الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى تُثلج صدورنا أيها السيد .. مون ؟

عبد الجبار السعودي

2008 / 1 / 23
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


وأنا أطالع المقالة التي كتبتها أيها السيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حول الوضع في أفغانستان بتأريخ 16-01-2008 وتحت عنوان ( أفغانستان لم تضع ولم تنس ) ، وما تضمنته تلك المقالة الحريصة على ذلك البلد الذي دمرته الحروب الأهلية و ممارسات طالبان الأرهابية والظلامية والغير أنسانية ، حتى تابعت خبراً آخراً حول أستماع إحدى لجان المنظمة الدولية في جنيف لمراقبة حقوق المرأة المنتهكة في المملكة العربية السعودية ، ثم جاءت آخر متابعاتي والتي توقفت عندها كثيراً في التقرير الفصلي الذي أصدرته الأمم المتحدة بتأريخ 14 كانون الثاني الجاري وعن لسان الأمين العام السيد بان كي مون والملزم تقديمه كل ثلاثة أشهر حول الوضع في العراق ، بعد أن قدم تقريره الأول في 15 تشرين الأول من عام 2007.

وأنا أطالع كل ذلك وأتنقل بين الأحرف والسطور والمعاني و الحماس المنقطع النظير لكل تلك الكتابات ومنها مطالعات السيد مون ، لا أشكك كثيراً بما تقوم به الأمم المتحدة عبر لجانها الكثيرة في بقاع كثيرة من العالم وفي مناطق الأحداث الساخنة وما يجري في العراق تحديداً ، فمنذ عملية التغيير السياسي وما تابعها من متغيرات وأحداث متسارعة يدفع ثمنها المواطن العراقي من مختلف الأنتماءات القومية والأثنية ، لا ينقطع سيل التقارير والأخباريات والمشاريع التي ستضطلع بها قريباً المنظمة الأممية وعبر لجانها المنتظرة ، لكن المطالع والمتابع لكل تلك الأعمال الكثيرة الموعود بها ولكل تلك المسؤوليات لابد أن يتوقف عند حقائق ربما تكون غائبة أو قاصرة في أذهان جميع مسؤولي الأمم المتحدة إبتداءاً من أمينها وحتى العامليين التنفيذيين في لجانها المتعددة .

لقد أشار التقرير الذي أشرت اليه والصادر حول الوضع الحالي في العراق الى الأنشطة التي قامت بها الأمم المتحددة والى ملاحظات عامليها المختلفة مما يجري في العراق في مختلف أوجه النشاط السياسيي والأقتصادي والأجتماعي هناك ، وقد فصــّلت تلك الملاحظات التي بلغت 77 فقرة كل الأحداث التي جرت خلال الأشهر الثلاث الماضية ، ولم يستثنى أي مفصل من مفاصل الحياة، إلا وقد تطرق اليه التقرير بشيء من الأيجاز السريع ، مذكراً بالأرقام والبيانات الرسمية حول هذا المرفق أو ذاك ، إلا أنه وللأسف الشديد وفيما يخص الحال المتدهور الذي عليه الأقليات و ما يعانيه أبناءها من قتل و تشريد وأنتهاك و غيرها من الممارسات الغير أنسانية من قبل بعض الجماعات الأجرامية المتطرفة في داخل الوطن ، فهو الذي لم ينصفه ذلك التقرير أنصافاً عادلاً ، بل أنه توقف سريعاً عنده والذي أوجزته الفقرة ( 53) عند ما يلي :

(( لا يزال العنف العشوائي والموجه يحصد أرواح المدنيين ، وإن كان العدد الكلي للهجمات والإصابات المبلغ عنها قد تراجع . وما فتئ أصحاب المهن، بمن فيهم الصحفيون والمحامون وموظفو الصحة والتعليم وموظفو الإدارة العامة، فضلا عن جماعات الأقليات والنساء، يشكلون هدفا ﻟﻤﺠموعات إجرامية مختلفة . وفي أحد أكبر الحوادث وآخرها عهدا، في12 كانون الأول /ديسمبر، أودى هجوم انتحا ر ي بسيارات مفخخة متزامنة في العمار ه بحياة٤٠ شخصا وتسبب في جرح ١٢٥ آ خرين حسب ما ُأبلغ عنه . وعلاوة على ذلك، ُأبلغ عن مقتل حوالي عشر نساء في البصرة، على يد ما يُزعم أﻧﻬم متشددون دينيون يريدون فرض قواعد سلوك أخلاقي صارمة )).

هذا التشخيص الخبري إن صح التعبير ، لايبدو غريباً لأي متابع ولأي مواطن عراقي وهو يستمع يومياً الى ما تبثه وسائل الأعلام المختلفة حول الأوضاع في العراق ، ولا يأتي بالشيء الجديد للمواطن الذي أبتلى ، بل وكره تماماً سماع مثل تلك التقارير دون أن يرى على أرض الواقع ما يعزز الدور الأنساني الكبير الذي يجب أن تقوم به الأمم المتحدة في مختلف الدول المبتلية بالصراعات المحلية .

ولا يمكن بأي حال من الأحوال وأنا أعود الى اللجنة الأممية في جنيف والتي أستدعت وفد المملكة العربية السعودية الى جنيف للسماع منه حول الأنتهاكات الموجهة ضد المرأة هناك ، لا يمكن أن نفصل دور لجان الأمم المتحدة تلك ، سواء كانت في جنيف أو غيرها ، بضرورة التحرك والقيام بمتابعة كل ما يدور من أنتهاكات عديدة وخطيرة تفوق ما يحدث في السعودية أو أفغانستان على سبيل المثال ، فكما يُستدعى ذلك الوفد السعودي ، لابد من تفعيل نفس الأمر بما يجري من أنتهاكات في العراق و تحديداً ضد أبناء الأقليات التي لا تجد لها موطئ أمان لها في أية بقعة من أرض العراق إلا وقد تعرض أبناءها الى مختلف أنواع الأنتهاكات ، وهي المدوّنه لدى السيد الأمين العام للأمم المتحدة ولدى لجانه المتعددة .
لقد سئم أبناء الأقليات ، كغيرهم من مواطني العراق و وسط هذا العجز الحكومي والذي يعكسه تخبط العملية السياسية في بلدهم وأشتداد الصراعات والأستقطابات ، لقد سئموا تماماً من كل ما يجري من حولهم ، وهم يرون أن ، لا الدول التي تحتل بلدهم تستطيع أن توقف مسلسل الدماء والخراب الذي شردهم وشرد الملايين معهم ، ولا الأمم المتحدة ولجانها العديدة التي لا تزال مشغولة في إعادة ولملمة صفوفها لكي تقوم بما يمكنها القيام به . لذا ، فما يقال عن تفعيل دور الأمم المتحدة في العراق ، يجب أن لا يقتصر على تقديم الخدمات ومتابعة الأعمال وغيرها من المهمات ، بل يجب تفعيل دور تلك اللجان المتواجدة في الخارج والتي تتابع التقارير اليومية والشهرية والنظر الى الأولويات المتعلقة بشؤون المهجرين والقاطنين في الدول المجاورة للعراق كالأردن و سوريا ومتابعة النظر في قضاياهم المتعلقة بطلب الهجرة واللجوء ، وقبل كل ذلك متابعة دور السلطات الحكومية العراقية وعبر نفس اللجان ، بما تقوم به من أجراءات لوقف كل ما يسيء لحياة بني البشر و كرامتهم ومعتقداتهم ، وما ينطبق على السلطات في السعودية أو غيرها والتي تـُستدعى لكي تـُساءل ، يجب أن ينطبق على السلطات العراقية العاجزة لحد الآن عن إيقاف أخطر الممارسات التي تجري على مرأى و مسمع قوات الأحتلال و لجان الأمم المتحدة .
وبعد أن عجزنا أيها السيد الأمين من مخاطبة مسؤولي الدولة العراقية ومن يعنيهم أمر وسلامة بني البشر في بلدنا العراق ، أضع أمامك ، وحتى لا نضيع ولا ننسى ، كما ذكرت في مقالتك حول أفغانستان التي أشرت اليها في أعلاه، أضع أمامك ما أكدّ عليه المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في دورته الرابعة عشرة عام 1966 م والتي تنص على :

(( أن لكل ثقافة كرامة وقيمة يجب احترامها والمحافظة عليها وان من حق كل شعب ومن واجبه ان ينمو بثقافته والثقافات الاخرى بما فيها من تنوع خصب ، وما بينها من تباين وتأثير متبادل ، فهي جزء من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعاً )).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله