الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير فينوغراد وطابع السياسة العدوانية للنظام في اسرائيل

احمد سعد

2008 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


أخط هذه الكلمات في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني، أي قبل يوم واحد فقط من اصدار "التقرير الثاني" للجنة فينوغراد حول استخلاص النتائج من الحرب العدوانية الاسرا-امريكية الفاشلة على لبنان. وعدم الانتظار للتعليق والتحليل الى ما بعد صدور التقرير الثاني لهذه اللجنة في اليوم الاخير من شهر يناير، نابع من حقيقة ان معطيات التقرير الثاني لن تختلف من حيث الجوهر والمدلول السياسي عن هوية وطابع الاستنتاجات التي توصلت اليها هذه اللجنة في تقريرها الاول والتي تجسد وتعكس حقيقة هوية وطابع النظام القائم في اسرائيل ودوره ومكانته في اطار الاستراتيجية العدوانية للهيمنة الامبريالية الامريكية في المنطقة. ففي التقرير الاول الذي صدر، وفي التقرير الثاني، تتمحور القضية المركزية حول لماذا لم تحقق اسرائيل انتصارا عسكريا حاسما في هذه الحرب رغم الدمار الكارثي الذي احدثته في الطرف اللبناني، ولماذا استطاعت حركة المقاومة اللبنانية وحزب الله في مركزها من الصمود اسطوريا وتوجيه ضربات موجعة لجيش الغزاة ولجبهته الخلفية! من يتحمل المسؤولية في اسرائيل عن هذا الفشل، هل هي القيادة العسكرية ام القيادة السياسية، ومن سيكون كبش الفداء؟
برأيي ان اهم ما يعكسه تقرير لجنة فينوغراد من حيث المدلول السياسي ان معطياته في التقريرين تعكس الهوية الحقيقية والطابع الحقيقي للنظام القائم في اسرائيل المبنية سياسته على قواعد التوسع الاقليمي العدواني والغطرسة العسكرية الشوفينية المشحونة بمبدأ قانون الغاب كبديل لقانون الشرعية الدولية وبحق القوة والبلطجة العدوانية العربيدة كبديل لمبدأ قوة الحق، واللجوء الى ممارسة ارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم الاحتلالي والعنصرية الفاشية والفاشية العنصرية كبديل لمبدأ التعايش السلمي القائم على المساواة والاحترام المتبادل في الحقوق والمنفعة المتبادلة بين اسرائيل وبلدان وشعوب المنطقة المجاورة لها. فهوية وطابع النظام القائم في اسرائيل (حكومة كاديما - العمل – الحراديم واحزاب المعارضة اليمينية المتطرفة والاصولية اليهودية المتطرفة) ومن خلال معطيات تقرير فينوغراد تعكس الحقائق المأساوية التالية:
* اولا: ان الرسالة الاساسية التي تعمل مختلف القوى الصهيونية المتربعة على عرش السلطة والمنافسة لها من قوى اليمين المغرق في تطرفه من احزاب ايتام ارض اسرائيل الكبرى، من الليكود والمفدال واسرائيل بيتنا وهئيحود هلئومي، الرسالة التي تعمل قوى السلطة ومعارضوها من منافسيها على السلطة على استيعابها ومواصلة تبنيها هي الاصرار في العمل على المحافظة على مكانة ودور اسرائيل كمخفر استراتيجي امامي للعدوان الامبريالي في المنطقة ضد مصالح شعوب وبلدان المنطقة وكونيا، وخاصة خدمة استراتيجية العدوان الامريكية كشريك فعال في اطار تجسيد المخططات والبرامج العدوانية الامريكية في المنطقة وعالميا. فالجدل الدائر في اسرائيل منذ الحرب الثانية على لبنان وحتى اليوم، وخلال اكثر من سنة ونصف حتى صدور التقرير الثاني للجنة فينوغراد يجسد حقيقتين اساسيتين، الاولى، ان صمود المقاومة اللبنانية عسكريا وافشالها لمخطط الحرب الاسرا-امريكية واهدافها السياسية قد وجه ضربة موجعة الى المخطط الاستراتيجي الامبريالي الامريكي للهيمنة في المنطقة. فقد اثبتت الهزيمة العسكرية لاسرائيل في لبنان انه لا يمكن بعد ضمان نجاح مخططات العدوان الامبريالية اعتمادا فقط على اسرائيل كمخفر امامي للعدوان الامبريالي الامريكي، وبالرغم من ان القوة العسكرية لاسرائيل المدعومة بأحدث ما صُنّع من آلات الدمار العصرية من طائرات ومنظومات صاروخية ودبابات، تفوق القوة العسكرية لجميع البلدان العربية مجتمعة. فنهج المقاومة في الحرب اللبنانية الثانية قد ادى عمليا الى تغيير النظرة الاستراتيجية لطابع الحروب. كما ادت الى زيادة قناعة ارباب استراتيجية الهيمنة الامريكية في المنطقة بان نجاح هذه الاستراتيجية مرهون بالنجاح في تطبيع العلاقات بين اسرائيل والانظمة العربية "المعتدلة" والمدجنة امريكيا، خاصة وان اسرائيل وحدها، كما ثبت لا تستطيع القيام بهذه المهمة، وهذا هو المدلول السياسي للمخطط الاستراتيجي الامريكي الساعي لاقامة "الشرق الاوسط الكبير".
والحقيقة الثانية، ان القوى اليمينية المتطرفة والعنصرية الفاشية تنشط لاسقاط حكومة الفشل في حرب لبنان، لاسقاط حكومة كاديما اولمرت وبراك العمل، ليس من منطلق اقامة حكومة بديلة سياسيا تنتهج سياسة سلام وتطلق ثلاثا سياسة الاحتلال والعدوان وخدمة استراتيجية العدوان الامبريالية، بل منطلق وسياسة هذه القوى المغامرة تتمحور حول تصعيد السياسة العدوانية والهرولة الكارثية الى هاوية الفاشية العنصرية المأساوية.
* ثانيا: ان تقرير لجنة فينوغراد قد شرعن عمليا تمسك النظام القائم في اسرائيل وقوى المعارضة اليمينية المتطرفة والفاشية العنصرية بسياسة خلط الاوراق بين المقاومة والارهاب وذلك بهدف شرعنة الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية والسورية والتنكر لثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية الشرعية بالتحرر والدولة والقدس والعودة. وبالتنسيق مع ادارة بوش – تشيني – رايس لجأ ويلجأ المحتل الاسرائيلي ومعه مختلف الاحزاب الصهيونية الى تشويه جوهر وحقيقة الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، تشويه حقيقة ان سبب الصراع وجوهره يكمنان في وجود الاحتلال الاسرائيلي جاثما على تراب المناطق الفلسطينية المحتلة منذ السبعة والستين وتنكر اسرائيل ومنذ نكبة الشعب العربي الفلسطيني لحقوق هذا الشعب الوطنية بتقرير مصيره في اطار دولة مستقلة وحق لاجئيه بالعودة وفقا لقرارات الشرعية الدولية. فبدلا من هذه الحقيقة يلجأ محور الشر الاسرائيلي – الامريكي الى التضليل بالادعاء وكأن سبب الصراع وجوهره يكمن في وجود وتصاعد "الارهاب الفلسطيني"، وان الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني ليس اكثر من نزاع على اراض بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية ويمكن سلميا حل هذا النزاع بتسوية الحدود لولا معارضة ومقاومة قوى الارهاب الفلسطينية لأي تسوية سلمية!! وقد حاول مؤتمر انابوليس، الذي عقد في شهر تشرين الثاني من السنة الماضية بدعوة من بوش ان يطلق "مبادرة سلمية" على ارضية خلط الاوراق بين المقاومة ومترو الارهاب بهدف الانتقاص من ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية. وتحاول حكومة اولمرت – براك تثبيت الاقدام المهتزة لائتلافها والمهدد بالسقوط من جراء فشل حربها العدوانية على لبنان من خلال السمسرة بالحقوق الوطنية الفلسطينية واثبات ان لا منافس لها، وان لا يزاود احد عليها، في سياستها المعادية لثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية والتي تلقى الدعم والتأييد من الادارة الامريكية، فالقوى اليمينية والفاشية العنصرية والاصولية الدينية اليهودية الاكثر تطرفا، من الليكود والمفدال وهئيحود هلئومي واسرائيل بيتنا تسعى وتنشط لاسقاط الحكومة بهدف اقامة حكومة بديلة اكثر يمينية وفاشية عنصرية بقيادة زعيم الليكود بنيامين نتنياهو او بتحالف هذه القوى مع قوى من داخل كاديما وحزب العمل، وخاصة مع ايهود براك بعد انتخابات برلمانية مبكرة، فبعد خروج المأفون الفاشي العنصري افيغدور ليبرمان وحزبه "اسرائيل بيتنا" من الائتلاف الحكومي تقلص الائتلاف الحكومي الى ستة وستين عضوا، ويكفي انسحاب حركة "شاس" او ثمانية اعضاء حتى تسقط الحكومة، ولتثبيت اقدام حكومته وكرسي رئاسة الحكومة يلجأ رئيس الحكومة الى عدة اجراءات وصفقات وخطوات تعكس مدى عفونة وفساد النظام القائم. فللحفاظ على بقاء حركة شاس في الائتلاف الحكومي "لها 11 عضو كنيست" اعلن اولمرت انه لن يتعدى الخط الاحمر الذي وضعته شاس وهو يتبناه اصلا، ان لا تفاوض مع الفلسطينيين حول القدس الشرقية في اطار محادثات الحل الدائم!! كما انه متفق مع بوش ان حق العودة للاجئين الفلسطينيين غير مطروح على جدول المحادثات، فلا عودة عن التنكر لحق العودة. وان لا يزاود احد على حكومة اولمرت- براك، فمنذ سبعة اشهر يفرض الحصار الاقتصادي والتجويعي على قطاع غزة ويعتبر القطاع كيانا ارهابيا معاديا تمارس ضده مختلف العقوبات الجماعية وجرائم الحرب ويعتقل عمليا مليون ونصف مليون فلسطيني في معسكر اعتقال جماعي (اوشفيتس فلسطيني)!! يعني يحلم الفلسطينيون بقيام دولة على كل المناطق المحتلة منذ السبعة والستين – حسب منطق اولمرت وسيده بوش.
فنظام هذا طابعه العدواني وهذه هويته السياسية لا يمكن ان يكون السلام العادل هدفه الاستراتيجي او خياره الاستراتيجي.
* ثالثا: التمسك بالطابع العنصري الممارس لـ "دولة اليهود": لا نتوخى من تقرير فينوغراد التحدث عن التمييز الصارخ ضد الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل الذي برزت ملامحه السوداء ابان الحرب اللبنانية الثانية ايضا. فانعدام وسائل الوقاية من ملاجئ وغيرها جعل نسبة الضحايا من القتلى والجرحى العرب في حيفا وقرى الشمال العربية اضعاف نسبتهم من السكان واكثر من القتلى المدنيين اليهود. لا نتوخى التطرق للمواطنين العرب في دولة يمارس نظامها بشكل منهجي سياسة تمييز قومي عنصرية ضد العرب، سياسة تعتبر العرب "طابورا خامسا" معاديا، سياسة تخطط برامج مدلولها الحقيقي اعتبار الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل "كيانا معاديا" وخطرا ديموغرافيا استراتيجيا يهدد استراتيجيا الطابع الصهيوني للدولة كـ "دولة يهودية" نظيفة من "دنس الغوييم العرب". ولمواجهة هذا الخطر يجري التخطيط على مختلف المستويات الرسمية والاكاديمية الصهيونية للتخلص من الوجود العربي في وطنهم من خلال مختلف اشكال الترانسفير للعرب، ومع بدء الحديث عن محادثات الحل النهائي والوضع النهائي للصراع الاسرائيلي العرب ازداد اكثر الحديث عن مبدأ التبادلية، مبادلة عرب المثلث بقطعان المستوطنين وازداد نشر المقالات الفاشية العنصرية في الصحف العبرية التي يحذر بعضها من ان يلجأ عرب الجليل والمثلث الى المطالبة بالاستقلال الذاتي وحتى الانفصال والاستقلال ومقارنتهم بألبان كوسفو هذا بالاضافة الى عواء الفاشيين امثال النائب افيغدور ليبرمان، الذين يطالبون بمصادرة الحقوق السياسية للمواطنين العرب وترحيلهم ولعل آخر مثل على الطابع العنصري المعادي للعرب وللدمقراطية الذي يتسم به النظام الرسمي القائم في اسرائيل هو لجوء المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز، الى اغلاق ملف قتلة ثلاثة عشر شابا عربيا وعشرات الجرحى في احداث هبة اكتوبر الفين احتجاجا على مجزرة القدس والاقصى. قرار عنصري يشرعن ويستبيح قتل العرب ويحرض على قتلهم في ظل الاجواء التحريضية العنصرية السافرة والمعادية للعرب.
امام هذا الطابع الاجرامي للنظام القائم فلا خيار امام القوى الدمقراطية والتقدمية العربية رص وحدة الصف والنضال ضده لدفن سياسته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز