الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة العراقية..تأملات و أمنيات

نجيب المدفعي

2008 / 1 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حفلت الأيام الأخيرة من عام 2007 بالعديد من المناسبات و العطل مما خلق حراكا اجتماعيا على صعيد التزاور بين الأهل و الأصدقاء. أتحفني أحد زواري بمقارنة طريفة بين فترة حكم عبد الكريم قاسم و الزمن ما بين الإطاحة بنظام صدام و أيامنا الراهنة. استعرض ضيفي منجزات حكومة عبد الكريم قاسم على مدى أربع سنوات و نصف و بضعة أيام، لا بل إنه فاجأني بقيامه بحساب الأيام التي قضاها عبد الكريم قاسم في السلطة و هي 1670 يوما. و أن المدة ما بين التاسع من نيسان 2003 و نهاية العام 2007 بلغت بالأيام 1727. و صار يقارن ما بين الفترتين، و كال المديح لحكومة عبد الكريم قاسم لما قدمته من إنجازات. و عندما أجبته بأن عليه وضع كل من الفترتين في سياقها الزمني و ما رافقها من أحداث و من ثم تقييمها، ردّ علي بأننا لا نريد منجزا جديدا و لكن فلتحافظ الجهة التي تتولى مقادير الأمور على حالة الخدمات التي كنا عندها في التاسع من نيسان مرددا المثل الشعبي (جزنا من العنب و نريد سلتنا).

يبدو أن عبد الكريم قاسم قدم صيغة معينة لشكل الحكومة و مستوى أداءها و صفات الحاكم، صارت تشكل مرجعية تقاس عليها كل الحكومات التي تعاقبت من بعده. و بقدر ما يتمكن متولو السلطة من الاقتراب من الطريقة القاسمية في إدارة شؤون الدولة، كلما زادت شعبيتهم.

ما يـُلاحظ، في زماننا الراهن، على أداء أجهزة الدولة ـ الخدمية بالتحديد ـ هو التراجع بما يمكن وصفه (بلغة الحاسوب) تطاير الذاكرة أو محوها. و هو أمر يمكن ملاحظته في أبسط الخدمات التي تقدمها أمانة بغداد، الشركة العامة للاتصالات، وزارة الكهرباء، وزارة النفط، أو وزارة التجارة. و الأخيرة خير مثال على تطاير الذاكرة الحكومية و محو ما تراكم من خبرة إدارية، على مدى ثلاثة عشر عاما، في مجال الحصة التموينية. فقد يكون مفهوما التلكؤ في تحسين الطاقة الكهربائية أو توفير المشتقات النفطية لما تستلزمه من مشاريع تتطلب وقتا لإنجازها، ولكن ما الذي حصل للدوائر المسؤولة عن استيراد، تخزين، توزيع مواد الحصة التموينية؟ و هي مسائل إدارية بحتة.

يستطيع المراقب لشؤون مختلف دوائر الدولة أن يشخـّص حالة من الارتباك الشديد في أدائها بسبب سيادة مبدأ المحسوبية و المنسوبية، بما يطيح بالخبرات و الكفاءات تحت مختلف التوصيفات و النعوت السياسية و القومية و الطائفية. و صارت عملية محاسبة المقصر مسألة تحتاج إلى تدبّر و حذر شديد من قبل المسؤول حرصا على نفسه وأهله، سيما و أن ربّ ُ عمله ـ أي الدولة ـ غير قادر على حمايته. و هو ما قاد إلى استشراء الفساد بمختلف أشكاله و تحالفه مع العصابات و المسلحين لتحقيق منافع متبادلة. وصار العديد من المسؤولين الحكوميين ضعيفي الأداء و الكفاءة، يعلقون تقصيرهم على شماعة الإرهاب و تركة النظام السابق.

ما يُسجل لحكومة السيد المالكي شجاعتها في طرح السلبيات التي تعتور أداءها، و مثال ذلك ما طرحه السيد رئيس الوزراء في مؤتمر إعادة إعمار البصرة. حيث أشار الرجل إلى معاناة الحكومة من عدم قدرتها على إطلاق مبالغ ضخمة لتنفيذ مشاريع استراتيجية بسبب آفة الفساد الإداري و المالي. و هذا أمر يحسب للحكومة، لأن معالجة العلة تتطلب الشكوى منها و التصريح بها، و من ثم البحث عن سبل للتعامل معها.

و مع هذا فإن مثل هذه التصريحات لا تخلي ساحة السيد المالكي و حكومته من المسؤولية، بل ترتب عليها مسؤوليات جسام تتمثل في العلاج. و أعتقد أن على السيد المالكي أن يضع نصب عينيه أناس، من أمثال ضيفي أعلاه، تتخذ من حكومة عبد الكريم قاسم، و غيرها من حكومات قدمت الكثير لمجتمعاتها، حالة معيارية لمقايسة أداء أي حكومة. نتمنى أن ينجح السيد رئيس الوزراء في تحسين أداء الحكومة إلى المستوى الذي يوازي ـ إن لم نقل ـ يبزّ ُ أداء حكومة عبد الكريم قاسم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا: حسابات روسيا في خاركيف؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يُبعد شويغو من وزارة الدفاع.. تأكيد للفتور بين الحليفي




.. كيف باتت رفح عقدة في العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية؟


.. النازحون من رفح يشكون من انعدام المواصلات أو الارتفاع الكبير




.. معلومات استخباراتية أميركية وإسرائيلية ترجح أن يحيى السنوار