الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(تخيلها حدثت هكذا !!)مسرحية من فصل واحد

مها عبد الكريم

2008 / 1 / 25
الادب والفن


يقف( هو) في مكان قليل الإضاءة في زاوية بعيدة عن وسط المسرح ..مترددا وكأنه يحاول أن يكمل حديث ما
تجلس (هي ) على كرسي في الزاوية البعيدة تلعب بدمية صغيرة

هو: (بصوت متلعثم ) تعرفين البارحة أمضيت وقتا طويلا أفكر في لقاءنا الأخير..هل تريدين أن تعرفي بماذا فكرت
هي: (تستمر باللعب ولا ترد )
هو: اعتقد أن الأمر يهمك كثيرا خصوصا أني أفكر به منذ مدة
هي: (مع بقاءها على نفس الوضع ) تفضل
هو: (وكأنه يتهيأ )منذ مدة..لا لا تتصوري أنها فترة طويلة جدا..أفكر كثيرا في كل الأوقات التي اقضيها مع الآخرين.. حين نفترق طبعا..أظل أفكر في كل الكلام الذي دار بيننا.. كلمة ..كلمة
هي: (دون أن تلتفت إليه أو تتوقف عن اللعب ) كلنا نفعل ذلك
هو:نعم نعم.. نفعل ذلك لكني لا اقصد الآخرين.. أنا قصدت كلامنا نحن حين نلتقي
هي:أحيانا اشعر أن كلامك يحتاج إلى كثير من التوضيح..لا تخف لن تضطر إلى كثير من الشرح لأفهم..(تلتفت إليه بقليل من الاهتمام وعلى وجهها ابتسامة ) أنا بارعة في ذلك
هو: (يبتسم )لا لا اقصد أن أكون مبهما ولن أتركك تبذلين الكثير من الجهد للفهم..حسنا ..هل تتذكرين لقاءنا الأخير قبل هذا اليوم, حين تكلمت عن حياتك..وسمحت لي أن أشاهد البوم صورك..
تعرفين ..اشعر أني رأيت أشياء لم أكن اترك لنفسي الكثير من الحرية لأشاهدها
هي: (مستمرة باللعب) نعم البوم صوري..ما به ؟
هو: لا اقصد انه البوم الصور بالذات ..انه شيء يشبه فكرة راودتنا جميعا..هل فكرت أن تدخلي يوما إلى مكان كنت تتمنين دخوله بغياب صاحبه, تفهمين الأشياء على طريقتك وكأنك تطرحين كل الأسئلة التي تخطر ببالك دون أن تشعري أن ذلك الآخر سيُحرج أو يرفض الإجابة.. تدخلين إلى ركنه الخاص فتقتربين من الزاوية المفضلة لديه ..تنظرين إلى الأشياء التي تركها بعد آخر وجود له هناك ..في البداية بحذر بعدها تغريك ورقة أو دفتر ما بالتقاطه دون أن يكون لك أدنى فكرة عن محتواه..تقلّبين فيه فيشد انتباهك شيء ..كلمات صور ..أو ملاحظة صغيرة في أعلى الورقة تعيدين قراءتها وكان عقلك يرفض أن يقبلها بين مجموعة أفكاره الخاصة بك..لكن التغيير يحدث ..يجبرك على حدوثه وكأنه انقلاب كامل يصيب ذلك الركن ..لن تعود الأشياء بعده إلى مكانها في عقلك
هي: (تتوقف عن اللعب قليلا..تظل ساكتة للحظات وكأنها تتذكر شيء ما) البوم صوري ؟ .. اعتقد انك تقصد البوم صوري أم تقصد زاوية أخرى من البيت ؟..البارحة كنت اقلّب في البوم الصور لا أتذكر إني تركت ورقة ما فيه
هو: لم اقصد ورقة في البوم الصور..اقصد ..أنتِ نعم أنتِ ..بدوت لي مختلفة بعد كل الكلام الذي دار بيننا يوم أمس..فهمت ؟؟
هي:( تبتسم ابتسامة كبيرة وهي تنظر إلى عينية ) نعم..نعم ..أكيد أنا بارعة في ذلك..تعرف !!..كان سيبدو كلامك أكثر وضوحا لو انك قلت لي: افهمي أرجوك..أو ربما كنت تقصد:أتمنى أن لا تفهمي..صح؟ نعم ..نعم ..اعرف انه كذلك. . إنا معروفة بين صديقاتي بسرعة الفهم..دائما يشعرن بالغيرة مني لأني اسبقهن بالفهم..وأنت ماذا ستهديني لأني فهمتها ؟؟
هو:( ينظر إليها بشيء من الشفقة) عزيزتي..عزيزتي ..لم اقصد أن اجعلها صعبة إنا كنت أوضح لك لتصير أسهل للفهم..اعرف أني أبدو مبهما هذه الليلة..وربما اعترفت لك بذلك عند بداية لقاءنا..لحظة ما رأيك أن تسأليني أنتِ..نعم ستصبح أسهل
هي: لا..ليس هناك شيء يستحق قلقك هذا ..كل شيء يبدو واضحا وليس هناك داع للأسئلة
هو: (يتحرك جيئتا وذهابا ..يفرك كفيه وكأنه يحاول أن يجد فكرة ) ثم (بتحفز واضح) تعرفين اعتقد أني اكتشفت توا شيئا جديدا فيك لكني لن اذكره..لأني أحاول أن أجعلك تفهمين ما أريد قوله لك هذه الليلة !!..اعرف أني أحيانا أكلمك وكأنك تعرفين كل ما يدور في رأسي لذا سأعود إلى البداية لتفهمي.. تعرفين أني لم أفكر بهذا الموضوع منذ زمن طويل..اقصد ليس هناك امرأة معينة في حياتي لم اقصد أن أعمم رأي في امرأة ما على جميع النساء لكني بالحقيقة كنت افعل ذلك وطوال الوقت..وأدافع عن رأيي هذا حتى دون أن اشعر..ربما لم تكن هناك امرأة معينة تمتلك الذكاء الكافي لتمنعني من ضمها إلى كل الأخريات التي اعتقد إنهن متشابهات ..وحين اكتشف أنها لن تفعل, اترك لها الطريق مفتوحا لتنظم إلى مجموعة النساء اللاتي اعتقد إنهن على درجة واحدة من السوء والغباء وخبث النوايا..ربما لن اعرف ما الذي دعاني للتخلي عن أفكاري تلك لكني اعرف تماما انك أنت صاحبة تلك الفكرة
هي: (تتوقف عن اللعب بدميتها)(وبلهجة فيها الكثير من الهدوء والتركيز) ما الذي يجعلك تشعر بكل هذا القلق والتردد..أنا سأبقى في مقعدي هذا ولن أتحرك حتى تهدأ وافهم كل شيء ..تكلم بوضوح أكثر ..ما هي تلك الفكرة التي غيرت نظرتك وأنا صاحبتها ؟؟؟
هو: (باهتمام واضح ) تعرفين.. تعرفين ..منذ زمن طويل كنت انظر من خلال هذه النافذة فتخيلت أن هناك امرأة في الحديقة..امرأة من نوع نادر تبدو كأنها ملاك هبط من السماء وأنها ستدخل من هذا الباب لتملأ هذا البيت فرحا ..تخيلتها ستلون جدران هذا البيت بضحكاتها ..ستجبرني على السكوت أمام كلماتها المتناثرة مثل زهور برّية..كنت سأصغي لها إلى الأبد..ستأخذني معها حين تحلق بين النجوم ... لكنها لم تأتي وكأن يدا خفية اختطفت حلمي أو إن كابوسا مرعبا هجم عليه ليبدده..لم انظر بعدها من خلال النافذة لكني أحيانا كنت اسمع رفيف أجنحتها بين الكواكب ..لم انظر من خلال النافذة لأنها لن تكون موجودة لكن لم يخطر لي أنها دخلت من هذا الباب وجلست على هذا الكرسي تنظر ألي بعينيها الهادئتين.. فهمت ؟؟!
هي: (بعد لحظات من الصمت وهي تنظر إلى عينيه ) قلت انك اكتشفت شيئا جديدا فيّ..ما هو.. أريد أن اعرف
هو: اكتشفت انك تشبهينني كثيرا حين تشعرين بالإحراج رغم انك تدّعين الهدوء
هي: لا ليس الأمر كما تظن ربما حاولت أن أتجنب النطق ببعض الكلمات التي قد تزيد قلقك فبدوت كأني مترددة أو محرجه..مازلت اشعر انك تريد أن تقول شيئا ما لم يتضح بعد..ما رأيك لو تحاول ؟...
هو:(بصوت اقل ارتفاعا وكأنه يكلم نفسه) اعتقد أني سأحسد نفسي لقدرتي على جعل الأمور أكثر صعوبة ... (ثم بلهجة أكثر حماسا) يبدو أن ما في راسي معقد جدا نسبة إلى أفكارك الجميلة الهادئة ..ربما لم أتعلم مثلك أن أتكلم بوضوح وبساطة..ربما سأحاول تعلم ذلك خصوصا معك..أو حتى مع الآخرين لأني لم اعد أريد أن أبعدهم عن نطاق حياتي كما كنت افعل..
لطالما افترضت أني سأكتشف فيهم نفس الأشياء التي أراها دائما ..المارد الشيطاني الذي يسكنني كان يجيد فتح الباب لهم بوجه تملئه البراءة ليهيأ لهم مقعدا وثيرا يشعرهم بالأمان وبلسان معسول يقنعهم أن يفتحوا خزائن إسرارهم ..ليخرجوا منها نقاط خوفهم وضعفهم ..يجمعها بحذر وهدوء ليصنع منها صورة قبيحة لهم..ويمسك الريشة ليلطخ كل شيء بالأسود..ويضحك في النهاية ضحكته الهسترية الشامتة مني.... (صمت للحظات )

أنتِ..أنتِ فقط تغلبت على هذا الشيطان البائس ..لقد دفعتي به إلى أقصى الزاوية البعيدة وجعلتِه يصغر وكأنه سيضمحل في النهاية......هل تعتقدين أني كنت واضحا بما فيه الكفاية ؟؟؟
هي: (توقفت عن الحركة تماما تنظر إليه بجمود)ثم (بعد لحظات من الصمت ) لا ليس بدرجة كافية..أفضل ولكن ليس كفاية ..استمر ...
هو: (يكلم نفسه من جديد ) يا الله لماذا تبدو الأمور معقدة هكذا..(مرة أخرى بصوت هادئ) اعتقد أني أحملك أعباء عباراتي المعقدة الثقيلة ..ربما لا تريدين الدخول إلى عالمي المليء بالرموز والإلغاز المحيرة..وحتى انا لا أريدك أن تواجهي المارد المرعب الذي يسكنني ..ربما أنا خائف أكثر منك من مواجهة هذا المارد الذي لا محالة سينقلب ضدي ..
هي: ليس عندي ما أخافه..ولا اعتقد أن عندك ما تخاف منه...
هو : ( يعلو وجهه فرح واضح ويبدو كأنه سيركض باتجاهها ) هذا يعني... يعني .........
هي:(تسرع لمقاطعته بوجه تعلوه ابتسامه بينما تعود إلى اللعب بدميتها من جديد) يعني أني لست خائفة من إعادة محاولة فهم عباراتك من جديد..(من مين خايفين) ..هيا حاول من جديد ....
هو: (ينظر إليها للحظات ثم يتجه إلى النافذة لينظر خلفها بصمت وشرود بينما يأتي من بعيد صوت فيروز...)
( من مييييييييييييييين .. آآآآآآآآآآآآآه)

انتهت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي