الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزاهة في مركز الاحداثيات

سلمان النقاش

2008 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في حديث اجراه السيد وزير المالية العراقي مع جريدة الحياة اللندنية مؤخرا طالب فيه بضرورة الغاء هيئة النزاهة.. المنظومة الرقابية المناط اليها حسب الدستور المشرع في العراق اليوم مهمة مكافحة الفساد الاداري والمالي في اجهزة الدولة كافة سواء اكانت التنفيذية او التشريعية او القضائية وكذلك الهيئات المستقلة الاخرى معللا ذلك بانها تربك القيادات الادارية والمسؤولين الحكوميين من تنفيذ خططهم وبرامجهم اذ يخشون من اجراءاتها الرقابية ويفضلون عدم الخوض في مشاريع وتعاقدات .
وهيئة النزاهة منظومة رقابية مهنية جديدة على النظام الاداري في العراق استحدثت بعد تغير النمط السياسي والشروع في بناء دولة القانون والمؤسسات ، اذ يفترض هذا النمط درجة عالية من المساهمة الفاعلة لكافة القطاعات البشرية والمادية من خلال بناء قاعدة مشتركة اساسها الشروع في تاهيل هذه القطاعات لاستكمال الحلقات المتصلة لربط المجتمع العراقي في محيط العالم المتمدن وصوره في دولة الرفاه وحقوق الانسان والضمانات الاجتماعية والصحية والثقافية والقضاء على الفقر والتخلف ويتمتع ببيئة خالية من التلوث .
ولاجل الوصول الى هذه الاهداف اجمع 80% من الشعب العراقي على اقرار مسودة دستور يؤسس لنظام ديمقراطي يحدد صلاحية السلطات ويميز مهامها كل حسب دوره في حركة المجتمع ولم يغفل هذا الدستور ان يضع منظومة رقابية تعتمد القانون لرصد بؤر الفساد والهدر والتلاعب في الاموال العامة او استغلال الوظيفة العامة للتربح او الانتفاع الشخصي ، ودورها ايضا في تثقيف وتوعية الجمهور لاهمية المحافظة على المال العام والعمل على تنقية المسالك المؤدية الى انجاز المشاريع واهدافها بالشكل المطلوب .
ووفق هذه الرؤية المفترضة تصبح الرقابة جزءا من حركة التنمية الاجتماعية بتوجهها نحو زيادة الوعي من خلال برامج تربوية وثقافية لبناء قاعدة شعبية تسهم في الجهد الرقابي والاداء العام المنضبط ، وليست سلطة ذات نهج بوليسي قمعي كما هو معمول في الانظمة الشمولية ، وعلى هذا صنفت الهيئات الرقابية على اساس تقني جديد اذ يقوم ديوان الرقابة المالية بتدقيق الحسابات والموازنات والتدقيق في اذونات الصرف وفق ابواب قانونية محددة ومتفق عليها ، ويقوم مكتب المفتش العام بمراقبة الاداء الاداري التنفيذي حسب اللوائح الادارية المعمول بها وتقويم الاداء الوظيفي العام ، اما هيئة النزاهة فقد جاء في مقدمة
قانونها ما يلي :-
"بما ان الفساد افة تصيب الحكومة الصالحة بالهلاك ويبتلي حالة الرخاء والازدهار ، واعترافا بان الشعب العراقي يستحق قادة يتسمون بالنزاهة ويكرسون انفسهم لشفافية الحكم في العراق ، وتاكيدا على ان الحكم الفعال يعتمد على ثقة الشعب العراقي بحكامه ، على ان الفساد يزعزع الثقة تلك ، وتاكيدا على ان الحكم النزيه الشفاف يعزز الرخاء الدائم للشعب العراقي ويشكل لهم وللمجتمع الدولي برهانا على نزاهة الحكام العراقيين ، واشارة الى ان العراق كان منذ زمن طويل يمنع الفساد في الحكم غير ان الفساد كان اعتباطيا ومتقطعا. واعترافا بان المعركة ضد الفساد هي نضال طويل الامد يتطلب تعهدا دائما بتغيير السلوك على جميع اصعدة الحكومة وان بناء قدرة عراقية على محاربة الفساد يساهم في الادارة المدنية تم الاعلان عن انشاء هيئة عراقية معنية بالنزاهة العامة ، تكون جهازا مستقلا مسؤولا عن تنفيذ قوانين مكافحة الفساد معايير والخدمة العامة"
كما جاء في القانون ايضا :-
"ان هيئة النزاهة هي الجهاز الوحيد المخول للاستعانة بالاجراءات الجنائية للبت والفصل في القضايا المتعلقة باساءة التصرف بالمال العام " وفي فقرة اخرى:-
" ان نظام النزاهة هو تسهيل ادارة شؤون الحكم بشفافية ومكافحة الفساد على جميع المستويات "
ويؤكد قانون النزاهة ان الغرض منه هو الحكم النزيه والشفاف بانشاء هيئة مستقلة فعلا لها القدرة على تطبيق قوانين مكافحة الفساد واقتراح تشريعات اضافية عند الضرورة وتبادر بتنفيذ برامج توعية وتثقيف الشعب العراقي الذي من شأنه تقوية المطالبة لايجاد قيادة نزيهة وشفافة تكون مسؤولة وخاضعة للمحاسبة ، وتحث النزاهة القادة العراقيين على الالتزام بالقسم الذي تعهدو به والكشف عن مصالحهم المالية وتقوية السلوك الاخلاقي في تادية الخدمة العامة .
يبدو مما تقدم ان معظم ما يشير اليه قانون النزاهة هو التأكيد على نزاهة الحكم ، وهذا يشمل جميع المستويات في تشكيلات السلطة المنبثقة من عملية سياسية تضم برامج متباينة ورؤى مختلفة.
ومن ثوابت هذه الهيئة وموظفوها ان لا تمارس التمييز اثناء تاديتهم الواجب على اساس الانتماء الديني او الطائفي او العرقي او على اساس الانتساب الى حزب او عقيدة سياسية .
غير ان المخاض السياسي اثناء عملية تشكيل الدولة بعد 9/4/2003 افرز موازنة ذات طابع سلبي اثر كثيرا على جدية تنفيذ البرامج السياسية المعلنة للحكومات المتعاقبة .. انها المحاصصة في شغل المناصب والقيادات الادارية في جميع مستويات اجهزة الحكم.. ولان النزاهة مؤسسة وليدة وذات نهج مستحدث، اتصف عملها باحادية الجانب وهي تؤسس لبناء قواعدها وسط اتساع هوة الفساد المتجذر في الاداء العام منذ ان تشكلت الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي ومع تخلخل النظام الاداري نتيجة فعل المحاصصة وضعف كفاءة بعض القيادات الموجه ادائها حسب متطلبات الصراع والمنافسة السياسية وميل الولاءات في الغالب بعيدا عن الولاء الوطني المنتج ، ونتيجة للارث الثقافي و التربوي البوليسي برز الجانب التحقيقي وكانه الاساس في عمل الهيئة نظرا لحجم وهول مستوى الفساد الذي عم جميع مفاصل الدولة العراقية ، واشر منحني الفساد المرصود من قبل النزاهة الى جميع الوزارات واصبحت هذه الهيئة تمثل مطمحا للكثير من الكتل السياسية المتنافسة لما لها من تأثير دعائي او تشويش مع او ضد هذا او ذاك .
وكما هو شأن التشكيلات الجديدة لادوات الحكم والادارة في العراق الجديد تواجه النزاهة نفس التحديات والعقبات الا انها سوف تظل مطلبا جماهيريا يعزز التوق الجماهيري للخيار الديمقراطي وبناء عراق تنعم اجياله بالخيرات الوافرة على ارضه .
عام 2008 سيكون مكرسا للقضاء على الفساد في جميع دوائر ومؤسسات الدولة ، هذا ما اكده السيد رئيس الوزراء العراقي وان خطة الحكومة قد بدأت بتعيين رئيس لهيئة النزاهة الذي صرح :
" ان من اوليات اجراءته هو مطالبة جميع المكاتب الحكومية بان تقدم حسابات مفصلة عن كيفية استخدام المال العام ، واضاف ان من المهم سد فجوة واسعة بين رواتب المسؤلين ورواتب الموظفين التي تتسم بالضعف واضاف ايضا انه من السابق لاوانه ان يعلن القضاء على الفساد في العراق فهو منتشر في كل مكان في العالم وان من الممكن الحد منه ..
وهذا الجهد بحاجة الى دعم المؤسسات الرقابية من قبل المسؤول والمواطن على حد سواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم