الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة فهد سليمان في تأبين الدكتور جورج حبش

فهد سليمان

2008 / 1 / 31
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كلمة فهد سليمان، عضو المكتب السياسي
للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في تأبين القائد الوطني الكبير د. جورج حبش
مخيم اليرموك في 29/1/2008

في حضرة الشهادة وفي مقام تكريم الرحيل لقامة تاريخية عقدت لها القيادة على تقاطع الوطني مع القومي في منطقة لم تشفى شعوبها بعد من الجرح الغائر لسايكس بيكو الذي شلّعها إلى دول وشعوب..
وأمام تجربة نضالية وقفت، ومن موقع المسئولية، امام خيارات صعبة.. تجربة تعود إلى ستة عقود مضت..
يصعب الكلام عن د. جورج حبش بطموح الإحاطة بكل أو حتى بمعظم جوانب الموضوع شخصاً وتجربة..
فنحن أمام تجربة زاخرة.. الفرد فيها جزء من حركة التاريخ.. بمدها وجزرها..
فما بالك بقائد مؤسس لحركتين إحداهما لعبت دوراً مؤثراً في المدى القومي.. والثانية مازالت تضطلع بدورها المتقدم في المجال الفلسطيني..
وقد يعترض البعض على فصل يعتبره تعسفياً بين هذا المدى وذاك المجال، إنطلاقاً من صعوبة الفصل أو تعذره بين قضايا متداخلة في مشرق لم تلغِ التجزئة فيه الواقع الموضوعي لمشتركاته، هذا إن لم يكن لوحدته..
وهو ما ينطبق، من باب أولى، على الحالة الفلسطينية، شديدة التداخل بمحيطها، تؤثر فيه كما تتأثر به..
ولعل د. جورج حبش هو نموذج القائد الأكثر صفاءً في إنشداده إلى هذه المعادلة بانسجام حديها وتناقضهما معاً.
لقد كان فلسطينياً في قوميته وقومياً في فلسطينيته..
ليس بالمعنى الدارج منذ حرب الـ 67 الذي ينطلق من إستقلال النضال الوطني التحرري الفلسطيني ليثمر ما يواشجه مع محيطه..
بل بالمعنى العضوي والسياسي المباشر الذي يتعاطى مع ملف الصراع العربي – الاسرائيلي ببعده الشامل، لكن إنطلاقاً من بؤرته المركزية: فلسطين.
ومن هنا شعار السهم المتجه إلى فلسطين الذي يرمز، على الأرجح، إلى هذا البعد في الفكر السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وبما أنه يصعب في هذا المقام الكلام عن د. جورج حبش بالمستوى الذي يستحقه حقاً وتاريخاً..
سيتم الإكتفاء بإشارات سريعة إلى بعض جوانب فكره وتجربته التي تشكل إحدى عناوينها الرئيسية – بلا شك – موضوعة الجماهير المعبأة والمنظمة التي هي وحدها صانعة التاريخ، وهي الأساس في معركة التحرير..
وفي هذا إستعادة حرفية لما كان يتردد على لسانه وفي كتاباته دون كلل..
وفي ظني أن آخر أجمل هدية تلقاها فقيدنا الكبير، قبل أيام قليلة من رحيله، هي تلك التي تمثلت بالموجه الجماهيرية العاتية التي إجتاحت جدار معبر الإذلال والحصار في رفح..
هذا العنوان شكل أحد المحاور الرئيسية للفكر السياسي وللممارسة النضالية لجورج حبش الذي استخلص في شبابه المبكر العبرة الرئيسية من ثاني تجاربه السياسية بعد تجربة نادي "العروة الوثقى" في مرحلة الدراسة الجامعية..
وأقصد بذلك تجربة "كتائب الفداء العربي" الفاشلة التي قامت على العمل الصدامي المباشر للفرد بمعزل عن حركة الجماهير المعبأة والمنظمة..
لقد بقي هذا العنوان، عنوان الجماهير المعبأة والمنظمة ملازماً لفكره وممارسته في مجرى تشكل حركة القوميين العرب، إن في مرحلتها القومية الصرف، أو في مرحلة تلمسها وتبنيها للبعد الإجتماعي في النضال القومي، الذي وضع الإشتراكية إلى جانب الوحدة والتحرير..
وكذلك في مرحلة الإلتحام بالناصرية التي إعتبرت حركة القوميين العرب نفسها بمثابة حركتها الجماهيرية المنظمة في المدى العربي، مشرقاً وخليجاً بالتحديد..
وكان أن إنتقل هذا العنوان، عنوان الجماهير المعبأة والمنظمة بحكم الإرث والتواصل النضالي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليكون أحد أبرز محاور عملها وليشكل مع الكفاح المسلح في إطار برنامج التمسك بالثوابت الوطنية، أحد العوامل الرئيسية لإقامة وإدامة النفوذ السياسي لهذا التنظيم الرئيسي في صفوف الحركة الفلسطينية..
وايضاً في بعض جوانب فكر الحكيم وتجربته النضالية نشير إلى الموقع المحوري الذي إحتلته الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار م.ت.ف. التي لم يطعن أبداً بمكانتها التمثيلية حتى في أشد مراحل معارضته لخط قيادتها المتنفذة..
وفي ظني ما يستحق التأمل هو جدلية التحالف والخلاف (وصولاً إلى الإفتراق المؤقت أحياناً) في الفكر السياسي لجورج حبش نظراً لما يمكن أن يستخلص منها من الزاوية التالية:
إن معارضته السياسية الحازمة لما كان يعتبره خروجاً عن الثوابت أو مساساً بها كانت تمضي بعيداً، وبعيداً جداً، لكنها – في الوقت عينه – كانت تحجم عن الإنقسام وإلحاق الأذى بالمؤسسة الأم أي منظمة التحرير، وكانت تربأ بنفسها اللجوء لاستخدام أسلوب الإنقلاب عليها..
لقد كانت معارضته قاسية ولم ترتدِ يوماً قفازات مخملية، لكنها في نقطة ما من مسارها كانت تستدير لملاقاة شروط تجديد الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير وتحت رايتها..
في فكر فقيدنا الكبير إنحكمت جدلية اللقاء والإفتراق إلى سقف الوحدة، فهي المرجعية والإطار بقواسمها المشتركة وتسوياتها،
نعم تسوياتها وتنازلاتها المتبادلة.. ولعل هذا ما نحن أحوج ما نكون إليه في الظرف الصعب الذي تجتازه مسيرتنا الوطنية..
فالخلاف على أنابوليس نضعه خلف الظهر، لأن الراهن والمباشر هو المسار الفعلي للمفاوضات التي كانت الحكومة الحادية عشرة، حكومة الأئتلاف الوطني برئاسة اسماعيل هنية، قد وافقت وبملء إرادتها، على إحالة مسئوليتها ومسئولية إدارتها إلى اللجنة التنفيذية ورئيسها..
وباعتقادنا، أن النقطة المفصلية المطروحة على هذا الصعيد ليست الموافقة على المفاوضات من عدمها، بل الإتفاق على شروط إستمرارها أو تعليقها فقطعها..
فهل نقبل بمفاوضات يديرها العدو تحت النار، نار الاستيطان والتهويد والحصار والعدوان، أو.. نقطعها إلى أن ينقطع سيل العدوان والإستيطان..
وهل نقبل باستمرار مفاوضات يديرها العدو بشروطه التي تحدد مسبقاً نتائجها المتعاكسة تماماً مع حقوقنا الوطنية..
هذه هي المسألة التي تحتاج إلى رأي واحد وقبضة موحدة..
وكذلك الخلاف على من تؤول إليه الولاية على معبر رفح نضعه خلف الظهر لصالح الإتفاق على تلك الصيغة التي تفتح أبواب القطاع المحاصر ليس على مدينتين شمال سيناء للتبضع، بل على العالم بأسره..
والتي تفتح أبواب غزة على الضفة وأبواب الضفة على غزة.. فمؤامرة فصل الضفة عن غزة لا تقل خطورة عن فصل القطاع عن العالم..
لا بل أنها، في واقع الحال تتجاوزها خطورة، لأنها تسعى إلى استبدال مخطط تطويع القطاع البطل الذي لم ولن يركع، بمخطط مصادرة الكيانية الوطنية المستقلة على عناوين تعيد عقارب الزمن إلى ما قبل حرب الـ 67،
وهذا بدوره لن يقع بالإرادة الفلسطينية الملتقية مع الإرادة العربية..
إن هذه المسائل وغيرها تندرج تحت عنوان واحد هو الإنقسام الفلسطيني الذي ينذر استمراره بانعكاسات شديدة السلبية على الحالة الفلسطينية والنضال الوطني عموماً..
من هنا الدعوة إلى الحوار الوطني الشامل، فمن ينشد الخلاص الوطني لا خيار أمامه سوى هذا الخيار..
وهو الخيار الذي بقى فقيدنا الكبير متمسكاً به، داعياً له.. وأمامه أحد جدران غزة ينهار بفعل ضغط الجماهير المعبأة والمنظمة.. وكله أمل وثقة بأن هذا سيكون مصير جميع الجدران والأسوار التي تحجب شمس الحرية والإستقلال عن الوطن..
فإلى شعبنا الفلسطيني نتقدم بأحر التعازي.. قبل أن نتقدم بها إلى رفاق الدرب في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وإلى منظمة التحرير..
فالقامة التاريخية السامقة وان رحلت،
ستبقى حيّة بما قدمت،
خالدة بما زرعت..
والسلام عليكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله.. هل نشهد غزة جديدة في بيروت؟ | #


.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: نست




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض: الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق إز


.. رصد لأبرز ردود الغعل الإسرائيلية على اغتيال القيادي في حزب ا




.. وزير الخارجية اللبناني يتهم إسرائيل بـ-الإرهاب- بعد انفجارات