الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرآية المعضلة

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2008 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيراً وليس آخراً أتفق البرلمانيون العراقيون على رآية جديدة للعراق بوصفه قد تحرر من النظام الدكتاتور الذي جثم على الشعب والوطن لسنوات طويلة مستبدلاً علم الجمهورية العراقية الذي وضعه الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم أبان ثورة 14 تموز عام 1958 ، بعد أن أختار شعاراً من عمق التاريخ العراقي الممتد الى آلاف السنين ، ولكن قبل أن يبتدأ العمل بالعلم أستدعى قاسم العلامة ( طه باقر) ليستشيره بهذا الشعار وهذا العلم ، وكان طه باقر قد بدا عليه الانبهار لاختيار عبد الكريم قاسم لهذا الشعار السومري والذي يمثل غالبية الشعوب والاقوام التي عاشت وتعيش داخل العراق منذ القدم ، وبدأ العمل بهذا العلم كأول علم للجمهورية العراقية التي أزاحة النظام الملكي آنذاك .

وجاء الأنقلابيون البعثيون عام 1963 وغيروا علم الجمهورية الى علم الوحدة العربية ما بين سوريا والعراق ومصر بعد الاتفاق على الوحدة التي فشلت في حينها ، ومن ثم جاء صدام حسين ليخط عبارة الله أكبر بدمه بعد هزيمته الكبرى في حرب الخليج الثانية ، كان ذلك في العام 1991 .

وبعد سقوط النظام أستبشرنا بعراق جديد يشرع أبناءه لتخطيط حضاري جديد ، إلا أن الصدمة كانت كبيرة بمن أنتخبهم الشعب ! وقد عجزوا من أن يصمموا علماً للعراق طيلة أربع سنوات ، منشغلين بالسرقات والسجالات والمناصب والادوار وتشكيل الحكومات وغيرها الكثير ، بينما عاش الشعب خلال هذه السنوات تحت طائلة الارهاب التي ضربت المجتمع العراقي بعمق وبقوة ، فيما وصل الحال الى أسوأ التوقعات خاصة في القتل والموت المجاني الذي نال من العراقيين ،..

وحين أستعاد الشعب العراقي من غفوته وخداعه بساسته الجدد خفت وتيرة الاحتقانات الطائفية التي زجوا بها مكرهين ، بعد تدخلات أحزاب ودول اقليمية هدفها زعزعت الاوضاع في العراق ، وما أن استقر الأمن في الشهور الاخيرة بشكل نسبي وهو بادرة خير كبيرة على العراقيين ، فيما تلفظ أنفاسها الاخيرة الزمر الارهابية التي عاثت بالبلاد الخراب والدمار وأصبحت تطارد من مدينة الى أخرى .

وتتكبد الخسائر الفادحة بالارواح التي تعلنها شاشات التلفزة في كل يوم مع أضمحلال العمليات الارهابية ، وقد اعلنت الحكومة العراقية ان هذا العام 2008 سيكون عام الاعمار والبناء للعراق ، فبدلاً من أعلان البرلمان العراقي عن البدأ بأعمار البلاد وثمة العديد من الاولويات التي من شأنها ان ترفع من كاهل المواطن العراقي المغلوب على امره ، فاجئنا البرلمان العراقي بقراره تغيير العلم العراقي بطريقة أقل ما يقال عنها غبية ، نابعة من أناس فعلا متخلفين بطريقة لا تصدق ! فالتغيير جاء بحذف النجوم الثلاثة فقط ! وتغيير عبارة الله أكبر الى الخط الكوفي ! بينما بصمات صدام حسين مازالت ماثلة داخل العلم ألا وهي عبارة الله أكبر !!

والمضحك بالامر الموافقة الفورية للسيد مسعود البرزاني على تعديل العلم وقد أمر برفعه في أقليم كردستان العراق !!

بينما البرزاني كان دائماً يقول أن هذا العلم قد قتل الشعب الكردي في ضل رايته ، ولعل الطامة الكبرى في هذه الراية الجديدة أنها ستكون لمدة عام واحد !!

ولسوف يقروا علماً جديداً للعراق بعد أن ينتهي هذا العام ، الامر الذي سيحدثوا أنشراخاً كبيراً داخل المجتمع العراقي ولا أحد يعرف أية رآية سيحمل !! هل سنحمل رآية عبد الكريم قاسم أم رآيات البعثية التي تعددت الى ثلاث ، في 63 ، و91 ، و2008 !!!

أن عصابات الاحزاب العراقية التي أستبدلت علم الطاغية بذاته هي غير قادرة أن تطلي شارعاً داخل العاصمة بغداد أو في محافظات العراق الاخرى ، وهي عاجزة من تقديم اية خدمات الى شعب الرافديين ، الامر الذي كشف عهرهم وبانت أرصدتهم في البنوك الاوربية من واردات النفط العراقي !!

العراق بلد الأدب والفن ، كيف يعجز من رسم رآيته الجديدة ، فلو اقيمت مسابقة للفنانين العراقيين لتصميم علم العراق ، ولكن بأشراف لجنة تتكون من فناني العراق الكبار ، لاستطاعوا أن يقدموا العديد من النماذج والتصاميم التي تدلل على مكونات الشعب العراقي وبشكل فني بارع ، إلا أن العمائم المزيفة والكروش المنتفخة التي تجلس داخل البرلمان العراقي حالت دون ذلك ، وقد خرج صدام منتصراً عليهم في علمه مرة أخرى بعد أن أستبدل عام 2004 وفشلت حكومة مجلس الحكم الذي شكله بريمر برفع علمها الجديد الذي كان قريباً للعلم الاسرائيلي !!

لا خير ببرلمان لا يستطيع أن يصمم علماً لبلد عملاق مثل العراق وستبقى رآيته هي المعضلة عند البرلمانيين !!!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين