الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة حقيقية تتكرر يوميا في أوطان الظلمة و الجراد..

سعد صلاح خالص

2003 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


اسمها غير معروف.. فالتقاليد لا تسمح بنشر اسماء الاناث
وجد أحدهم  جثتها في بركة عفونة تختلط فيها مياه المجاري بمياه الشرب ببول البشر و الحيوانات..
سنها.. عشرون أو أقل، فأعمار الاناث كأسمائهن ممنوعات من الصرف و التداول..
كانت صلعاء تماما..
الحلاقة حتى الصلع كانت عقوبة انزلها بها الأب التقي الورع ..
التهمة .. الحب الحرام .
و الحب الحرام في تلك الأوطان ، قد يكون نظرة عابرة، أو ابتسامة غير مقصودة، و أو حتى خصلة شعر فائرة عرضا..
انتقم من شعرها، و سجنها في غرفة أسبوعا .. عقوبتها القصوى كانت الموت ذبحا، ان لم تعترف بأسم الحبيب المجهول، الذي ربما كان حلما أو فكرة أو عابر سبيل غريب لا يمر امثاله في تلك القرية كثيرا..و ذبح الاناث،أو اللحم الرخيص، ليست جريمة هنا مادام الشيخ و الإمام و الوالد و الأخ      و الأب و المالك و الشرطي و المدرس و العاطل و القواد و قاطع الطريق وجوها متعددة لذات المسخ الذكري..

عقدت عزمها، و احتالت على أمها، و هربت في تلك الليلة الباردة.. لن تمكنهم من ممارسة طقس القتل، القت بنفسها في بركة العفن تلك و غادرت الى الابد. جبال جرداء و وديان قاسية  و ظلام لا ينتهي كانوا شهود ذلك  الطقس الاخير.
 انتهت خبرا من أربعة أسطر في جريدة، و قصة قصيرة الاجل في ذاكرة قرية لا ترحم..

هذه ليست حكاية.. حدث هذا في واحدة من الاف القرى المعزولة في بلد عربي قبل ايام معدودة. في قرى تقف المرأة فيها  و وجهها الى الجدار اذا صادفت بالخطأ رجالا في طريقها..

ما أكذبنا عندما نعوي و نتهاتر في الحريات و الانتخابات و الاحتلالات و الدكتاتوريات، بينما يأكل الوحش المقيم بين ظهرانينا اجمل ما في اعمارنا يوميا.. ما اعبث حوارات النخب في أوطان تفارقنا فيه  مئات الفتيات يوميا بين عرض و شرف و دين و تقاليد، و الاف الفتيان يوميا بأسم الدم و الثأر      و الكرامة و الرجولة..

أهو العدو الخارجي الطامع الذي  احرق الحرث والنسل، أم هو ذلك الوحش الكامن في نفوسنا البشعة و الذي لا نجرؤ حتى على مجرد ذكر اسمه.. الوحش الذي علمنا بأن قتل البنات رجولة،         و الاغتصاب فحولة، و الجهل ورع و تدين، و الذبح جهاد ، و قتل البراءة مكرمة.

تشهد جبالنا و ودياننا و صحارينا  باننا خير أمة تحتقر الحياة ، و تمارس طقس القبور الجماعية يوميا  و على مدار الساعة، و تدفن البراءة في برك المجاري العطنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتدي ضربا على مسيرة مؤيدة لفلسطين في فلوريدا


.. كيف تحايل ترمب على قرار حظر النشر في قضية شراء الصمت ؟




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح.. 30 ألفا يغادرون يوميا منذ ا


.. جذب الناخبين -غير المهتمين-.. مهمة يسعى لها كل من ترمب وبايد




.. العملات المشفرة.. سلاح جديد لترمب لجذب الناخبين -غير المهتمي