الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جورج حبش حق العودة غير قابل للتصرف، أما بالمعنى الاستراتيجي فنريد أن تقوم دولة فلسطين الديمقراطية التي تتضمن حقوقاً متساوية للجميع

وديع عواودة

2008 / 1 / 28
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


أكد مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش في حديث خاص لـ “الخليج” أن الخروج من المأزق الفلسطيني يكمن بإحياء منظمة التحرير الفلسطينية. وقال إن بيروت ودمشق وعمان عواصم ارتبطت بوجدانه، لافتا إلى أنه بقي وفيا للحب الأول مدينة اللد مسقط رأسه ومدينته المدلله. وأبدى “الحكيم” رأيه بالرئيس الراحل ياسر عرفات وشدد على استحالة تطبيق فكرة دولتين لشعبين في فلسطين واستعرض أسباب تراجع الجبهة الشعبية في ساحة النضال. داخل مكتبه المتواضع في دمشق حيث ثبت رسمان كبيران للمسجد الأقصى ولكنيسة المهد استقبل “الحكيم” بعض الناشطين من فلسطينيي 48 الذين سره اللقاء بهم حتى البكاء. ورغم ندرة لقاءاته الصحافية خص “الحكيم” “الخليج” بلقاء وكان الحوار التالي:
الدولة الفلسطينية المقترحة مجرّد معازل ملحقة بالاقتصاد "الإسرائيلي"
س: إلى أي مدى أنتم راضون عن حجم التضامن الدولي اليوم، وما مدى وزن الرأي العام العالمي الدولي بالنسبة للقضية برأيكم؟

- هناك مقياسان لهذا الأمر، نقيس على أساسهما حجم تقدّم أو تراجع التضامن الدولي مع قضيتنا وهما: الموقف الرسمي للدول والمؤسسات الدولية، والموقف الشعبي والجماهيري للقوى والأحزاب والحركات المناهضة للعولمة، وثمة بالتأكيد - تراجع في مستوى التضامن الرسمي مع قضيتنا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، ودول المنظومة الاشتراكية، والذي رافقه تزايد الهيمنة الأمريكية في العالم في اتجاه مضاد لمصالحنا، وعلى الرغم من ذلك، هناك حد أدنى من التضامن الرسمي الدولي مع قضيتنا قائم، وليس بالإمكان تجاهله، وإن كان ليس بالشكل المطلوب، ومع ذلك نحن ننظر بإيجابية إلى دور الصين وروسيا كدولتين كبيرتين، كانتا باستمرار داعمتين للقضية الفلسطينية، لكن علينا أن نلحظ دائماً التغييرات الحاصلة في التجاذبات الدولية، حيث تحاول دول كبرى مثل الصين وروسيا على ضوء مصالحهما أن تستفيدا من مواقعهما، ووزنهما في السياسة الدولية في عالم قد يصبح متعدّد الأقطاب، الأمر الذي يتناقض مع الولايات المتحدة، وعلينا أن نعرف كيف نستفيد من هذه التعارضات، كذلك علينا أن نلحظ المتغيرات الحاصلة اليوم في أمريكا اللاتينية .. في فنزويلا، والبرازيل، وبوليفيا ونيكاراجوا.. إلخ. الأمر الذي يمكن أن ينعكس إيجاباً في اتساع الدعم الرسمي الدولي لقضيتنا.

على الصعيد الشعبي هناك تضامن كبير مع عدالة قضيتنا معروف عالمياً، فالتيار الديني الشعبي في العالم بات مؤثراً، وهنا أقصد القوى الإسلامية المناضلة والمكافحة باعتبارها قوى أصيلة في مجتمعاتها، وليس الحركات أو المجموعات ذات الإرتباطات المشبوهة، وكذلك الحركات المناهضة للعولمة التي تصب هي الأخرى في مصلحة قضيتنا، التي تُعتبر من أقدم النقاط الساخنة والمتفجرة في العالم، وعلى سبيل المثال تجربة حركات التضامن العالمي مع الانتفاضة الفلسطينية، ونزولها إلى فلسطين، ومن أبرز ممثليها اتحاد البرلمان العالمي للكتّاب، ونتذكر هنا أيضاً المجموعات التضامنية ضد جدار الفصل العنصري، ومنهم مجموعة الشهيدة راشيل كوري من أمريكا، وجوزيه بوفييه من فرنسا، وجورج كلوي من بريطانيا، وفيما يخص الرأي العام العالمي فقد برز في بداية الانتفاضة اتجاهٌ واسعٌ، مناصرٌ للقضية الفلسطينية، ومتفهمٌ للوضع الفلسطيني، المنتفض، المقاوم للاحتلال الصهيوني، وبرز أيضاً اتجاه ينتقد الممارسات العدوانية “الإسرائيلية”، وكُتبت العديد من المقالات في الصحف الغربية وذلك على الرغم من السيطرة الصهيونية على معظم وسائل الإعلام في العالم، حيث كان هناك أصوات تجاوزت هذه السيطرة، وانتقدت “إسرائيل” بكل جرأة وشجاعة.
حق العودة
س: بعد عقود من تشكيل الجبهة الشعبية، ومن انطلاقة الثورة الفلسطينية كيف ترى طريق العودة اليوم؟
- عنوان حق العودة باعتباره حقا شخصيا لكل لاجئ فلسطيني هو حق غير قابل للتصرف، وهو عنوان دائم يشغل تفكيري، وموضوع حيّ في أذهان كل الفلسطينيين، ولا أعتقد أن هناك أي حلّ شامل ونهائي للقضية الفلسطينية يمكن أن ينجح ويكون قابلاً للحياة، إذا لم يأخذ بعين الاعتبار حق عودة اللاجئين إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم وأملاكهم، وفي هذا السياق علينا ألا نغفل دور منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها، ودور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في إبقاء هذا العنوان حيّاً، والدفع باتجاه تكريسه كعامل مؤثر من عوامل الصراع والاشتباك التاريخي المفتوح مع “إسرائيل”، التي تسعى دائماً إلى تفتيت الشعب الفلسطيني جغرافياً وسياسياً واجتماعياً، ومن هنا تأتي محاولتها مقايضة حق العودة بوعود غامضة حول الدولة الفلسطينية لشطب قضية اللاجئين، لذلك نحن نؤكد دائماً على دور منظمة التحرير، وأهميتها كمرجعية وطنية عامة، وكمعبّر عن وحدة الشعب الفلسطيني على الرغم من توزعه ما بين أراضي 1948.. والضفة وغزة والشتات، وعلى الرغم من خصوصيات كل تجمع من هذه التجمعات، ومع هذا الوضع المركّب والمعقّد نحن نطالب دائماً بإصلاح “م.ت.ف”، وتفعيل مؤسساتها لتضم كل القوى الفاعلة في الساحة الفلسطينية، بما فيها القوى الإسلامية، وذلك على أساس الثوابت الوطنية المتمثلة في حق العودة، وتقرير المصير، والدولة المستقلة، وعاصمتها القدس، هذا بالمعنى المرحلي، أما بالمعنى الاستراتيجي فنريد أن تقوم دولة فلسطين الديمقراطية التي تتضمن حقوقاً متساوية للجميع، بمن فيهم اليهود الذين يقبلون العيش في ظل هكذا دولة. هناك اليوم ظاهرة جديدة تنهض في الساحة الفلسطينية، وهي ظاهرة لجان الدفاع عن حق العودة، وهي تضم شخصيات وفعاليات سياسية ومدنية كبيرة في مختلف بلدان الشتات، وفي الداخل الفلسطيني مثل د.سليمان أبو ستة وغيره، وكل هذه الجهود تصب في منحى إبقاء عنوان العودة من المواضيع الإشكالية الحية.
س: لماذا انحسرت قوة الجبهة الشعبية، وما هي احتمالات استعادة نفوذها في الساحة الفلسطينية.. وهل فشل الكفاح المسلح؟
- حينما نتحدّث عن تراجع نفوذ الجبهة الشعبية، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية العامة أثناء التقييم، المتمثلة في المتغيرات الدولية والإقليمية، كانهيار الاتحاد السوفييتي، والمد الديني الكاسح على مستوى العالم، الذي أثّر سلباً في كل القوى اليسارية والوطنية الديمقراطية في العالم، لكن هذا الأمر لا يقلّل، ولا يحجب رؤيتنا عن تقصير العامل الذاتي، والأخطاء التي وقعنا بها، ومعالجة هذا الموضوع من أجل النهوض مجدداً يتطلب مراجعة نقدية صارمة، ودقيقة وعلمية لكل التجربة، وهذا الموضوع يشغل ذهني كثيراً في هذه الفترة. آمل ليس فقط من الجبهة الشعبية، وإنما من كافة القوى الوطنية - الديمقراطية أن تقف أمام هذه المسألة، لأن إمكانيات هذا التيار كبيرة، لكنها باتت مشرذمة، ومشتتة، وبالتالي لا يمكن لها النهوض لتأخذ دورها الفاعل، دون هذه الوقفة النقدية المطلوبة.
حول الشق الثاني من السؤال: هل فشل الكفاح المسلح؟ لا أستطيع القول إن الكفاح المسلح قد فشل، طالما أننا في صراع واشتباك تاريخي مفتوح مع “إسرائيل”. صحيح أن بعض الظروف الموضوعية فرضت علينا بعض التراجع، ولهذا الأمر أسبابه، لكننا أمام العنف الصهيوني المستمر من اجتياحات واغتيالات ومجازر، لا نستطيع أن نلغي حقنا في استخدام كل أشكال النضال المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح.
علينا أيضاً على ضوء التجربة، الالتفات إلى أهمية الوسائل النضالية الأخرى التي أثبتت فعاليتها، وخاصة في الانتفاضة الأولى حيث برز بشكل واضح أهمية النضال الجماهيري، ودور الثقافة والعلم، والمعرفة، وبناء الأجيال الشابة، لكي تكون على مستوى المهمات الجسيمة المطلوب تحقيقها.
س: بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وانتشار طرح الدولتين، وفي ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية اليوم، كيف ترى الحل أو الطرح الأفضل سياسياً؟
- إن فكرة طرح الدولتين كان سابقاً لأوسلو، وخضع لتجاذبات سياسية كثيرة في الساحة الفلسطينية والعربية وصولاً إلى ترسيمه بشكل رسمي عبر التوقيع على اتفاقية أوسلو، الأمر الذي اعتبرته حينذاك ومازلت اعتبره محصلة للهزائم العربية والفلسطينية المتراكمة، ليس بالمعنى العسكري فقط، وإنما بالمعنى الشامل الذي يعني قصور مجتمعاتنا المتخلفة عن تلبية متطلبات الصراع ضد عدو متقدم.
اليوم وبعد كل الفشل الذي لحق بأوسلو وأصحابه، وبعد أن دُفن تحت وطأة الوقائع الكثيرة التي حصلت، مازال البعض يراهن على إقامة دولتين من خلال المفاوضات مع “إسرائيل” وأمريكا.. وفي حال موافقة “إسرائيل” وأمريكا جدلاً - على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب “إسرائيل”، فهذه الدولة ستكون - كما قلت مراراً وتكراراً مقابل التنازل عن أجزاء واسعة من الضفة بما في ذلك القدس، وستكون مقابل التخلي عن حق العودة لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الشتات. وهذه الدولة ستكون في الواقع بلا سيادة على حدودها ومواردها الطبيعية وخاصة المياه، وليس لها الحق في تعزيز قواها الدفاعية، ولا يحق لها إقامة أحلاف لا توافق عليها “إسرائيل” ومطلوب من هذه الدولة ألا تمس جوهر المشاريع الاستيطانية الصهيونية. هذه الدولة ستكون في أكثر الحالات تفاؤلاً - مجرد معازل ملحقة بالاقتصاد “الإسرائيلي”، وجسر للسلع والثقافة “الإسرائيلية”، أي أنها دولة بلا مكونّات، ومضامين، وتتعارض مع فهمنا لحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، هذا الفهم الذي نعتبره حلاً مرحلياً يمهد الطريق أمام الحل الاستراتيجي في إقامة الدولة الديمقراطية العلمانية في كامل فلسطين، الأمر الذي يقدم حلاً إنسانياً وديمقراطياً للمسألة اليهودية.
طبعاً أنا أدرك مدى صعوبة هذا الحل في ظل الوضع العالمي والوضع العربي الرسمي، وفي ظل الظروف المعقدة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وتعيشها جماهير أمتنا العربية. إن ما يجري في العراق، وما جرى في لبنان، وما تشهده اليوم المنطقة من غليان يؤكد أن من الصعوبة بمكان السيطرة على كل هذه الملايين التي تبحث عن العدالة، وعن حقها في الحرية والاستقلال، دون أن ننسى أننا نميز بدقة بين المقاومة الوطنية ضد الاحتلال، وبين أعمال القتل العشوائية بدوافع مذهبية، التي لا تصب إلا في خدمة الاحتلال.
مفارقات وأكاذيب
س: هناك من يقول إن عودة ملايين اللاجئين أمر غير معقول، فماذا تقول؟
- من المفارقات أن لدى “إسرائيل” قانونا يتيح ويشجع جذب كل يهود العالم إلى “إسرائيل” تحت عنوان ما تسميه قانون عودة اليهود، بينما يأتي من يقول إن عودة خمسة ملايين فلسطيني من أصحاب الحق الشرعيين في أرضهم وتاريخهم وممتلكاتهم أمر غير معقول. هل من المعقول إذاً أن يأتي يهودي يعيش في منهاتن، أو أوكرانيا على سبيل المثال، وليس من المعقول أن يعود اللاجئ الذي يعيش العذابات في مخيمات اللاجئين في لبنان على بعد مئات الأميال عن بيته في الجليل. إن منطق الاحتلال والقوة والهيمنة والعنصرية قلب المعادلات في هذه المنطقة من العالم، حيث باتت الأكاذيب حقائق والحقائق الراسخة مجرد أوهام غير معقولة. أنا لا أرى حلاً لهذا الصراع سوى بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وقراهم وممتلكاتهم، وعودة أحفادي إلى اللد، وأحفاد كل اللاجئين، وكل ماعدا ذلك هو مجرد وهم مهما امتد الصراع. أما فكرة دولتين لشعبين في فلسطين فهي مستحيلة لعدة أسباب منها ما يتعلق بالمستوطنات بالضفة الغربية والقدس والعودة.
س: إلى أين تسير السفينة الفلسطينية في ظل الصراع بين حركتي فتح وحماس؟
- من المؤلم بالنسبة لي، والمؤسف أن يصل الوضع في الساحة الفلسطينية إلى هذا المستوى من الانقسام والتجاذبات السياسية بين فتح وحماس، الأمر الذي يهدّد بمخاطر تحول هذه التجاذبات إلى اشتباكات مسلّحة واسعة لن تصب إلا في خدمة “إسرائيل” ومصالحها، وليس هناك من مخرج، أو حل لهذه الأزمة إلا بالعودة إلى الثوابت الوطنية التي يمكن أن تتوافق على أساسها كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني والإسلامي وهي برنامج منظمة التحرير الذي يؤكد على حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
لقد تمّ تهميش دور المنظمة خلال السنوات المنصرمة، وما لم نعد إلى هذا الأطار الوطني الجامع لتفعيل مؤسساته وتطويرها وإصلاحها لكي تستوعب كافة القوى الفلسطينية الفاعلة، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي تحت عنوان: “الوحدة الوطنية”، فليس هناك من أفق للخروج من هذا المأزق الذي يهدّد مصالحنا الوطنية، وينذر بعواقب وخيمة على الجميع، وأنا هنا لا أفصل بين الداخل والخارج على الرغم من خصوصيات كلٍ منهما.
س: كيف ترون دور فلسطينيي 48 في حركة التحرر الوطني؟
- قلت في مناسبات متعددة أن المخطط الصهيوني كان يعمل باستمرار على رفض الإعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، ومحاولة الطمس الكامل لهويته الوطنية، وكيانيته السياسية، والكل يذكر عبارة جولدا مائير الشهيرة “أين هو الشعب الفلسطيني؟!” وحتى يومنا هذا لاتزال “إسرائيل” تستخدم عبارات من نوع “سكان المناطق، وعرب “إسرائيل”، والأقلية العربية إلخ..”، في وصف شعبنا الفلسطيني الصامد سواء في الضفة والقطاع، أو أبناء شعبنا البطل الصامد على أرضه داخل المناطق المحتلة عام 1948 الذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من مكونات شعبنا الفلسطيني، حيث تدل التجربة التاريخية خلال العقود الماضية على فشل “إسرائيل” في طمس هويتهم الوطنية والقومية، أو تذويبها، وبالتالي كان ولا يزال لأبناء شعبنا في أراضي 48 دور كبير في مواجهة سياسات الطمس والتهويد والتذويب الصهيونية..
على الرغم من أخذنا بعين الاعتبار خصوصية أوضاعهم التي تفرض عليهم ممارسة أشكال خاصة من النضال تتناسب مع أوضاعهم في مواجهة العنصرية، والتمييز والتهويد، فنحن نقدّر نضالهم بكل السبل المتاحة من أجل المساواة وتحسين أوضاعهم، ونقدّر تضامنهم مع أبناء شعبهم في الخارج؛ هذا الدور الذي يؤكد على وحدة شعبنا على اختلاف أماكن تواجده.
من جهتها تدرك “إسرائيل” مدى خطورة تجذّر وارتباط أبناء شعبنا الفلسطيني في أراضي ال 48 بهويتهم الوطنية، وانتمائهم القومي، حيث تعتبرهم قنبلة ديمغرافية موقوتة داخل الكيان الصهيوني، لذلك تعمل بكافة السبل على تهميشهم، والتمييز بينهم على أسس مذهبية، أو مناطقية لضرب وحدتهم، وتعميق التعارضات فيما بينهم، لكنها وأمام كل حدث يجري سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو المنطقة، كما هو الحال في الحرب العدوانية “الإسرائيلية” الأخيرة على لبنان، تكتشف مدى فشلها الذريع في تحقيق أهدافها على هذا الصعيد.
س: أقمت في دمشق وعمان وبيروت، أيها أقرب إلى قلبك؟
- اللد (يضحك).. عشت في بيروت في مطلع شبابي، ودرست في الجامعة الأمريكية، ولي ذكريات وأصدقاء كثر، أما دمشق فهي كانت بالنسبة لي دائماً مركز القضية القومية العربية، والروح العروبية، أما عمان فهي النافذة القريبة إلى فلسطين.
س: ماذا يعني لك الرئيس ياسر عرفات؟
- في أي حديث عن الثورة الفلسطينية المعاصرة، يجب أن نقدّر، ونثمّن دور الأخ الشهيد الرئيس ياسر عرفات في إبراز القضية الفلسطينية على المسرح السياسي، الإقليمي والعربي والدولي، لكن هذا الأمر يجب ألا يحجب ضرورة الوقفة النقدية أمام النهج الذي كرّسه في الساحة الفلسطينية، أقصد نهج التفرّد، ومصادرة القرارات سواء داخل مؤسسات “م.ت.ف”، أو السلطة الفلسطينية فيما بعد.
إن الأخ الشهيد ياسر عرفات يتحمل مسؤولية أساسية في تكريس هذا النهج الذي بات سياسة رسمية للقيادة الفلسطينية التي استفادت من تراث م.ت.ف التاريخي، وما تحظى به من شرعية وطنية وعربية ودولية الأمر الذي دفع هذه القيادة الرسمية إلى شطب ميثاق المنظمة، والتخلي عن برنامجها الوطني التحرري الجامع، وضرب الوحدة الوطنية الحقيقية، واستبدال الخط الكفاحي للمنظمة بخط تفاوضي كان له عواقب وخيمة على وحدة الشعب الفلسطيني، وأهدافه الاستقلالية، وبالتالي كل ما نراه اليوم من انقسامات في الساحة الفلسطينية، تكمن جذوره السياسية في هذا النهج الذي فرّغ المنظمة من مضمونها ومحتواها الوطني، وبالتالي لابدّ للخروج من هذه الأزمة التي تشهدها الساحة الفلسطينية اليوم من وقفة نقدية جريئة لتحليل الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة، وحالت دون تحقيق الأهداف التي رسمتها الثورة الفلسطينية لنفسها على الأرض.
س: لو قيض لك العودة (ضمن تسوية سياسية للقضية) إلى مدينة اللد ضمن السيادة “الإسرائيلية”.. هل تعود؟
- لن أعود إلا مع شعبي الفلسطيني.

حاوره في دمشق: وديع عواودة
-------------
جرت المقابلة عام 2006
نقلا عن جريدة الخليج الإماراتية









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة