الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتقال مركز أزمات المنطقة من شرق المتوسط

محمد سيد رصاص

2008 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تفصل فترة زمنية قصيرة بين توقيع الرئيس المصري أنور السادات اتفاقيات كامب دافيد(17أيلول1978)وصعود آية الله الخميني للسلطة في طهران(11شباط1979)،حيث شكَل خروج مصر من ساحة الصراع العربي- الإسرائيلي عاملاً مؤدياً إلى(اللاحرب)،بعد أن كانت الحروب العربية- الاسرائيلية(منذ عام1948إلى عام1973)إما قائمة على مبادرة حربية مصرية أساساً(48و73)أوتقوم على استهداف مصر بشكل رئيسي(56و67)،فيما أدى حكم الخميني في ايران إلى نشوء توترات(أخذت طابعاً عسكرياً مع العراق)مع كامل منطقة الخليج العربي،ماجعل مركز الأزمات ينتقل إلى هناك ،بعد أن كان في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ،مع القضية الفلسطينية والصراع العربي-الاسرائيلي،بين تاريخي 15أيار1948و17أيلول1978.
يلاحظ،في هذا الإطار،كيف تحولت الحدود العراقية-الايرانية إلى برميل البارود المشتعل الذي تحركت كامل المنطقة على ايقاعه بين تاريخي22أيلول1980و8آب1988،إلى حدود لايمكن الفصل فيها بين اجتياح لبنان(6حزيران1982)،الذي تم بعد أربعين يوماً من اكتمال انسحاب اسرائيل من سيناء في 25نيسان،والوضع العسكري في الخليج لماانتقلت ايران إلى المبادرة الهجومية في حربها مع العراق في الثلث الأخير من شهر أيار1982،حيث أتت المحاولة الاسرائيلية للتحكم في المنصة اللبنانية تحت ظل وضع عربي استقالت فيه مصر من شؤون آسيا العربية فيما كان ظهر العراق وعرب الخليج إلى الحائط.
هنا،أدت الحرب العراقية-الايرانية إلى وضع القضية الفلسطينية في البراد طوال عقد الثمانينيات،وخاصة لما ترافقت تلك الحرب مع اشتعال الحريق اللبناني مجدداً في فترة مابعد اجتياح صيف 1982.بالمقابل، يلاحظ كيف تحركت عملية محاولة تسوية الصراع العربي-الاسرائيلي منذ(مؤتمر مدريد)،وأيضاً عملية دخول لبنان في"السلم الأهلي"منذ13تشرين أول1990تحت الإشراف السوري،على ايقاع(أزمة الكويت) وحربها،عندما كان ذلك ثمناً لاشتراك الثالوث العربي(الرياض- دمشق- القاهرة)في قوات التحالف الدولي ضد صدام حسين،حيث كان تبريد منطقة الخليج،بعد حرب1991،متلازماً مع انتقال التركيز الدولي إلى شرق المتوسط لإيجاد آليات لتسوية الصراع العربي-الاسرائيلي،الشيء الذي كان مترافقاً مع سياسة(الإحتواء المزدوج)الأميركية لكل من طهران وبغداد طوال عقد التسعينيات ،ولوأن هذه السياسة قد ارتبطت رسمياً وعلناً بإدارة كلينتون منذ عام 1993عبر معلنها مارتن إنديك.
على ايقاع مشابه،كان وصول المفاوضات الاسرائيلية-السورية للفشل في قمة جنيف بين الرئيسين السوري والأميركي(26آذار2000)،وماأعقبها من مبادرة اسرائيل للإنسحاب من جنوب لبنان(25أيار)،ثم وصول مسار(أوسلو)الفلسطيني-الاسرائيلي إلى الحائط المسدود في قمة كامب دافيد(11-25تموز2000)،مؤدياً إلى انقلاب المشهد الشرق الأوسطي الذي كان في مرحلة مابعد حرب1991،حيث لوحظ تركيز إدارة بوش الجديدة على سياسة(العراق أولاً) منذ أشهرها التسعة الأولى،ثم ليتكرس ذلك سياسة رسمية معلنة في مرحلة(مابعد11أيلول2001)،حيث اتجهت الولايات المتحدة إلى "إعادة صياغة المنطقة"عبر"البوابة العراقية"بعد أن "تمَ تصدير اللهب من المنطقة"إلى عاصمتي العالم الاقتصادية والسياسية في ذلك اليوم.
أدى هذا إلى وضع التسوية للصراع العربي-الاسرائيلي جانباً من قبل الإدارة الأميركية،ولوأعطت"حلوى تسكيتية"للعرب،عبر(خارطة الطريق)30نيسان2003،بعد ثلاثة أسابيع من سقوط بغداد،كان من الواضح أن لانية أميركية-اسرائيلية لتنفيذها،فيما كان جلياً أن الحريق العراقي كان هو الغطاء المشهدي الذي أخذ من خلاله رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون ،خلال السنتين اللاحقتين،حرية الحركة لكي يعيد صياغة الكثير من الوقائع مجدداً على أرض الضفة الغربية.
أيضاً ،بشكل أوبآخر،أدى حدث سقوط بغداد إلى انتظام المنطقة على ايقاع مشهد جديد،أصبح فيه ليس فقط مركز الأزمات في الخليج ،وإنما إلى جعل الأزمات الأخرى تدور حول ذلك المركز بعد مجيء الولايات المتحدة بقواتها العسكرية للمنطقة عبر"البوابة العراقية"وتحولها إلى "قوة اقليمية":هنا،لايمكن عزل انفجار الأزمة اللبنانية،منذ القرار15592أيلول2004،عن الصدام الأميركي-السوري حيال الملف العراقي،أثناء الغزو ثم الإحتلال،وماأعقب ذلك من اتجاهات أميركية لتدفيع دمشق ثمن سياستها العراقية في بيروت.كذلك،فإن محاولة ايران فرض نفسها،بعد مكاسبها الكبرى المحصلة عبر الغزوين الأميركيين لأفغانستان والعراق،كقوة اقليمية عظمى على(القطب الواحد)،عبر هجومية عبرت عن نفسها من خلال استئناف برنامج التخصيب النووي الايراني منذ آب2005 بعد قليل من صعود أحمدي نجاد للرئاسة- قد أدت إلى انتظام المنطقة وأزماتها،من كابول إلى شرق المتوسط ،على ايقاع الصراع بين(الدولي)= واشنطنو(الإقليمي)= طهران –دمشق.
في هذا الصدد،لايمكن عزل نشوب (حرب12تموز2006)عن فشل محادثات لاريجاني- سولانا قبل أيام قليلة من ذلك اليوم حول(ملف طهران النووي)،ومحاولة ايران تعزيز أوراقها في المنطقة،وفي المقابل فإن حماسة واشنطن لهذه الحرب منذ أيامها الأولى كانت من أجل تغيير المشهد الشرق الأوسطي الذي كان واضح الإختلال لصالح(الإقليمي)في ظل التعثر الأميركي في العراق،وهو ماأدت هذه الحرب إلى زيادة اختلال توازناته لصالح(الإقليمي)مع فشل اسرائيل فيها.أيضاً،لايمكن فصل(عملية14حزيران2007)،التي قامت بها(حماس)ضد (فتح)في غزة،عن صراع(الإقليمي)و(الدولي)لصالح العوامل الفلسطينية المحضة.
هنا،كانت عودة الإهتمامات الأميركية بتسوية الصراع العربي-الاسرائيلي مربوطة بتجمع الغيوم الأميركية للمجابهة الكبرى مع طهران ،منذ بداية عام2007،واتجاه واشنطن لمحاولة تجفيف ينابيع الإمتداد الايراني في منطقة شرق المتوسط :لايمكن عزل اهتمامها بتحريك المفاوضات السورية-الاسرائيلية عن هدف فك التحالف السوري مع ايران،وأيضاً فإن اتجاهها لتحريك المسار الفلسطيني يدخل في إطار تجفيف ينابيع الإمتدادات الإيرانية في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي غزة،وفي إطار حشد معسكر عربي"ما"في ظل اتجاهها للمجابهة مع طهران،للوصول إلى محاولة الرئيس بوش حسم الصراع بين (الدولي)و(الإقليمي)على كامل منطقة الشرق الأوسط ،التي أصبحت بؤر أزماتها الثلاث المتفجرة،أي العراق ولبنان وفلسطين،تتحرك على ايقاع هذا الصراع،ولوأن(الأزمة العراقية)قد أصبحت مركز الأزمات ومحورها،حيث تحسب واشنطن بأن نجاح مشروعها العراقي،الذي يتضمن تحجيم ايران واحتوائها،سيؤدي إلى وضع الشرق الأوسط ،الممتد من الحدود الأفغانية-الصينية إلى الصحراء الكبرى،تحت قبضتها،بمايعنيه ذلك من السيطرة على مراكز الطاقة العالمية الرئيسية في وجه أوروبا واليابان والصين،وإلى التحكم بمنصة اقليمية واسعة(بعد السيطرة مع تحولات 1989-1991على أوروبة الوسطى والشرقية)تتيح مجالاً لتحقيق الأجندات الأميركية المقبلة حيال الصين والإتحاد الروسي.
================================================










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة