الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رنا جعفر ياسين .. من البكاء على الحجر الى اسطرة الخراب بمسامير الذاكرة

رشا فاضل

2008 / 1 / 26
الادب والفن


بين ضفتين .. الخراب ذاته يتلبس القصائد .. اللوعة المحمومة وهي تهذي بأسم البلاد .. وتردد بحزن الاحلام العجاف اغاني الاطفال .. وتطرق الابواب باصابع الامنيات ..
بين ديوانين تنتصب النصال في قلب الوطن .. فتسيح القصيدة من ثقوب النسيان لترسم في مداد البياض الشاسع هذه الحمرة الداكنة التي حملت قبل عام اسم ) طفولة تبكي على حجر) .. وهاهي نفسها ترتدي جسدا اخر يحمل هذا البكاء في مساماته ليكون : (مسامير في الذاكرة )
وبين الوجعين .. ترتسم الغربة ذاتها .. ويبدو الخلاص شبيها بالعنقاء ..تطارده في الحلم والصحو .. وكلما توهمت بالامساك به تفتح ايديها على حفنة من اوجاع اخرى ..
ربما لهذا نجد ان اللوعة ذاتها تتكرر في المنجزين الشعريين المذكورين للشاعرة رنا جعفر ياسين ، التي ترتل اناشيدها في وجه ليل لم تقاطع ظلمته الشمس حتى بعد اعتناق الرحيل لمدن الشمس ..

انها ذات الشاعرة التي تحمل ظلمة البلاد حيثما حلت :

أما آنَ للموتِ أن ينجلي ؟
و للظلام ِ أن يخلِط َالنجومَ بملح ٍ وخرز ؟

أما آنَ للهِ أن يخضَّ السماءَ ؟
فترسلَ وطنا ً يذيبُ بقايا الدم ِ الجامدِ فوقَ الجباه

قتالاً .. أيها النائمونَ تحتَ الشوارع
قتالاً .. أيها المُعلـََّبونَ في توابيتِ الهوية
قتالاً .. أيها الميِّتونَ فوقَ الرطوبة
و صحواً ..
صحوا ً..
أيها الحاضرونَ في مواقدِ الهلاك .

يرتفع الغضب في صدر السماء حتى يصل الى الاحتجاج مناديا بوطن جديد .. بفجرعاجل يفتح للحلم نافذة اخيرة لاتفوح منها رائحة الدماء ورطوبة الاجساد التي فقدت ملامحها وهويتها ..
اتسائل وانا اعبر القصائد عما اذا كانت الصفحات اللاحقة تخبيء لي قصيدة بيضاء برائحة الشمس ..
لكن املي يتضائل كلما عبرت كثبان جثث تعلوها القصائد ...
ثمة طفلة مطاردة بالعراء ..
ثمة صوت لايعرف ان يعزف سوى الانين ...وانين تحنو عليه الاوراق الذابلة والعصافير التي فقدت اعشاشها .. والموتى المؤجلين حتى اعلان اخر ..
ثمة طفلة لم تعد تعرف كيف ترتل اناشيد عباد الشمس لانها كلما ادارت وجهها للصبح ... باغتها الليل ..

امرأة ٌ ..
جئتُ على طول ِ الهزائم
مُضرَّجة ً
بحشرجةِ الزناد
أنزوي في طقس ِ أحلام ٍ و صمت ٍ
لو أطيشُ برعبهِ
لعمَّدني الخرابُ بوردةٍ
نبتت على حلم ِ البلاد
إذ لا مكانَ إلا للقذائفِ
أساءَني لحمٌ تناثرَ فوقَ ضوئي
حينَ أضرمتُ المسيرَ
فارتديتُ قـُبـَيلَ الانفجار ِ
وشاية

لهذا كانت حروفها مضرجة بالرماد ..
لهذا هجرتها الاغنيات والفرح الافتراضي الذي كان يتراقص فوق ربيع اعوامها التي اختصرت الزمن وعبرت الفصل الاول من ربيع ازهر فيه حرفها.. الى الفصل الاخير في خريف تحول الحرف فيه الى زناد .. والكتابة الى مقصلة اخرى

بأناقة ٍ, أجهشُ بالحرمان ِ
أنقضُّ على خطوي
وأكبُرُ
ما أفعلُ بالأنقاض ِفي عَتمةِ قلبي ؟؟
فالحبُّ كأطفال ٍ غرقى
لهم أنين ٌ كالنبوءةِ
يكتبونَ
يؤرشفونَ خرابهم طيّا ً لأصداءِ الرصاص
يكبُرونَ
وقلبي برغم ِ أشلاءِ الكآبةِ فيهِ
أيضا ًيكبَُرُ


صوت الرصاص يعلو من جديد ..
وعند كل رصاصة وجه يرحل من الذاكرة .. نحو القلب ..
وتبقى الطفلة تجهش باصابعها المحروقة وتكبر بالاسئلة :

رأسٌ بلا جُثـَّة
جسدٌ بلا رأس
قلبٌ بلا مأوى
مأوى بلا أطفال

يااااااااااااه

أنا أكبُرُ على قيدِ اللحظةِ
وهم يُصلـَبونَ على قيدِ الموت
والفاجعة ًُ..
تـُرجفُ حصَّالة َ الأرض ِ
و هي تضيقُ بالأجساد , تخنـُقـُها الأسئلة .

لايتغير المشهد ..
الغربة ذاتها .. منذ الدمعة الاولى المختومة في قلب الحجر ..وحتى المسمار الاخير وهو يدق بجسده في رحم ذاكرة تغص بالاشلاء
.. صورة البلاد التي تمنح ابنائها تأشيرة اغتراب ابدي حتى وانت في قلب الوطن ..
هذا ماقالته الطفلة ذات الاصابع المحروقة حين حاولت رسم وجه الشمس فاكتوت بلهبها ..
وهذا ما التقطته الذاكرة لوجه وطن كلما اوغل في النسيان .. اوغلت في التشبث برائحته المعتقة في الكتب المدرسية .. واقلام الرصاص ...
واذيال وهم كبير بالحرية المستحيلة :

يتصاعدُ الدخانُ
ينتصبُ الرصاصُ
و يغادرُ الشعبُ قبورَ الأرض ِ
عفوا ً..
قصدتُ قبورَ الوطن ِ المسفوح ِ بالتحرير !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خالد النبوي: فيلم أهل الكهف يستحق الوقت الذي استغرقه بسبب ال


.. أنا والست والجيران?? علاقة ممتعة بين مزاج صلاح عبدالله وصوت




.. كل الزوايا - الفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي يوضح استع


.. كل الزوايا - هل الاقبال على المسرح بيكون كبير ولا متوسط؟ الف




.. كل الزوايا - بأسعار رمزية .. سينما الشعب تعرض 4 أفلام في موس