الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالف -مدنيون- وتجربة جبهة الاتحاد الوطني لعام 1957، دروس تتحدى الزمن والتطورات العالمية والوطنية

سعاد خيري

2008 / 1 / 27
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية  تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع 


عقدت جبهة الاتحاد الوطني قبل نصف قرن وفي ظروف عالمية وعربية ووطنية مرحلية مختلفة وجاءت ثمرة جهود دؤبة للحزب الشيوعي العراقي من اجل تشكيل الجبهة الوطنية، منطلقا من ادراكه لاهمية توحيد القوى الوطنية رافعا شعار "الجبهة الوطنية الفعالة" باعتبارها الطريق الوحيد لكل شعب يروم الاستقلال اواستكماله، الطريق الذي تدل عليه ليس تجارب شعبنا فقط بل تجارب الكثير من دول العالم، فضلا عن انها السبيل الوحيد لاحباط مؤامرات الاستعمار التي كان الشعب العراقي ينؤ باثقالها . فقد جاء انعقاد الجبهة اثر فشل انتفاضة شعبنا في تشرين/ 1956 لدعم مصر ضد العدوان الثلاثي والاساليب الوحشية التي قمعت بها. ولكن الانتصار الذي حققته مصر على العدوان الثلاثي الهب حماس الجماهير ودفعها الى رص الصفوف والعمل النشيط لتصفية السيطرة الاستعمارية. وكان للموقف السوفيتي ولاسيما انذاره التاريخي للامبريالية العالمية واستعداده للدفاع عن الشعب المصري اثره في تعزيز ثقة شعبنا بقدرته على تحقيق النصر استنادا الى الدعم العالمي ولاسيما من قبل الاتحاد السوفيتي. فارغمت الجماهير القوى السياسية المترددة على عقد الجبهة ، واصدرت اللجنة العليا لجبهة الاتحاد الوطني في 9/اذار/1957بيانها الاول الذي تضمن الاهداف التي اجمعت عليها القوى الوطنية والتي ساهم الحزب الشيوعي في بلورتها من خلال النضال الجماهيري والكفاح الفكري والسياسي وهي :
1-تنحية وزارة نوري السعيد وحل المجلس النيابي
2- الخروج من حلف بغداد وتوحيد سياسة العراق مع سياسة البلاد العربية المتحررة
3- مقاومة التدخل الاستعماري بشتى اشكاله ومصادره وانتهاج سياسة عربية مستقلة اساسها الحياد الايجابي
4- اطلاق الحريات الدستورية
5- الغاء الادارة العرفية واطلاق سراح السجناء والمعتقلين والموقوفين السياسيين واعادة المعلمين والموظفين والمستخدمين والطلاب المفصولين لاسباب سياسية .
وهكذا استطاع الحزب الشيوعي والقوى الوطنية في ذلك الحين تحديد العدو الرئيس والهدف الرئيس: فجاء الخروج من حلف بغداد في مقدمة اهداف الجبهة لان هذا الحلف العدواني العسكري جسد بميثاقه وقواعده العسكرية الهيمنة الامبريالية على بلادنا في تلك المرحلة وجعلها منطلقا للعدوان على الدول العربية والمجاورة وتهديدا للسلم العالمي ودعى لمقاومة التدخل الاستعماري بشتى اشكاله .
وندد البيان بمبدأ ايزنهاور باعتباره شكلا من اشكال السيطرة الاستعمارية لانه جاء لسد الفراغ الناجم عن هزيمة حلفائه في عدوانهم على مصر من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية والدعم بالقوة المسلحة لتستنهض همم العملاء وقوى الرجعية واعلنت انضمامها للجنة العسكرية لحلف بغداد لتقوية مواقع الحلف وحقيقته كاداة لمكافحة حركة التحرر الوطني العربية ومرتكز لسياستها العدوانية .
لم يكن الوضع في العراق آنذاك يختلف كثيرا عما يعانيه اليوم اذ لم يترك الحكم العميل شيئا في البلاد الا ووضعه تحت تصرف الاستراتيجية الامريكية بموجب الحلف والاتفاق الخاص مع بريطانيا واتفاقية الامن المتبادل مع امريكا الشبيهة باتفاقية الامن المتبادل التي وقعها المالكي قبل ايام. ولخصت اتحاد الشعب اوضاع شعبنا في تلك الفترة بهذا النص:"بلاد عامرة بالخيرات وثروات تنهب وشعب باسره يعيش في الحرمان والجهل والمرض والشقاء .. ملايين الفلاحين يعيشون عيشة لا تليق بالانسان وسط المستنقعات والاوحال والذباب ، مئات الالوف من العمال يركضون وراء لقمة العيش فلا يجدونها ووراء المأوى ولا يظفرون به ..دماء الشعب تستنزف بلا رحمة واموال الامة تذهب الى خزائن الشركات الاحتكارية الاجنبية ..وحفنة من اللصوص والمتحكمين ينعمون ويثرون وامة بأسرها تتمرغ في حمأة العبودية والشقاء"
الا ينطبق كل هذا ويزيد على اوضاع شعبنا اليوم، بل اضافت الامبريالية الامريكية اليوم الى وسائل استعبادها لشعبنا اساليب وادوات جديدة ومنها فرض الاحتلال المباشر واستخدام اسلحة الدمار الشامل والابادة الجماعية وفرق الارهاب واساليب القتل المرعبة والحرمان من فرص العمل ومن النفط والكهرباء. فكان الاجدر اليوم ان يتصدر هدف تحرير الوطن من الاحتلال، اهداف تحالف المدنيين لكي يستحقوا دعم الجماهير المنطلقة، بعد كل اخطاء الماضي والحاضر.
ضمت جبهة الاتحاد الوطني تقريبا نفس مكونات تحالف مدنيون من : الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي في مطلع تاسيسه باهدافه التي كانت تطابق اهداف حركة الاشتراكين العرب والحزب الوطني الديموقراطي وحزب الاستقلال مع عناصر ديموقراطية مستقلة وفي مقدمتها شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري . وجاء ضم جبهة الاتحاد الوطني للاحزاب الكردية من خلال علاقتها الوطيدة بالحزب الشيوعي العراقي الذي اكد دائما على الاهمية القصوى للوحدة الوطنية القائمة على الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي. في حين لاتزال الاحزاب الكردية اليوم بعيدة عن تحالف المدنيين لانخراطها بالاستراتيجية الامريكية و بتحالفات مع اقطاب التحالف الاسلامي الرجعي، متجاهلة جميع تجارب الشعب الكردي التي اثبتت على الدوام بان الامبريالية الامريكية هي عدوة الشعب الكردي اسوة بجميع شعوب العالم وان قضية الشعب الكردي ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية تحرير الشعب العراقي من الهيمنة الامبريالية واقامة النظام الديموقراطي فيه. كما لا يزال الكثير امام تحالف مدنيون ليكسب ثقة الجماهيروالقوى اليسارية والوطنية الرافضة للعملية السياسية التي تقودها قوات الاحتلال والعمل على توطيد المنظمات الجماهيرية العمالية والنسوية والطلابية والشبابية وكسب ثقتها
ان قيام جبهة الاتحاد الوطني ونشاطها كان من اعظم تجارب شعبنا فقد هيأت القاعدة الاجتماعية والكفاحية لاكبر انتصار تاريخي حققه شعبنا انتصار ثورة 14/تموز/ 1958لانهالم توحد القوى الوطنية باحزابها السياسية ومنظماتها المدنية: النقابات العمالية والجمعيات الفلاحية والاتحاد العام لطلبة العراق واتحاد الشبيبة ورابطة الدفاع عن حقوق المرأة، فقط، بل وضمت التنظيمات الوطنية داخل الجيش العراقي انطلاقا من ادراك الحزب الشيوعي انذاك باهمية كسب القوات المسلحة الى جانب الشعب ودورها الفعال في مواجهة الامبريالية المدججة بالسلاح. وكان للجيش العراقي الدور الحاسم في اطلاق ثورة 14/تموز. الامر الذي لم تنسه الادارة الامريكية والذي دفعها في عام 2003 الى حل الجيش العراقي لضمان احتلالها للعراق. فما هي الاستعدادات الجدية لتحالف المدنيين في مواجهة قوات الاحتلال وادواتها المدججة باحدث الاسلحة والتي لا تتوانى عن استخدام اشدها فتكا في مواجهة نضالات الجماهير من اجل تحقيق أي من الاهداف الديموقراطية الواردة في ميثاقها ؟ بل انها تستخدمها اليوم لشل طاقات شعبنا بالرعب والياس والخوف عن النضال. ومع ذلك بدأت انطلاقة شعبنا وهي التي دفعت الى ولادة تحالف مدنيون وهي بوعيها وتجاربها ستسدد خطاها. وبالتفاعل الصحي بين القيادة والجماهير والتلمذة المتبادلة تحقق الشعوب النصر.
ورغم الانتصار الجبار الذي حققته جبهة الاتحاد الوطني، فقد حملت بذور انهيارها فضلا عن عجز طلائعها عن تطويرها وتعميق برنامجها الوطني الديموقراطي الامر الذي استغلته الامبريالية لتدبير انقلاب البعث الاسود في 8/شباط/ 1963 وضياع معظم مكاسب ثورة 14/تموزوايصالنا الى ما نحن فيه.
ان دراسة تجارب شعبنا والاستفادة من ايجابياتها وتجنب سلبياتها مع الاخذ بالاعتبار متطلبات العصرضمان لتسديد خطواتنا وانطلاق طاقاتنا في نضالنا الصعب من اجل تحرير وطننا واسعاد شعبنا
للمزيد من المعلومات عن جبهة الاتحاد الوطني اقرأ " تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق " الجزء الاول 1920-1958 تأليف سعاد خيري"









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طلب ارسال موضوع
عمر جمال بدري ( 2011 / 1 / 8 - 18:19 )
محتاج موضوع عن جبهه الاتحادالوطني1957 ضروري جدااااا.مع الشكر

اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟