الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القروية

سعيدة لاشكر

2008 / 1 / 28
الادب والفن



حملت محفظتها التقيلة على كتفيها الصغيرتين, خرجت من بيتها المتواضع, ودعت والدتها وبدأت رحلتها اليومية إلى المدرسة.
هذه فاطمة, فتاة صغيرة من قرية نائية, حكمت عليها الأقدار أن تعيش بعيدا عن أبسط وسائل العيش وأبسط وسائل الراحة, لكنها لم تهتم أبدا بذلك, كانت سعيدة ببيتها الصغير المتواضع مع عائلتها والدها المزارع وأمها الكادحة وأخواتها المتفرقين في البقاع كل واحد وصنعته التي مال لها, كانت سعيدة باهتمامها بالأبقار والخراف والنعاج , تطعم الدجاج, وتسقي الزرع والقيام بتلك المهام الموكلة لها, وما تكاد الشمس تغرب حتى تراها تهاوت على فراشها من التعب, تم تفيق مجددا بعد الفجر بقليل لتبدأ مهامها الإعتيادية.

الشمس حارقة, المسافة طويلة, المحفظة تقيلة, لكنها لم تهتم , فقد ألفت التعب وألفت بدل جهد أكبر من سنها , تطلعت لما حولها فلم تجد سوى الخلاء , أشجار قاحلة , وأعشاب يابسة من فرط الحرارة, تراكمت حبيبات من العرق على جبينها الصغير لم تنتبه لها حتى انسابت متسللة على عينيها وخديها بحتت عن منديلها الصغير لم تجده فلم ترى بدا من مسحها بيديها الصغيرتين رغم أنهما جافتين خشنتين من كثرة أعمالها الإعتيادية , للأطفال في سنها يدين حريريتين, ناعمتين, لكن ظروف فاطمة غير ظروف كل الأطفال, وجد التعب طريقه لها فاختارت صخرة من بين الصخور الكثيرة التي لا يملأ المكان غيرها , جلست قليلا لترتاح تم واصلت مسيرتها.

قبل مذة, جاءت لجنة للقرية لتقوم بتسجيل الأطفال الراغبين في ولوج المدرسة الوحيدة في المنطقة, سمعت الخبر فرحت كثيرا وطلبت رأي والديها فأخبراها أن المدرسة بعيدة جدا , فوافقت أخبراها أن عليها إنجاز أعمالها الإعتيادية بعد المدرسة, فأدعنت, فلم يجدا بدا من الموافقة بعد ان استنفدا جميع الشروط.
ولجت المدرسة فرحة متطلعة للمستقبل, في نفسها نهم كبير للمعرفة, جوع كبير للعلم , تريد أن تعلم كل شيء, أن تعرف جميع الأمور, أن تقرأ كل ما تراه عينيها, تريد أن ترقى بنفسها لأبعد الحدود وأن تستقل وأن تصبح قادرة على العيش كما يعيش أغلب الناس.

مازالت تواصل رحلتها, هاهي أخيرا لاحت لها معالم المدرسة ما إن رأتها حتى رسمت بسمة كبيرة على خديها, بسمة من أخيرا وجد المعين المنقد من براثن الجهل والتخلف, بسمة من وجد أخيرا أرض صالحة لزرع الأحلام والأمنيات ومحاولة حصدها بنجاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي