للمجتمع  . يحاولون إقناعه أنهم سيبيعونها للسود و الملونين فقط لكنه يبقى على رفضه . ثم ينبري أحد زعماء عائلات المافيا و يشرح للأب و ابنه ، الذين لا يمكن أن تتم العملية بدون موافقتهما ، الأرباح المالية الضخمة المتوقعة من تجارة المخدرات . في هذه اللحظة يعبر الابن عن دهشته و يسأل مستوثقا :
- غير معقول . كل هذه الأرباح ؟
هنا ينهي الأب المفاوضات و ينسحب مع ابنه . و يقول له و هما خارجان :
- لقد قتلتني .
 لم يستوعب الابن ذلك في البداية . لكن تفسير الأمر أن زعماء عائلات المافيا الآخرين التقطوا هذا الاختلاف بين موقف الأب و الابن من موضوع المخدرات ، فاندهاش الابن  بحجم الأرباح يدل على استعداد لتقبله الأمر بعدما توضحت أبعاده المالية . إذاً الحل بسيط يجب إزاحة الأب ليستلم الابن قيادة عائلة المافيا هذه و عندها ستفاوضون معه و سيوافق . و قد تم هذا لاحقا فحاولوا قتل الأب و اندلعت حرب بين المافيات يصورها الروائي بدقة .
ما يهمنا من هذه القصة هو أنه حين يلاحظ العدو أن هناك خلخلة في صفك و أنك  طرف غير متماسك ، فهناك فريق  يريد الحصول على حقه كاملا غير منقوص و يعتبر الأمر منتهياً و لا يحتاج إلى تفاوض ، وآخرون على استعداد للتنازل عن الحقوق و التفاوض على كل الأمور.
من منطق الأمور في هذه الحالة أن يحاول العدو تصفية الطرف الذي لا يتنازل كي تخلو الساحة للطرف المتساهل الذي يقبل الأخذ و الرد و يعتبر الثوابت و الحقوق موضوع تفاوض .
إن المشاركين في توقيع وثيقة جنيف يتحملون وزر دماء المقاومين التي سيسفكها الكيان الصهيوني  بعد توقيعهم على الوثيقة . فالكيان الصهيوني سيحاول القيام بما يشبه تنظيف الساحة من المقاومين الذين يرفضون التخلي عن الثوابت و حق العودة و القدس لصالح الطرف الآخر الموقع على وثيقة جنيف ، الذي اعتبر كل شيء قابلاً للتفاوض من حق اللاجئين إلى القدس إلى حلم الدولة .
ليس لدي أدنى شك بأن وثيقة جنيف لن ترى النور كغيرها من المحاولات التي تريد الانتقاص من الحلم الفلسطيني ، فتلك السيدة العجوز التي ظهرت على شاشة التلفزيون و أعلنت رفضها للوثيقة و اتهمت موقعيها بالخيانة تكفي وحدها لمنع التفريط بالحقوق . إن شعبنا الفلسطيني قد تفولذ و لم يعد قابلاً للكسر و إن  نضالاته ستدفن هذه الوثيقة كما أفشلت محاولات التفريط السابقة . لكن ما يحزننا موقف هؤلاء المثقفين الذين ما زالوا بأوهامهم و جهلهم و أطماعهم الصغيرة ، و أحياناً بارتباطاتهم المشبوهة . ما زالوا مصرين على إطالة عذابات أمتهم بمناوراتهم و تكتيكاتهم ، التي تجعل العدو كلما يأس من كسر المقاومة ، كما عبر الجنرال يعلون عن ذلك قبل عدة أسابيع ، فأقر باستحالة كسر إرادة الفلسطينيين و دعا إلى تخفيف إجراءات القمع ضدهم . و هذا الأمر يعتبر بالأعراف العسكرية  انسحابا منظماً ،  فقد كانوا يعالون من أشد الإستئصاليين شرسة و قد دعا فيما مضى إلى تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم كي يكفوا عن أحلامهم .  كلما يأس العدو من كسر إرادة المقاومة و هيأ نفسه لتنازلات كبيرة أعادوا له الأمل  ليحاول من جديد عبر القتل و التدمير و القصف في محاولة فاشلة جديدة لكسر إرادة المقاومة . في حين لو أن الإجماع  تم حول خيار المقاومة و على عدم التنازل قيد أنملة فإن الطريق كانت ستكون أقصر . لأن العدو لن يجرب القتل و التدمير من جديد . 
ستفشل وثيقة جنيف لكن بعد جولة جديدة من القتل و القصف و التدمير يمارسها العدو على الأرض . و من سيستشهدون هذه المرة دماءهم في رقبة موقعي هذه الوثيقة

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ