الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمات التي تنتظرنا

محمد زهير الخطيب

2008 / 2 / 2
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية  تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع 


لتحديد المهمات الأساسية التي تواجه قوى الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط يمكننا أن نستفيد من عالم الطب حيث يقوم الطبيب بفحص المريض ثم تحديد أعراض المرض ثم تشخيص هذه الاعراض وتحديد نوع المرض ثم ينتهي بوصف الدواء المناسب.
وجاء في القرآن الكريم: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} كما ورد في الاثر كيفما تكونوا يول عليكم، فالتغيير عملية تبدأ من داخل النفس لا من خارجها، كما يقول ايمانويل كانت: الأمة التي لاتشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لاتستحق الحرية. وفي هذا نستحضر حديث مالك بن نبي عن قابلية الاستعمار، فليس كافيا أن تتحرر الشعوب من المستعمر الخارجي إن لم تكن محررة من داخلها، وإلا فإنها ستستعيض محتلا خارجيا بمستبد داخلي وتبقى معاناتها مستمرة. وفي التنظير لبناء عمل حزبي منظم يرى الاستاذ حسن البنا أن أركان التنظيم هي: الفهم والاخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والاخوة والثقة. وبالاستفادة من كل ماسبق يمكننا أن نقول أن المهمات الأساسية التي تواجه قوى الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط هي:
1- الوعي: إن الوعي والشعور بالحاجة إلى التغيير هو بداية الطريق، ويكون ذلك بتشخيص الواقع وفهم الامور وتحديد الاهداف والطرق والوسائل والحلول والآليات الواقعية والحضارية، ولن يتحقق هذا إلا بالعلم ونشر ثقافة الحرية والعدالة والمساواة والشعور بالمسؤلية ولا شك ان أهم العوائق التي تعيق هذا الوعي هي حالة التخلف والوهن والتشرذم والخوف التي أصابت المجتمعات في الشرق الاوسط واستفحلت بسبب الارهاب السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تمارسه السلطات المستبدة الفاسدة على المجتمع.

2- التربية: إذ لا يمكن مواجهة نظم وقوى الاستبداد بمختلف أشكال ظهورها والأغطية التي تتستر بها إلا بتربية المجتمع على الاخلاق وإحياء الضمير الذاتي والاهتمام بالشأن العام ومؤسسات المجتمع واستنكار الغش والرشوة والواسطة ...
وبالتربية كذلك يمكننا محاصرة الفكر الشمولي والتعصب القومي والتمييز الديني والطائفي والجنسي ونشر ثقافة الحوار والتبادلية والديمقراطية، وهذه التربية هي مسؤولية جماعية في البيت والمدرسة والجامعة ودوائر الدولة وقطعات الجيش ودور الصحافة والنشر والفضائيات.

3- التنظيم: باعتياد العمل الجماعي والتطوعي والاهتمام بمؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان ويشمل الحوار والتعاون والتحالف واستخراج قيادات قوية أمينة. واعتماد التخطيط والتنفيذ والتنمية والانتاج وتطوير المناهج وترتيب الاولويات ...

4- العمل: وبعد الوعي والتربية والتنظيم لابد من العمل بجد وصبر وتعاون على تطبيق الحلول على الواقع لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة. وإنهاء الصراع المصطنع بين أطياف المجتمع اليسارية واليمينية والدينية والعلمانية والعربية والكردية ... فهذه جميعها معركتها الحقيقية هي المعركة ضد الاستبداد والفساد والتمييز بكل أشكاله، وجميع المعارك الاخرى معارك جانبية مصطنعة يمكن أن تعالج بالحوار والتفاهم والاحتكام إلى الآليات الديمقراطية التي توصل لها العالم المتحضر بعد أن دفع ثمنا باهظا في حروب طاحنة راح ضحيتها ملايين البشر.
ولاشك أن هناك علاقة جدلية بين بناء مجتمع مدني ديمقراطي حديث وبين قيم العدالة الاجتماعية والمساواة، وليس هناك تناقض بينهما. إن التحدي الكبير أمامنا هو الوصول إلى الدولة الديمقراطية التي تقوم على الحرية والمساواة والعدالة والتنمية، والتي تستأصل ينابيع الفساد والتخلف، ثم لن يكون الفرق كبيرا في أن يحكم الوطن ليبراليون أو المحافظون ما داموا ملتزمين بالديمقراطية والتبادلية، وستكون الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني وصناديق الاقتراع جاهزة لمحاسبة وتسديد مسيرة الحزب الحاكم اذا أخطأ في تقدير مصالح الوطن.

القوى التي ستحقق الدولة المدنية الديمقراطية حديثة:
إنها القوى الوطنية التي ستسلك الطريق السلمي الديمقراطي والتعددية الفكرية والسياسية للاصلاح والتغيير، ويجب أن تتخلص هذه القوى الوطنية من الامراض والعلل التي تعاني منها السلطة ففاقد الشيء لا يعطيه، وتجمعات المعارضة التي تمارس الاستبداد والفساد في تنظيماتها ستكون عاجزة عن منح الحرية والديمقراطية للاخرين. والتغيير عمل تراكمي وليس حماسة طائشة، وهو في إطاره الداخلي مقاومة لقوى الاستبداد والفساد ويجب أن يكون سلمياً وطنياً، وبحسب تعبيرالكواكبي فهو يقوم على فكرة "اللين" لافكرة "العنف" وفكرة "التدرج" لافكرة "الاقسار والاجبار" وما كان العنف في شيء إلا شانه وما كان الرفق في شيء إلا زانه، كما لابد من الاعتماد على إمكانات الوطن وقدراته في الدخول إلى هذه المعركة النبيلة وتوقيت إجرائها حسب توفرهذه الامكانات ونضوج هذه القدرات لضمان النجاح والغلبة. ولابد من تصور البديل حيث يؤكد الكواكبي على وضع البرامج البديلة والمناهج السياسية المتكاملة قبل الشروع أصلاً في عملية "مقاومة الاستبداد" التي تبدو بدون هاتين النقطتين فعلاً انتحارياً يكلف الامة والطليعة الكثير من الخسائر الجسيمة في الأرواح والإهدار في الاموال وتضيع الكثير من الحقوق والطاقات.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني