الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انسحاق -قصة قصيرة

صفوت فوزى

2008 / 1 / 23
الادب والفن


بين اليقظة والنوم ... ياتيني صوته حاداً مسرسعاً ... يعبث بأدوات المطبخ ... أشم رائحته النفاذة ... رائحة لا تنجاب أبداً معلقة في سحابات رازحة راكدة ... يتمدد ظله الكريه بإتساع المكان كأنما تتولد فيه حياة جديدة ... خبيثة ، وواثقة ... ينتصب أمامي ... قميئاً ... كالحاً ... مراوغاً .... كتلة أعصاب عارية مشدودة مسننة .. تحسست طريقي في الظلام حابساً أنفاسي محاذراً الإصطدام بشيء ينبئه عن مكاني ... رفعت حذائي ... وفي لحظة خاطفة أضئت المصباح ... سكون تام ... لمحته يمرق من أسياخ النافذة هارباً .
من فوق مقعده العالي الدوار ، ووجهه المجدور ذو الأنف المفلطح المعقوف رمقني بنظرة غاضبة ، فيما انتصب علي مكتبه صقر مفرود الجناحين مشرع المخالب ينقض علي فأر صغير ينزوي مرتاعاً أسفل فرع امتصت منه الحياة ... أقف في الحجرة الواسعة وحيداً ... يأتيني صوت الساعة المعلقة فوق الحائط ... أشعر بغربة في بيئة معادية وهو ينفث دخان سيجارته في وجهي :-
- أنت فلان
- أيوة
- مش عيب في سنك ده وتزوغ
- كتبت تصريح
- أنت محول للتحقيق

" علي أطراف أصابعي أنسل من الباب الموارب ... متربصاً يقف هو خلف الباب قابضاً العصا الخيزران ينهال بها عليَّ ...
- روح مطرح ماكنت يا صايع ...
تخرج الكلمات مبتورة ... مشوهة ... مرتعشة ... وغيمة حبلي بالدموع لا تريد أن تنبجس ...

- وكمان بتكتب شعر يا روح أمك ... طب بص لمذاكرتك الأول ... قصاصات صغيرة من ورق أبيض مكتوب بحبر أسود يلقيها في وجهي ... تتناثر شظايا الزجاج المكسور ... يتفتت القلب ... تنكسر الروح ... وتأبي الغيمة الحبلي إلا أن تسقط "
حاصرتني الأسئلة والإتهامات ... كظمت غيظي ... ومضيت .
عاد يعبث بأدوات المطبخ ... متحدياً خرج إلي الصالة ... فرصتي لأقتله ... لحظة واحدة وينتهي كل شيء ... في الضوء الخابي ... لم يكن وحده ... كانوا هناك ... يتمددون باتساع المكان ... يضعون ساقاً فوق ساق ... تبرز ألسنتهم وردية لزجة تلعق الهواء ... ينعكس الضوء علي الشوارب فتبدو كحد الموس ... يتسلقون الحيطان ... يتدلي بعضهم من سلك الكهرباء ... فتحت عيني باتساعهما ... في المرآة الصدئة المعلقة علي الحائط المواجه رأيتني هناك ... شوارب سوداء مستقيمة ... أذنان بارزتان باتساع المرآة ... قشور كالحة تغطي الساقين يبرز منها شعر خشن يطعن المرآة بارزاً للخارج ... في لحظة خاطفة صرخت ... خرج الصوت حاداً مسرسعاً ... وغمرتني رائحة نفاذة كريهة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب