الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علمانية , ليبرالية , ديمقراطية , والحصيلة ماذا ؟!(3-4)

نصر حسن

2008 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من التناقض بين الواقع ومستوى فهم ومفاهيم النخبة السورية أحزاباً وأفراداً وتشكيلاتاً ثقافية وسياسية , نتج شبه إطار فكري ثقافي سياسي هجين أفرز الطائفية السياسية التي مثلت الاستبداد بأبشع أشكاله , أطبق بفرديته وجهله وتخلفة وفساده على حياة المجتمع , وأفرغه من كل محتواه الثقافي والوطني , وفككه وأدخله في أنفاق ونفاق التشكيلات السياسية اللفظية الزائفة التي تخدمه وتصب بالمحصلة في طاحونته القمعية , والحال كذلك انحشرت قوى التغيير على اختلاف تسمياتها العلمانية والليبرالية والديمقراطية في دائرته,وهذا ينطبق على القوى القومية واليسارية والإسلامية التي استثناها الاستبداد بقدر مروع من القمع والعنف والإقصاء والتشريد .
والحال هذا يستدعي عملية غربلة المفاهيم والأفكار في وعي وعقول وممارسات النخبة ومعرفة حجم تقاطعها مع واقع المجتمع وتكبيره وتطويره بحوار عقلاني نقدي صريح وجريء , وتبني ما هو مطلوب وليس ما هو مرغوب من الصيغ والمفاهيم بنظرة جديدة عصرية شاملة , لمعرفة العلاقة بين المفاهيم الفكرية والسياسية وربطها مع بعضها ومطابقتها مع الواقع والبدء في تحديد الطريق الجديد, فالمفاهيم ليست أحادية الرمز بل هي سلسلة من المتغيرات التي تعكس العلاقات المعرفية والاجتماعية والاقتصادية المتغيرة والمتشابكة التي تربط المجموع الاجتماعي في حاضنة حقوقية سياسية هي الدولة ,الدولة الغائبة كلياً في حياة الشعب السوري.
ومقدمة حل الإشكال هي الخروج من أصولية الإديولوجيا المسلحة بالوهم والتعصب ونفي الآخر ,إلى فضاء الفكر الحر المتصف بالواقعية والعقلانية والتسامح ,ومن حدود الصياغات النظرية الجزئية الضيقة التي تعبر عن مصالح فئوية أو طبقية أو أهلية ,إلى رحابة المجتمع وروابطه الوطنية وثقافة المواطنة , ومن أحادية النظرة المحدبة أو المقعرة إلى المجتمع وعلاقاته, إلى النظرة الواقعية المستوية , وتجاوز الحول في الرؤية والفكر , ورؤية واقع المجتمع على حقيقته, وبالتالي يصبح الهدف واضحاً بأبعاده الفعلية , عندها ننتقل من الوهم النظري إلى حركية الواقع الاجتماعي ومحدداته الحقوقية , وعندها أيضاً يتحول الأفراد من " رعاع وعبيد" إلى مواطنين أحرار لهم قيمة وكرامة إنسانية ودور في المجتمع .
من هنا نرى أن العلمانية ومشتقاتها والليبرالية وملحقاتها والديمقراطية ومتطلباتها, هي مترابطة مع بعضها في الواقع الاجتماعي والسياسي , والحاجة إلى إعطاء دور أكبر لأي منها يقرره الواقع والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية وشكل الدولة وفاعليتها في حياة المجتمع, رغم أن التجارب التي مرت فيها تلك المفاهيم في التطبيق العملي عكست عليها آلياتها وخاصةً في " شرق " مركزي مطلق مقيد لكل فعل ونشاط وممارسة اجتماعية وسياسية ,هتك الديمقراطية وغيبها وهجنها ,و" غرب " يستند على الليبرالية ونسبياً في كل شيء ويعمل بالديمقراطية التي توفر له الحماية من السيطرة السياسية والاقتصادية على حد سواء, وعليه هي مفاهيم متحركة ومرتبطة مع تطور المجتمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتأخذ أطواراً تعكسها مجمل علاقاته الداخلية والخارجية المتغيرة .
واستطراداً إن المفاهيم في الوسط الفكري والسياسي والثقافي السوري والعربي , تعاني من تجزيء أشبه بتكسير بنيوي هيكلي لها , مصدره ضعف عقلي ثقافي سياسي حقوقي أنتج بدوره وعي مشوه قاصر عن فهم جدلية العلاقة بين أسس تكوين المجتمع وتناقضاته الحقيقية وعلاقاته الداخلية من جهة , وخلط ولغط مفاهيمي فضفاض من جهة أخرى ,أنتج غياب النظرة الكلية الجدلية للتطور السياسي الاجتماعي التاريخي ,وأدى مرحلياً إلى الفشل في تحديد حوامله الأساسية في سورية والعالم العربي, وأوضح سماته هو الإخفاق في محاولة التصدي لأنظمة سياسية شمولية مطبقة على عقل الشعب وأوهنت عقل وفكر وإرادة المجتمع وهو بيت القصيد, فمن هو الشاعر الذي سينظم معلقة الحرية في سورية ؟!.....يتبع
د.نصر حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب