الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقراء الواقع بادوات جديدة - العلاقات العراقية التركية ودور العامل الكردي فيها

سردار عبدالله

2003 / 12 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


تمر هذه المنطقة بفترة تحولات هائلة، مما يضعها ويضع نخبها ( وبالاخص السياسية) امام مفترق طرق هام ومصيري وحاسم. فهي محكومة بواحد من خيارين لا ثالث لهما، وبالتالي لايمكن العبور من هذه المرحلة الا من خلال احدهما، ولايمكن لاية نخبة من هذه النخب ان تتصور اختلاق طريق ثالث الا اذا ارادت ان تخدع نفسها او علي اقل تقدير فهي تحاول بذلك خداع شعوبها.
هذه النخب محكومة اما بالبقاء في بوتقتها المعزولة عن العالم وتخسر المستقبل، واما ان تنطلق من اسر قيودها الايديولوجية والدينية والقومية الضيقة، وتحاول استقراء الواقع بادوات جديدة تواكب روح العصر ومتطلباته، وهي بذلك تمارس السياسة بعقلية خلاقة ومبدعة تمكنها من السير بقفزات هائلة،مما يجعلها تخطو بمجتمعاتها نحو الارتقاء للوصول الي مستوي المجتمعات المتقدمة.
تشكل القضية العراقية الامتحان الاهم والاصعب في هذا المخاض العسير، فهي اجتازت حدودها التقليدية لتضع جميع شعوب المنطقة ونخبها امام مصيرها الذي لامفر منه. من بين هذه الدول علي سبيل المثال تشكل تركيا النموذج الواضح والصارخ علي صحة كلامنا هذا، فهي بالرغم من كل مشاكلها وعزلتها عن بيئتها الاقليمية، لا بل وحتي الدولية، الا انها لا تستطيع الوقوف بعيدا عن المنطقة وتحولاتها الكبيرة. عانت تركيا وخسرت الكثير، وعلي الجانب الآخر ربحت وستربح المزيد جراء تعاملها المقدر عليها مع القضية العراقية، معضلة تركيا الرئيسية هي انها تتعامل مع القضية العراقية من منطلق عزلتها القديمة داخل بوتقة الكمالية المحافظة، وتشكل القضية الكردية عقدتها الكبري في هذا الاطار. ان التحول الهائل الذي طرا علي القضية الكردية في المنطقة لايمكن تجاهلها او عدم وضعها في الحسابات السياسية والاقليمية، من جانب تخلي حزب العمال الكردستاني عن العنف وكذلك اعلن تخليه عن فكرة الانفصال عن تركيا، واوضح بجلاء تمسكه بالطرق السياسية والسلمية لتطوير الديمقراطية في تركيا، علي الجانب الآخر كانت النجاحات الكردية في العراق هاجس تركيا الذي تري من خلاله الالهام لاكرادها في التمرد، علي هذا الجانب ايضا طرا تحول مهم وجوهري، برز من خلال الزيارة الاخيرة لوفد مجلس الحكم الي كل من ايران وتركيا. في هذه الزيارة تراس وفد مجلس الحكم، الزعيم الكردي البارز جلال طالباني وكان بصحبته من ضمن اخوته من كل الوان الطيف العراقي الكردي الزاهي هوشيار زيباري كممثل عن السياسة الخارجية للعراق الجديد. الاهم من كل ذلك هو ان تنائج الزيارة جاءت اكبر مما كان متوقعا فانتقلت العلاقات العراقية التركية من حالة التوتر والشك وسوء الظن الي درجة من الحميمية والصميمية لم تشهدها حتي في عهد نظام صدام البائد. اذن فان مخاوف تركيا حتي وان كانت حقيقية فيما مضي فانها اليوم لاتشكل الا ترددا في الانعتاق من البوتقة القديمة وخوفا من التغيير، فاسباب المخاوف قد طراعليها تغييرات جوهرية هامة وهي بذلك قد انعدمت وما علي النخب التركية الواعية والمتطلعة الي دور اكبر لبلادهم سوي التحلي بمزيد من الواقعية والشجاعة، وخاصة عندما ترتبط استحقاقات مصيرية تركية علي الصعيدين الداخلي والخارجي ولاسيما قضية انضمامها الي الاتحاد الاوروبي بموقفها من القضية الكردية. ان هناك حظوظا واستحقاقات هائلة تنتظر تركيا، وهي لايمكن ان تفوز بها الا اذا تجاوزت بوتقتها البالية وانطلقت بشجاعة وحزم للتفاعل مع المستجدات علي الساحة الاقليمية، وهنالك طريق واحد فقط للعبور الي هذه الاستحاقات الا وهو حل القصية الكردية في تركيا حلا عادلا، والظروف اليوم مؤاتية اكثر من اي وقت آخر ولسوء حظ تركيا فان الزمن ليس في صالحها، فلا يفصلها عن استحقاق الانضمام الي الاتحاد الاوروبي سوي عام واحد فقط، لذا فان عليها ان تسابق الزمن للايفاء بشروط انضمامها الي هذا الاتحاد والا فان سيناريو الشد والجذب بين تركيا والاسرة الاوروبية سيتكرر ربما هذه المرة بصورة اقوي، وستضيع تركيا فرصتها التاريخية الي وقت آخر ستكون قد خسرت المزيد من الفرص والمكاسب.
فيما مضي كان اكراد العراق ــ علي الاقل في نظر تركيا ــ خطرا يهدد بتشكيل دولة كردية في كردستان العراق، وكان حزب العمال الكردستاني يهدد بالانفصال عن تركيا وتأسيس دولة كردستان الكبري، اما اليوم فان كل هذا قد تغير بصورة جوهرية، فما عاد حزب العمال الكردستاني خطرا علي وحدة الجمهورية التركية، وعلي العكس من ذلك فان الحزب الكردي الجديد (مؤتمر شعب كردستان) يمكن ان يصبح قوة فاعلة في حرب تركيا علي الارهاب الذي بات يشكل خطرا لا يستهان به، هذا اذا قامت الدولة التركية بخطوات شجاعة باتجاه حل هذه القضية المزمنة وذلك من خلال صفحة جديدة مع الكل بما فيهم الحزب الجديد (مؤتمر شعب كردستان) الذي اعلن عن تمسكه بوحدة الاراضي التركية وكذلك تخليه عن العنف، علي الجانب الآخر فان اكراد العراق لم يعودوا يشكلون اي خطر علي الامن القومي التركي بل بالعكس من ذلك فان الاكراد يشكلون هذه المرة عنصر التعايش والتوافق مع اخوتهم الاتراك ويخطو العراق الجديد علي ايديهم بقفزات هائلة الي بناء علاقات سياسية واقتصادية قل نظيرها في تاريخ البلدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية


.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف




.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات


.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل متضامنين مع غزة داخل كلية دارتموث