الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر الاسمر حسن طلب

عبد المنعم عبد العظيم

2008 / 1 / 27
الادب والفن


جنوبى فى سماء التالق
لم تخوننى الفراسة عندما ايقنت لاول وهلة ان هذا الاسمر الذى يقف شامخا وسط قمم الاصالة ورواد الحداثة من شعراء مصر فى كل ملتقى شعرى جنوبى يحمل نفس القسمات وتبدو فى تعبيراته جذور تمتد بعمق هذا الثراء الذى اورثه الجنوب ابناءه مروى بطمى النيل ومسقى من انين السواقى
اقتربت منه ونحن نسترجع تاريخ الاجداد فى رحلة جمعتنا لزيارة اثار مصر الخالدة فى البر الغربى لمدينة الاقصر ولم اتركه قبل ان اغوص معه فى اعماق احاسيسة وتجربته التى امتازت بلغة عاليه لاتتوفر فى غير متمكن من ادواتها غواص فى دروبها
وبرغم انتهاء الرحلة القصيرة لم اترك حسن طلب ظللت اتجول فى اعماق حروفه المتدفقة ومشاعره النبيلة من خلال دواوينه مثل وشم على نهدى فتاه وسيرة البنفسح واترك النار فى ايدى النور والزمان الزبرجدى وزبرجدة الطهطاوى وقصائده التى تزخر بها عديد من الدوريات الادبية فى مصر والعالم العربى
لم احتاج لمن يقدم لى الشاعر الاسمر حسن طلب فقد كنت بالفعل اعرفه رغم انه لقاءنا الاول ولم استغرب عندما عرفت انه صعيدى من محافظة سوهاج ومن طهطا نفس الارض التى انجبت رائد التنوير فى مصر رفاعه رافع الطهطاوى
ولد حسن طلب فى اواخر عام 1944 وحصل على الماجستير فى الفلسفة ثم الدكتوراه متزوج ويعول فوق رصيده المتميز فى الساحة الشعرية
اساله لابد انك عشت مشكلة ادباء الاقاليم فترة من حياتك قبل ان تجذبك اضواء العاصمة وتصبح احد نجومها المضيئة المتالقة
قال : امام النظرة النقدية الصحيحة فان هذه المشكلة غير حقيقية لانه لايمكن ان يكون هناك ادب او فن رفيع يقوم على اساس جغرافى .. الادب والفن الرفيع يفرضان نفسيهما وان طال الزمن ويستطرد فى القاهرة ادباء كثيرون ولكن الذى تقتنع به المعايير النقدية الصحيحة قلة قليلة وامام هذه المعايير قد يكون هناك شاعر فى الاقاليم ابرز وابقى من شعراء كثيرون من جيله فى القاهرة مثال ذلك الشاعر صلاح اللقانى يعيش فى دمنهور ولكنه شاعر من شعراء السبعينيات البارزين وقد يتفوق فى القيمة الفنية على بعض شعراء جيله المقيمين فى القاهرة المشكلة مشكلة وقت واصرار
اساله عن مفهومه لتقسيم الادباء زمنيا ماذا يعنى بشعراء الستينيات والسبعينيات والثمانينيات هل يقصد البعد الزمنى المحدد ام البعد السياسى
فيقول : هناك اسس كثيرة لتقسيم الاجيال فاذا قسمتها زمنيا حسب العقود كما هو متبع فانت مرغم على ان تقول جيل الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وكل من يكتب فى هذا العقد فهو خاضع للتقسيم الزمنى اما اذا قسمنا الاجيال فنيا الى شعراء كلاسيكيون وشعراء حداثة فسنجد ان التقسيم الزمنى لايفى بحاجتنا لان شاعر مثل محمد عفيفى مطر (سبعينيات ) بجوار شاعر مثل عبدالمنعم رمضان (سبعينيات) مع شاعر اخر من جيل الثمانينات هو ياسر الزيات وانا ارى ان نجمع بين التصنيفين الزمنى والفنى
وعن راى شاعرنا حسن طلب فى تيار الحداثة باعتباره احد رموزه البارزين
يقول: انا طبعا مع الحداثة بشروط ان الشاعر الذى يريد ان يكون حداثيا لابد له ان يكون اولا متمكن من تراثه عارفا بقديمه متشربا بالقيم الجماعية والفنية الجوهرية فى تاريخنا الثقافى وبمعنى اصح الحداثة تعنى التمرد ولكنك لاتستطيع ان تتمرد على شىء الا اذا كنت تمكنت منه
كيف استطيع ان اتمرد على ابى تمام وابن الرومى والمتنبى قبل ان اتمثل عوالمهم واتعرف على انجازاتهم ولذلك فان كثير من اصوات الحداثة التى لاتتمكن من قراءتها ستفشل فى خلق مناخ ابداعىجديد وستغرب بنفسها وبالقارىء الى صفحة هامشية من حياتنا الابداعية
اقترب اكثر واساله عن رايه فى الحركة الشعرية فى مصر
يقول حسن طلب ان الحركة الشعرية فى مصر تقف فى طليعة الحركة الشعرية فى العالم العربى كله وانا اقصد الوقوف امام الهجمة التى روج شعراء عرب غير مصريين والتى يدعون فيها ان مصر ليست بلد الشعر الان ولم تكن كذلك فى اى عصر من عصورها والتى انتهوا فيها الى تصنيف غريب يخصون فيه مصر بالابداع الروائى فحسب لينفردوا هم بالابداع الشعرى
هذا التصنيف فى راى الشاعر حسن طلب مغرض وماكر جدا وهو فى احسن الاحوال لايقوم على معرفة جيدة بواقع الشعرالحديث فى مصر والمقارنة النقدية الموضوعية النزيهة جديرة بان تثبت ان شعراء مصر مثل عبدالمنعم رمضان وحلمى سالم وجمال القصاص واحمد سليمان يفوقون بكثير اقرانهم من نفس الجيل فى البلاد العربية الاخرى لكن الشاعر المصرى لاتقف وراءه مؤسسة ثقافية تحاول ان تحترم انتاجه وترعى ابداعه
اسال حسن طلب الم تلاحظ فى معظم اللقاءات الشعرية لم نسمع قصيدة رومانسية واحدة هل انتهت الرومانسية فى هذا العصر وسط ضباب المادية
فيقول : طبعا انتهت الرومانسيه ليس من الشعر فقط لكن من حياتنا كلها لانك لاتستطيع الا ان تقفز بنفسك فى حقل من الحقول وتتامل الطبيعة بخلاء ذهن وصفاء بال كما كان قديما حتما ستقطع عليك لحظات التامل مئات المشكلات والاحاسيس من حروب غير مفهومة الى مؤامرات الى خيانات الى فساد فى النظم والادارة كل ذلك يمس حياتك ويفسد عليك رومانسينيتك ويرغمك على الخروج من فراغك الى تعقيدات الواقع المحيط بك كيف يمكن بعد ذلك ان تكون رومانسيا الا اذا قلدت الرومانسية مجرد تقليد
ابادره ان المعركة التى كانت دائرة بين شعراء الفصحى وشعراء العامية انتهت واستطاع شعراء العامية ان ياخذوا مكانهم فى الحركة الشعرية لكن بقى انطباع الشاعر حسن طلب كشاعر فصحى
فيرد: انه يرى ان الشعر العامى ليس نقيضا للشعر الفصيح انهما يكملان بعضهما البعض انهما يصنعان حركة شعرية واحدة فى النهاية والفيصل يقينا ليس تقسيم الشعر الى عامى وفصيح ولكن فى تقسيمه الى شعر جيد وردىء الشعر الجيد فيه الفصيح وفيه والعامى والشعر الردىء كذلك
واقصد بالشعر الجيد الذى يسعى الى نفى التقليد والمحاكاة والى ارتياد رؤى وافاق جديدة فى الصورة والبناء واللغة ثم يضيف انا مع اى قصيدة يتمثل فيها هذا عامية كانت ام فصحى وهناك نقطة اخرى فليس من الضرورة ان يكون الشعر العامى شعبيا هناك شعر شعبى منه الفصيح ومنه العامى فالشعر الشعبى هو الذى يعبر عن هموم وقضايا يمكن ان ينفعل بها عامة الشعب وتستمد صورها من الحى الشعبى وهذا نجده فى الشعر العامى والفصيح على السواء
اساله هل يستطيع الدكتور حسن طلب ان يمتهن الشعر؟
فيجيب : انا ضد الوظيفة فى الفن لان الوظيفة تنتهى وتتغير بتغير المجتمعات لكن الفن هو الذى يبقى مثل كاتدرائية من عصر النهضة كانت وظيفتها دينية تشعر الانسان بملكوت الله
الان يتامل الناس هذه الكاتدرائية تاملا فنيا خالصا ومعمارا يشهد على قيم فنية وجمالية صنعها الانسان
الحديث ذا شجون اترك شاعرنا الكبير حسن طلب على امل لقاء اخر يغوص فى اعماق هذا الشاعر الجنوبى الاسمر الذى يصعد سلم التالق بثبات ويحفر طريقه باصرار يمتص رحيق الاصالة بجذور عميقة تمتد عبر الزمن والتاريخ والثقافة الاصيلة لتثمر كلمات حية ومعبرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل