الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاهيم التقليدية للسياسية العربية

صاحب الربيعي

2008 / 1 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إن إعادة قراءة الواقع الاجتماعي بنظرة متمدنة يتطلب تفحص المفاهيم والمقولات السياسية المتداولة منذ قيام الدول الوطنية. الفكر الإنساني ليس قوالب جامدة ومعلبات جاهزة يمكن استعمالها في كل الأزمنة والأماكن، دون مراجعة، دون إغناءها بالمزيد من الأفكار، ودون نحت الواقع، لإعادة بناء المفاهيم لتكون متواءمة ومتطلبات الحاضر.
لايعود تراجع السياسة في الوطن العربي للجمود الفكري وحسب، بل لجملة السلوكيات والممارسات للسياسيين. هناك خلل بنيوي في ولادة الفكر السياسي، فالرحم الوطني كان عقيماً. تبنى الفكر السياسي من خارج المحيط وأخضعه قسراً للواقع مما أدى لقراءت خاطئة لمفاهيم: الوطن، الأمة، الهوية، الدولة، النظام، والسلطة. هذا الأمر يتطلب إعادة صياغة المفاهيم والمقولات السياسية لطرح الأسئلة: هل الوطن أرض أم تاريخ مشترك؟. هل نحن أمة واحدة، أم أمم؟. هل نمتلك هوية أم هويات متعددة؟. ما مفهوم الدولة، هياكل استبدادية أم مؤسساتية؟. ما شكل النظام، استبدادي (بدوي) أم ديمقراطي ، ليبرالي؟. ما مفهوم السلطة، إدارة شؤون مؤسسات الدولة والمجتمع أم إدارة نهب موارد الدولة وإخضاع العباد؟.
إن تبني مبدأ إلغاء الاخر (السلطة والمعارضة) لايمت بصلة للسياسة التي تعني إجراء المساومات لتحقيق المصالح، إيجاد قواسم مشتركة بين فئات المجتمع، بين الأمم، بين الهويات، وتوظيف التاريخ الحضاري المشترك للنهوض بمجريات الواقع والتطلع نحو المستقبل.
إن اعتماد مبدأ الالغاء التام للسلطة باعتبارها الشر المحظ ورحم الخطيئة، والمعارضة الخير الأزلي ورحم الفضيلة لتبرير سياسة التناحر الاجتماعي لأحزاب السلطة والمعارضة بغرض الاستحواذ والهيمنة على مقدرات البلاد...لايستند للفكر السياسي، وإنما لفكر مافوي، قسري، يضفي الشرعية على الأساليب القمعية ويبرر القتل العشوائي للهيمنة على السلطة.
مفهوم الدولة يعني النظام المؤسساتي المستند للتشريعات القانونية والمبادئ الدستورية المحددة للواجبات والحقوق بين السلطة والمجتمع، وانتهاكها يستوجب المحاسبة وفرض العقوبة أي كان شكل المنتهك، سلطة، مجتمع، أفراد.
يقول ((الياس مرقص))"يجب أن ندرك أن آلية سقوط الحق والقانون ليست بالضرورة وليدة حاكم وحكام وعسكريين، ممكن أن تكون مُنجبة من جميع الأحزاب والطبقات والايديولوجيات. يجب أن ننتهي من تصور مفاده: أن الشر يأتي من الحكام لا من المعارضة، ولا من المجتمع، ولا من الجماهير والشعب، من البيت ومن كل أماكن الكون الاجتماعي، وجوداً وروحاً. وبالأصح: روحاً وفكراً وعلاقات".
يجب نبذ مبدأ الغاء الآخر من الفكر السياسي بين السلطة والمعارضة في الوطن العربي ليصار لإيجاد قواسم مشتركة للخروج من أزمة السلطة المستعصية. الاستبداد، الهيمنة، العنف... ليست آليات سياسية متحضرة، إنها أساليب مافوية، قهرية، والغائية تعقد سُبل الحل وتُفاقم الأزمة.
الوطن، المواطنة، التاريخ الحضاري المشترك...ركائز أساسية لايجاد القواسم المشتركة بين الأمم، الهويات على الأرض. الهيمنة، الالغاء، التهميش....مدلولات غير إنسانية تبث الفرقة وتثير الضغائن بين الأمم، الهويات المختلفة على أرض الوطن.
إن صناعة المعرفة ليست صناعة جمعية لأمة بعينها، إنها صناعة رافدية المنابع، مشخصة التدفق ترفد مجرى الحضارة الانسانية. لذلك ليس من المجدي حشر الرفد الحضاري عنوة في جوف أمة بعينها لتضخيم ذاتها في اللاوعي، وتقزيم مساهمات الأمم الأخرى في صناعة الحضارة المشتركة. الوطن ليس الأرض وحسب، بل تاريخ، وأمم، ووشائج وصلات إنسانية ممتدة من عمق التاريخ، تنسج مكونات المجتمع في الحاضر. لاقداسة، ولا شرعية، ولا طهرانية..لأي مدلول مستحدث يدعو لبث الفرقة وزع الفتن بين أمم وهويات تعايشت عبر العصور على الأرض وساهمت بمجموعها في صناعة الحضارات الغابرة ومازالت ترفد الحاضر لتفخر الأجيال القادمة بها. الاختلاف، التمايز، التناقض بين الأمم، الهويات على الأرض ليست مدلولات تناحرية، إلغائية إنها مدلولات تنافسية، رافدية للمساهمة في رفد الحضارة الإنسانية!.
يقول ((هيغل))"وحدها الشعوب التي تعانق تناقضاتها، وتضطلع بها، تحيا وتتقدم".

http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم