الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن بائع الآيسكريم و جامع القمامة الذي صار زعيما لكوريا الجنوبية – الجزء الثاني

عبدالله المدني

2008 / 1 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


القينا في الجزء الأول من هذا المقال الضؤ على شخصية الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية الذي انتخب مؤخرا، و قلنا أن التاريخ الآسيوي سوف يذكره في عداد الشخصيات العصامية التي وصلت إلى هرم القيادة في بلادها بالعزيمة و الإصرار و الكفاح ، و السؤال الذي لا بد من طرحه و نحن نتحدث عن هكذا شخصية، هو ما هي التحديات التي يواجهها اليوم كزعيم لكوريا الجنوبية؟ و هل ينجح الرجل في هذه التحديات بالطريقة التي نجح فيها أثناء قيادته لشركة هونداي العملاقة في زمن الطفرة الاقتصادية؟

رغم انه من المبكر الإجابة على هذا السؤال، على اعتبار أن فترة المائة يوم الأولى من عهد أي زعيم جديد هي التي تحدد ملامح عهده و طريقة إدارته للملفات الموضوعة أمامه، و هذه لم تبدأ بعد، لأن لي باك ينتظر مراسم التنصيب في 29 يناير الجاري، فانه بشي من التجاوز، و اعتمادا على ما قيل أثناء حملة الرجل الانتخابية، يمكن القول أن أهم التحديات التي تواجههه هي:

أولا: الملف الاقتصادي
تشبه أوضاع كوريا الجنوبية الاقتصادية اليوم إلى حد ما الأوضاع التي واجهت الرئيس الأسبق "كيم داو جونغ" يوم استلامه السلطة في عام 1997 ، و التي دفعت الأخير إلى قرار مر هو استجداء نحو 58 بليون دولار من صندوق النقد الدولي للحيلولة دون انهيار اقتصاد بلاده. قبل هذه الأزمة التي عرفت بالأزمة النقدية الآسيوية، كان معدل النمو السنوي في كوريا الجنوبية هو 8 بالمئة، وهو المعدل الذي وعد الرئيس الجديد شعبه به كبديل للمعدل الراهن الذي يترواح ما بين 4 و 5 بالمئة. و من وعوده الأخرى رفع معدلات الدخل الفردية السنوية من رقمه الحالي و هو 20 ألف دولار إلى 40 ألف دولار، و بالتالي دفع البلاد إلى مرتبة سابع اكبر اقتصاد في العالم، و رغم الجدل المثار حول استنزاف الخزينة العامة للإنفاق على مشروع مكلف هو حفر قناة مائية ما بين العاصمة و ميناء بوسان، و الإنفاق على مشاريع إنشاءات و تنمية حضرية أخرى، فان الرجل مصمم على المضي قدما في تلك المشاريع مؤكدا على ضرورتها للانتعاش الاقتصادي و تغيير وجه البلاد من اجل التكيف مع تحديات العولمة و المنافسة الإقليمية الشرسة.

إلى ما سبق وعد الرئيس شعبه بتخفيف الضرائب و رفع القيود التي وضعها سلفه على ما يسمى "الجابول" - أي جماعات النفوذ القوية في قطاع الأعمال و التي سيطرت على هذا القطاع و تحكمت في أنشطته بالتعاون مع الحكومة تخطيطا و تنفيذا و كانت العمود الفقري لازدهار كوريا الجنوبية منذ الستينات – لجهة تملكها للمصارف أو تحديد نسبة مساهمتها، علما بأن الكثيرين من الكوريين طبقا لأحد استطلاعات الرأي رحبوا بفكرة عودة دور هذه الجماعات انطلاقا من مبدأ أن ما يعنيهم هو الاستقرار و الازدهار الاقتصادي و ليس الجدل العقيم حول الاحتكار و النفوذ و من له السيطرة. و يعتقد المحللون أن بامكان الرئيس الجديد تنفيذ الكثير من وعوده تعويلا على ما يمتلكه من خبرة و رؤى عملية و انحياز لاقتصاد السوق و معرفة بطبيعة عمل "الجابول" في تنفيذ المشاريع بدقة و انضباط.

ثانيا: تأكيد نزاهته و براءته من بعض التهم
في عام 1999 أطلق لي باك عدة شركات للخدمات المالية الالكترونية، من بينها شركة جمعته مع "كيم كيونغ جوون"، رجل الأعمال الأمريكي من اصل كوري المسجون حاليا في سيئول تمهيدا لمحاكمته بتهمة سرقة عشرات الملايين من الدولارات من الكوريين و تحويلها إلى مصارف سويسرية، لكن هذه الشركة الأخيرة أفلست خلال عام واحد، الأمر الذي خسر معه أكثر من 5500 مواطن كل مدخراتهم و استثماراتهم. وهذا بدوره تسبب في تلطيخ السجل النظيف للرئيس الجديد واتهامات له بالتحايل و السرقة. غير أن المدعي العام المركزي برأه من هذه التهم في الثالث من ديسمبر المنصرم، لتعود الاتهامات لتلاحقة في خضم الحملات الانتخابية وليستغل منافسوه الأمر في التشهير به. بل وصل الأمر إلى حد تمرير الجمعية الوطنية لمشروع قرار حول تعيين مدع قضائي خاص للنظر مجددا في تلك القضية التي لا تزال ساخنة و تدور حولها قصص كثيرة وحملات صحفية يقودها اقرب المتنافسين إلى الرئيس المنتخب في سباق الرئاسة الأخير، ألا وهو وزير الوحدة " تشونغ دونغ يونغ" في حكومة الرئيس المغادر/ مرشح الحزب الديمقراطي المتحد الجديد و الذي حصل على نسبة 25 بالمئة من أصوات المقترعين،

ثالثا: العلاقات مع بيونغيانغ و ملف كوريا الشمالية النووي
سوف يكون من الصعب على الرئيس المنتخب التراجع عن سياسات التقارب التي اتبعها سلفه إزاء نظام بيونغيانغ، لكنه ربما عمد إلى تأخير تنفيذ تعهدات بلاده إزاء الأخيرة كوسيلة للضغط، أو ربما تجنب تقديم تعهدات جديدة بالمعونات الاقتصادية و الإنسانية إلى أن يثبت الشماليون فعلا التزاماتهم بتفكيك المنشآت النووية القابعة على مقربة من الخط الحدودي الفاصل ما بين الشمال و الجنوب في مجمع يونغبيون النووي أو على الأقل إثبات جديتهم و تركهم ألاعيبهم الصبيانية و تكتيكاتهم الخبيثة، و ذلك طبقا لوعوده أثناء حملاته الانتخابية و التي قال فيها انه سيعيد النظر في سياسة شروق الشمس التي أطلقها الرئيس الأسبق "كيم داي جونغ" أثناء القمة التاريخية التي جمعته مع نظيره الشمالي "كيم جونغ ايل" في يونيو 2000 بحجة أن سيئول قدمت الكثير لبيونغيانغ مقابل الحصول على القليل جدا أو لا شيء على الإطلاق و ذلك بفضل السياسات المائعة للرئيس المنتهية فترة رئاسته. و رغم هذا فان المراقبين يؤكدون أن الرئيس المنتخب سوف لن يتخذ عمليا أية خطوة تصعيدية مثل التراجع عما اتفق عليه لجهة إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة، أو تشييد مرافئ حديثة لكوريا الشمالية على السواحل الشرقية و الغربية لشبه الجزيرة الكورية، أو تسيير خطوط السكك الحديدية بين شطري كوريا أثناء اولمبياد بكين 2008 ، بل ربما عمد مثلما تسرب إلى وضع خطة شاملة لدمج الشمال في عملية تطبيع و سلام محكمة من خلال إنشاء كيان مؤسساتي يضطلع بوضع تصورات منهجية متفق عليها عبر التفاوض للشئون الاقتصادية و الثقافية و المالية و الرعائية و القانونية و التنموية بين شطري كوريا، وربما هذا و ما سبقه هو ما دفع حكام بيونغيانغ إلى تغيير مواقفهم المعلنة من حزب الرئيس المنتخب، بمعنى الانتقال من سياسة الانتقادات و الاتهامات الحادة له و القول بأن انتخاب لي باك هو بمثابة إعلان حرب و تخريب لكل ما تم بناؤه على صعيد تعزيز الثقة إلى سياسة الصمت المطبق و الاكتفاء بالتفرج



رابعا: الملف الكوري الشمالي لحقوق الإنسان
ينظر الكوريون الجنوبيون إلى هذا الموضوع بأهمية شديدة كون أي انفراج في هذا الملف، معناه الإفراج أو معرفة مصير العديد من مواطنيهم الذين اختطفهم نظام بيونغيانغ و سجنهم في معتقلاته الرهيبة مع آخرين من أيام الحرب الكورية. غير انه رغم تلك الأهمية فان الرئيس المنتخب لم يتحدث عن هذا الملف كثيرا أثناء حملاته الانتخابية ليستدرك لاحقا و يقول انه لو كانت لديه أدنى ثقة بأن الحديث عن الملف سوف يؤدي إلى نتائج عملية لما تأخر، مضيفا بأنه كرئيس جديد لكوريا الجنوبية لن يترك أية مناسبة تمر دون إثارة هذا الملف، و سوف يناقض ما فعله سلفيه "كيم داو جونغ" و "روه مو هيون" من صمت و تخاذل و سياسات مداهنة تجاه بيونغيانغ. وقد رأى البعض في تلك التصريحات تهديدا بإثارة الموضوع في جولات المحادثات السداسية القادمة حول تجميد برامج كوريا الشمالية النووية أو اتخاذ مواقف صلبة عند عرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة، و كانت الأخيرة قد دأبت على مناقشة هذا الموضوع مع تعمد سيئول الامتناع عن التصويت أملا في الحصول عل مقابل أو منعا للتصعيد مع الشماليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال