الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
آخر طفل عراقي يبكي غرناطة
حمزة الحسن
2003 / 12 / 6الادب والفن
جاء من نهاية الغابة حاملا المطر والبراءة والحلم ومناديل المحبة وكتاب العصيان كان مصعوقا بدم الرغبة الأولى سعدي يوسف في السفينة صمام أمان. هذا الأخضر بن يوسف آخر طفل عراقي يبكي غرناطة اليوم. هذا العصيان الجنوبي الذي يشبه الهوى فقير مثل حكيم هندي يكتب وصايا العالم على حصير آخر سلالات التمرد الشعري امشوا خلف هذا الأخضر بن يوسف هذا القادم من الغابة يبكي اليوم سعدي يوسف في العاصفة والاجتياح شراع وراية. لا يحتاج إلى برنامج ثورة لأنه برنامج نفسه سعدي يوسف في السلام أغنية آخر شاعر عراقي أعاد للشعر كرامته سعدي يوسف دليل السفن إلى الشواطئ عاصفة وشراع وفنار. أول رئيس دولة بلا رئاسة. هو مزهو لأنه معبأ بالجمال والشعر والضوء هؤلاء الرجال الجوف عليهم أن ينزعوا قبعاتهم حين يمر سعدي يوسف. خوفه الكبير والوحيد هو أن يخطأ فتلومه الأيام و البروق القادمة وغزلان البرية. حين يكتب تجلس إلى جواره العصور كلها كي نقرأ سعدي يوسف جيدا ونفهمه جيدا لا نحتاج إلى قاموس لغة بل باقة ورد وحفنة تراب وزخة مطر وريل وقصيدة وسهل أخضر ورائحة قهوة وقطا مجفل وآخر أغنية للمسافر الوحيد الذي لم ينم في قطار الجنوب النحيل، الجنوب الجميل. آخر الشعراء الكبار على أبواب التاريخ العراقي اتبعوه في كل خطوة إنه الرائي قبل أن نرى اذهبوا معه ولو أخذكم إلى البرية اذهبوا معه ولو أخذكم إلى البحر لا يفهمه الصغار لأنه كبير هم في المؤسسة أحجار هم في الحزب كرسي هم انسجام المقبرة هم لا يعرفون من المثقف غير صورة ( العاقل) الهادئ، المتماسك، المنسجم مع الأشياء، ولا تسعفهم ثقافة مدلك الحمام أو سائق التاكسي أو بائع الكباب غير تفسير واحد أن هذا المثقف مصاب بهلوسة. سعدي يوسف في هذه العاصفة صوت ونبوءة لا تحزن يا( أبو علي)
يوم كانت (السيبة) تمطر
يوم كان ( أبو الخصيب ) يمطر
كان هو يركض مندهشا تحت الأوراق مبهورا بالضباب، صوت تساقط المطر، فزع العصافير، رعشة النخلات في الريح.
والقصيدة الأولى.
وفي الحزب رجل الحسم والرؤيا.
وفي المنفى فنار لسفن التائهين.
هو عصيان التاريخ على العربدة
وعصيان الأشرعة على الريح.
وغني لأنه مالك مفاتيح الأيام القادمة.
لكنه ليس تمرد البارات وليس تمرد الأرصفة
بل عصيان الشعر على التلوث
وعصيان الأرض على الانتهاك.
فهو يعرف مسار التاريخ ليس بالقراءة
بل بالفطرة
وهو لا يحتاج إلى من يدله على الطريق
لأنه طريق
هو بداية تتجدد
وخطوة تولد وتموت وتولد.
قتل الأشجار والأنهار ونجوم المساء
وتلاشي أحلام الصبايا وهن يحملن جرار الماء على أغاني المطر والريح والسعف وضفيرة تحنت بليلة مهر.
وفي الارتجاج دليل
وفي القافلة حادي العيس.
ولا يحتاج إلى حزب
لأنه حزب الذين لا حزب لهم غير الأرض.
وفي الحرب دمعة
وفي الاحتلال مسيرة رفض.
يوم تهاوى ( الشعراء) أمام أبواب الملوك القدامى والجدد.
ودليل الشواطئ إلى الموج.
يحكم الضمائر والمشاعر بلا سيادة
في حين يخاف المدججون بالسلاح من النظر عبر النافذة.
وهم يرتعشون لأنهم محشوون بالخسة والخوف والتبن.
لأنه رؤيا وليس فكرا.
آخر طفل عراقي يبكي غرناطة
في حين يضحك كثيرون( الضحك في زمن التحرير) وهم يرتدون مايوهات ممزقة من الخلف
ويرقصون في مأتم التاريخ.
كما تتبعه الأيائل وهو يعزف على مزمار الأيام
وفي يده شجرة ميلاد مشرقة
لمسيح لم يولد بعد.
والراعي الذي رأى نجمة المساء علامة ولادة المخلص.
فكل خطوة تتحول تحت قدميه إلى فجر
وكل ذرة رمل بشارة أمل
لأنه يحمل عصا صنعها حطاب بصري لا تضل الطريق.
ولأنه حالم حقيقي في أعراس المقاولين.
هم لا يرون فيه غير( جنون الشاعر) لأنهم بسطاء، صغار، أميون، وهو يعرف أسرار قراءة الطريق.
وهو في المؤسسة تناقض وفوضى.
وهو في الحزب سؤال.
وهو موجة دائمة التحول.
هذه رعشة النفي/ هذا صوت الريح.
غريب في الحشر والكتلة والقطيع والجماعة.
ومنفي مرتين: مرة في منفى الأيام حين يكون وحده في مهرجان الزور والتشابه.
ومنفى المكان حين يكون مغروسا في ارض أخرى.
إنها غربة النوع وغربة الشكل.
وكل دباباتهم ستتآكل
وستبقى قصائده تلمع عبر العصور مثل نجوم الحكايات.
فقريبا ستصرخ جنوبية على أبواب كربلاء:
"ما تسقط نجوم السما
ما دام عدنا تفك"!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات
.. الشاعر أحمد حسن راؤول:عمرو مصطفى هو سبب شهرتى.. منتظر أتعاو
.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ
.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟
.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا