الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العد العكسي لتفكك النظام الطائفي في لبنان

سامي حسن

2008 / 1 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بالرغم من التحشيد الطائفي البغيض الذي تمارسه العديد من القوى السياسية في لبنان، وبالرغم من مخاوف التفجر الطائفي التي يبديها السياسسن اللبنانيين والعديد من المحلليين، فإن عوامل عديدة ومؤشرات حقيقية وواقعية تدفع للقول بأن العد العكسي لتفكك النظام السياسي الطائفي في لبنان قد بدأ؟
فالتحالفات والانقسامات المتعددة والمتناقضة ضمن وبين الطوائف وقواها السياسية قد كشفت حقائق عديدة للبنانيين. فلم يعد بالامكان اليوم اقناع المواطن اللبناني الذي ينتمي - بإرادته أو رغماً عنه- لطائفة معينة بأن تحالف 14 آذار - الذي يضم قوى من جميع الطوائف ( سنة وشيعة ومسيحيين ودروز..) وكل منها يدعي تمثيله للطائفة- ليس تحالفاً سياسياً، وكذلك الأمر بالنسبة لتحالف 8 آذار الذي يضم أيضاً قوى من جميع الطوائف؟ من يعبر عن المسيحين في لبنان هل الكتائب والقوات أم التيار الوطني الحر والمردة أم...؟ من يعبر عن السنة هل تيار المستقبل أم الجماعة الاسلامية أم...؟ وهل الحزب التقدمي هو المعبر عن الدروز أم الحزب الديمقراطي أم...؟ وهل حزب الله هو المعبر عن مصالح الشيعة أم حركة أمل أم...الخ؟
إن التضليل الذي مورس على الشعب اللبناني حول حرص القوى المختلفة على مصالح طوائفها لم يعد ينطلي عليه اليوم بعد أن انكشف له حقيقة الصراع في لبنان بما هو صراع سياسي يعبر عن اختلاف في مصالح فئات وطبقات بعينها، بل أكثر من ذلك فقد تبين له بشكل واضح مدى تبعية هذه القوى الطائفية لدول إقليمية ودولية وتغليبها بإرادتها أم رغماً عنها لمصالح تلك الدول على مصلحة لبنان واللبنانيين، مما عزز من حالة عدم الثقة بهذه القوى والتشكيك بكل ما تطرحه. ولذلك فإن لسان حال المواطن اللبناني اليوم ربما يقول : لماذا كل هذا الكذب والنفاق؟ لماذا لا تعلن هذه القوى عن نفسها صراحة كقوى سياسية لكي يتمكن من تحديد موقفه منها على ضوء برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟.
أما بالنسبة للعلاقة بين القوى السياسية الطائفية والمرجعيات الدينية فإن دخول المؤسسات الدينية للطوائف على خط السياسة شكل سلاحاً ذو حدين للفكر الطائفي، فمن جانب لعبت هذه المؤسسات من خلال دعمها وتبنيها لقوى سياسية طائفية دوراً أساسياً في تقوية هذه القوى و تكريس الطائفية في المجتمع اللبناني والعكس صحيح حيث أن اعتبار هذه القوى تلك المؤسسات مرجعيات لها عزز من مكانتها في المجتمع، ولكن توتر العلاقة بين القوى السياسية والمرجعيات الطائفية ووصولها حد التعارض أدى إلى انكشاف حقيقة أن هذه القوى تستثمر الدين خدمة لمصالحها وأن تعارض مصالحها يجعلها تضرب بالطائفة ومرجعياتها عرض الحائط. كما أن التبعية الواضحة للعديد من المرجعيات الطائفية لقوى سياسية بعينها ووضع نفسها تحت تصرفها وخدمة لبرامجها وسياساتها- نشير هنا إلى الدور الذي يلعبه المال السياسي في تكريس وتعزيز هذه التبعية- قد أضعفت من مكانة هذه المرجعيات بنظر اللبنانيين، وأكثر من ذلك فإن تعدد القوى السياسية التي تدعي تعبيرها عن نفس الطائفة قد أدى إلى انقسام وتعدد المرجعيات الدينية للطائفة نفسها، الأمر الذي دفع ولازال باللبنانيين إلى حالة من الالتباس والشك و فقدان الثقة بهذه القوى الطائفية وبالمرجعيات الدينية والانفضاض من حولها.
وبينما تخضع مؤسسات الدولة اللبنانية لسياسة المحاصصة الطائفية، تبرز كاستثناء مؤسسة الجيش اللبناني ببنيته المتعددة الطوائف، وأداءه العابر والمتجاوز للطوائف، والذي يمنح اللبنانيين اليوم الاحساس بالأمان، هو نموذج محترم ومثير للإعجاب بالنسبة لكل اللبنانيين، الأمر الذي يجعل من تعميم هذا النموذج على كل لبنان ( نظامه السياسي، الدولة ومؤسساتها....) مطلباً منطقياً وواقعياً وجذاباً بالنسبة لغالبية اللبنانيين.
وعلى النقيض من القوى الطائفية لعبت القوى السياسية الوطنية ولا سيما اليسارية (الحزب الشيوعي اللبناني،...) والمثقفين العلمانيين والديموقراطيين دوراً مهماً في نقد وتعرية النظام السياسي الطائفي في لبنان وتوعية اللبنانيين بحقيقة تناقض مصالحهم مع استمرار هذا النظام العاجز تماماً عن حل مشاكلهم ، ومن المتوقع أن تلعب هذه القوى اليوم وفي المستقبل دوراً مهماً في المساهمة بتفكيك هذا النظام. سيما أن فقدان ثقة اللبنانيين بالقوى الطائفية السائدة اليوم سيدفعهم باتجاه الالتفاف حول القوى غير الطائفية. وفي هذا السياق نشير إلى أنه وبالرغم من الدور الإيجابي الذي يلعبه التيار الوطني الحر في تخفيف الاحتقان الطائفي، وانفتاحه على القوى العلمانية، ودعواته المتكررة للمرجعيات الدينية لعدم التدخل بالسياسة بل وتوجيه النقد الواضح لها أحياناً إلا أن براغماتيته السياسية تجعله يستمر بالنوسان بين العلمانية والطائفية. وإن نجاح هذا التيار الذي يمتلك قاعدة شعبية كبيرة في حسم خياراته بالاتجاه العلماني سيشكل نقلة نوعية باتجاه تسريع تفكك وانهيار النظام السياسي الطائفي في لبنان.
إن النظام السياسي الطائفي منذ تشكله وحتى الآن لم يجلب للبنان إلا الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والقتل والتهجير وفقدان الأمن والأمان، وإن المواطن اللبناني الذي رأى ويرى اليوم كوارث هذا النظام بات تواقاً ولو من باب التغيير والتجريب لنظام سياسي جديد نقيض للنظام الطائفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهة مضحكة بين اللهجة السعودية واللهجة السودانية مع فهد سا


.. مع بدء عملية رفح.. لماذا ستتجه مصر لمحكمة العدل الدولية؟ | #




.. معارك -كسر عظم- بالفاشر والفاو.. وقصف جوي بالخرطوم والأبيض


.. خاركيف تحت النيران الروسية.. وبريطانيا تحاكي حربا مع روسيا |




.. نشرة إيجاز - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في جباليا