الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقرة ومعزة شلومو

احمد محمود القاسم

2008 / 2 / 10
كتابات ساخرة


يقال بان يهوديا كان يعيش مع زوجته وأطفاله في غرفة واحدة، ويملك بقرة ومعزة، ولقد ضاق به الحال، وبزوجته، فلم يعد يستطيع التحمل أكثر من ذلك، فطلبت منه زوجته، حلا لهذا الوضع الصعب والمزري، فلم يستطع عمل أي شيء لها.
فقالت له زوجته: عليك بالذهاب الى حاخام الكنيس، وتشكو له حالنا ووضعنا المزري، وتطلب منه، أن يطلب من ربنا الله، أن يوسع علينا منزلنا ويخفف من معاناتنا.
وفعلا ذهب شلومو الى الحاخام في الكنيس، كما طلبت منه زوجته ذلك، وابلغ الحاخام بحاله الصعب، ومعاناتهم من الضيق والهم الذي يعيشونه.
أجابه الحاخام بأنة تبلغ الرسالة وفهم المضمون والمطلوب منه عمله، ووعده بأنه سيعمل على نقل الرسالة الى ربه ليعطيه حلا لها، وطلب منه، أن يعود إليه بعد أسبوع، وفعلا انتظر شلومو وزوجته على أحر من الجمر، مرور الأسبوع، ثم ذهب الى الحاخام في الكنيس في الموعد المحدد، وسأله عما اذا جاءه رد من ربه؟
فأجابه الحاخام بالإيجاب، بأنة عندما نقل الرسالة الى الرب، أن الرب ابلغه بان عليه أن يدخل البقرة الى داخل الغرفة، لفترة مؤقتة من الوقت، وطلب منه العودة إليه، ومراجعته بعد أسبوع.
ذهب شلومو متجهم الوجه الى زوجته، فسألته زوجته عن سر تجهم وجهه؟
فأجابها شلومو برد الحاخام الذي تلقاه من ربه، وبأنه اذا كان يود رأي الرب ومساعدته في محنته فعليه، الالتزام بتنفيذ كل ما يطلبه الرب منه.
فقالت زوجته له، وماذا يود الرب منا أن نفعل؟
فقال لها بأنة امرنا أن ندخل البقرة الى داخل الغرفة، لفترة من الوقت، ويجب أن لا نرفض أمره هذا حتى يتسنى له مساعدتنا والا فلا داعي للذهاب عنده والشكوى له.
فقالت له زوجته، لا حول ولا، وطلبت من زوجها شلومو العمل على إدخال البقرة فورا، حسب تعاليم الرب وحاخام الكنيس ففعل.
مضى الأسبوع الأول على شلومو وزوجته أكثر صعوبة وهما من ذي قبل وتذمرا وألما، فسارع شلومو حسب طلب زوجته له بمراجعة الحاخام مرة أخرى، فيما اذا وصله رد من الرب مرة أخرى او لا؟
فقال له الحاخام، بأن الرب يطلب منك، أن تدخل المعزة وتخرج البقرة من الغرفة، فذهب الى زوجته وابلغها بالخبر، وفعلا قام شلومو بإخراج البقرة من الغرفة، وادخل مكانها المعزة، وبقي شلومو وزوجته على هذا الحال، أسبوع يدخل البقرة وأسبوع يدخل المعزة او يبقيهما معا داخل الغرفة، والحاخام يضحك على شلومو ويقول له أن الرب طلب مني أن أبلغك الرسالة، وأنت حر فيما ترفضه أو تقبله من الأوامر، ولكن هذه هي شروط الرب لمساعدتك والتخفيف عن معاناتك، إذا كنت تطلب منه الرحمة، فعليك تنفيذ أوامره بحذافيرها، والابتعاد عن نواهيه.
حتى أصبح شلومو ألعوبة امام الحاخام، يصيره كما يشاء، وحسب مزاجه، ووصل الأمر بزوجة شلومو حدا قالت لزوجها، أرجوك ثم أرجوك ثم أرجوك، أن تبلغ الحاخام، بأننا مرتاحين جدا بوضعنا السابق، ولا نريد رحمته، ونرجوك أن تخلصنا من وضع البقرة والمعزة من داخل البيت، وإننا كنا مخطئين عندما التجأنا إليك، ولم يكن في علمنا ما حصل لنا ويحصل الآن معنا على لديك، وهذا فعلا ما بلغه شلومو للحاخام، وتركه ورجع عائدا إلى زوجته.
هذا نموذج للعقلية اليهودية في تعاملها مع المفاوض الفلسطيني بالضبط، في مفاوضات الحل السلمي لمعاناة الفلسطينيين، بحيث تضع أمامه العراقيل تلو العراقيل، وتضعه بموقف يتمنى فيه العودة الى ما كان قد رفضه بالسابق، من وضع يصعب قبوله وهكذا دواليك،فبعد أن يرفض المفاوض الفلسطيني ما يقدمه المفاوض الاسرائيلي من حلول ومقترحات، يعود مرة أخرى بترجي المفاوض الاسرائيلي بقبول ما سبق أن رفضه، وهنا يعاود المفاوض الاسرائيلي لفرض شروط أخرى أكثر إذلالا وإجحافا بحق المفاوض الفلسطيني، وحيث انه لا يوجد لدى الجانب الفلسطيني، اختيارات وأوراق كثيرة للمساومة لفرضها على المفاوض الإسرائيلي، فلا مجال أمامه إلا السكوت والرضي بكل ما يطرحه عليه المفاوض الإسرائيلي.
المثل الفلسطيني يقول: " تمسكن حتى تتمكن ", ومثلا آخر يقول: " تمسك بالمقصقص حتى يجيك الطيار " ومثلا آخر يقول " خذ ثم طالب " طالما لا يملك المفاوض الفلسطيني القدرة على خلق وفرض ظروف أخرى جديدة على الأرض عبر القوة، فلن يستطيع المناورة او المساومة، وطالما موازين القوى المحلية والعربية والدولية ما زالت تميل لصالح العدو، فلن تستطيع فرض الحق والعدل عليه، ولن تنفعنا سوى السياسة القائلة، ليس بالإمكان أحسن مما كان، وإلا سنصبح بوضع شلومو بالضبط، وعليه يجب التلويح بسلاح الانتفاضة دوما، ووقف المفاوضات دون رجعة، اذا أردنا تغيير موازين القوى المحلية على اقل تقدير، وقبل التلويح بهذا السلاح، يجب أن تكون قادرا على تثوير الجماهير في المكان والزمان اللذين تريدهما، وهذا يتطلب إعادة شحذ همم الجماهير الفلسطينية مرة أخرى، حتى تتجاوب مع طلباتك، وحتى تتجاوب هذه الجماهير معك، عليك أن تكون صادقا وواضحا معها وصريحا، بما فيه الكفاية، وان تستمع الى وجهات نظرها وتحليلاتها السياسية، ومواقفها النضالية وتستطلع آراءها، قبل أي خطوة تخطوها مهما كانت صغيرة، كما يفعل تماما الوفد الاسرائيلي المفاوض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نجل الفنان الراحل عزت العلايلى يتعرض لوعكة صحية.. وهذا آخر م


.. فيلم تسجيلي عن نجاحات النسخة الأولى من مهرجان العلمين الجديد




.. هل سيبدأ پيو بالغناء بعد اكتشاف موهبته؟ ????


.. حكايتي على العربية | التونسية سارة الركباني تحترف السيرك بشع




.. الفنان درويش صيرفي: أعطيت محمد عبده 200 دانة حتى تنتشر