الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا اكذب ولكن أتجمل

احمد الحناكي

2003 / 12 / 4
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


طلبت من ابني فارس أن يحضر ملابسه الرياضية لان لديه اليوم حصة رياضة. ولكن ابني الذي يدرس الصف الرابع الابتدائي رفض. سالت فلذة كبدي: لماذا يا فارس؟ فأجاب لا أحب الرياضة. ضربت أخماس وأسداس ووجدت له حلا وقلت له اعتقد أن عليك أن تقول للمدرس انك تشعر بالتعب أو انك نسيت. فقال ابني وأعينه البريئة تنطق بالاستهجان أي تريدني أن اكذب ؟  هاه هاه ؟  لا لا. وبصراحة انتابتني عدة مشاعر مابين الخجل من نفسي والشعور بالفخر من نباهة ابني والتزامه الأخلاقي. إلا أنني مع ذلك شعرت حقا بالقلق العميق والحزن الاعمق. إن ابني يجهل ما اعلمه من هذا العالم السخيف ومن هذا المحيط المتلون بالغش والخداع والزيف والتلاعب والفساد. وحقيقة وقعت في حيرة عميقة عن كيفية التصرف   هل اضغط عليه وليكن ما يكون ؟ هل اسكت وكان شيئا لم يكن ؟ مصدر حيرتي كان لأنني أعيش في عالم كبير تأكل فيه السمكة الكبيرة السمكة الصغيرة, الكذب فيه أصبح شطارة والصدق فيه أصبح سذاجة. التحضر فيه أصبح ضعفا والتأدب فيه أصبح جبنا. إن أنا تركت ابني يلتزم بالمثل الجميلة دونما توجيه أو تحوير فمن سيضمن نوعية البشر الذين سيتعامل معهم ؟ في نفس الوقت أجده صعبا على نفسي أن اغرق ابني في جو من الكذب والنفاق والتزلف وغيرها من السلوكيات التي نمارسها أحيانا وخاصة مع مرور السنين التي تجبر الشخص أحيانا على تقديم التنازلات تباعا. ولكن استمراره كذلك وفي ظل تلك الوحوش الفكرية المتزمتة المتطرفة المستعدة لاحتواء كل من لديه الاستعداد للانقياد, أمرا أصعب أيضا على النفس. لو إن أطفالنا يتلقون تعليمات محددة من المنزل ويتلقون نفس هذه التعليمات في المدرسة وكذلك في المجتمع لما وصلت بنا الأمور إلى هذا الحد. أي انه من المخجل أن أرى نفسي في صراع مع نفسي بكيفية التعامل مع أطفالي. في الغرب المسالة محسومة وهناك قيم معينة لو تجرا المعلم على التدخل فيها بالنسبة لتلاميذه لقاده الآباء إلى المحاكم فليس هناك إلا أب واحد, هل هذا ما يحدث لدينا ؟
طبعا, وضعنا مختلف ويستطيع المعلم أن يصنع أشياء كثيرة بعضها له الحق فيه ومعظمها لا حق له فيه لذا ما العمل ؟ يرى البعض أن العلة في المناهج وهذا صحيح نسبيا ولكن التزام المدرس في المنهج أيضا مهم. أما المجتمع فقد أجد حلا صعبا ولكنه يظل حلا وهو احاطة طفلي بسياج من الرقابة المطلوبة حتى يجتاز منطقة الألغام. لا اعرف لماذا تذكرت الفلم المصري ( أنا لا اكذب ولكن أتجمل).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار