الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية الصراع القادم

علاء الخطيب

2008 / 2 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بات الحديث عن الفيدرالية في العراق مفردة يومية تقسَّم الشارع العراقي بين مؤيدٍ ومعارض, فمنذ سقوط النظام البائد ودخول قوات الأحتلال الامريكي قفز السؤال الأكثر أهمية في أذهان العراقيين وهو ( العراق الى أين؟ ) هل يبقى واحدا ً موحداً أم هو سائر للتقسيم أم أنه سيأخذ شكل الدولة الفيدرالية الأتحادية؟ وهذا السؤال نابع أحيانا من الحرص على وحدة البلد وبقاءه بالصورة التي أعتاد العراقيون أن يشاهدوها منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921م , وأحيانا ً كان وراء القصد تلميحات أن هناك مشروع تفتيت وحدة العراق وتحويله الى دويلات وكانتونات , وتزداد التساؤلات بصدد الفيدرالية مع إقتراب موعد إنتهاء المهلة التي أعطاها البرلمان العراقي كما نص على ذلك الدستور ,وكما يصرح به بعض السياسيين في نهاية الشهر الثالث من العام 2008م , والتساؤلات هذه نتيجة الرؤية المشوشة لفكرة النظام الفيدرالي لدى أغلبية الشعب , وإعتقاد البعض الآخر أنها فكرة أفرزها الواقع الحالي في العراق نظرا ً لما طفى على السطح من نزاعات طائفية وعرقية بعد سقوط النظام , أو أنها مشروع قادم من وراء الحدود ,ولكن المتتبع للوضع العراقي وأذبان الحكومات المتعاقبة على حكم العراق سيرى عكس ذلك و أن الاهمال والتهميش كان واضحا ً وأحيانا ً متعمداً لأجزاء كثيرة من العراق من ناحية المشاركة السياسية في حكم البلد فثقافة الاقصاء علامة بارزة في السياسة العراقية منذ تأسيسها وبنسب متفاوته فقد سيطر ولمدة طويلة أقلية على حكم هذا البلد ولم يُعهد بالمناصب الحساسة والمهمة بالدولة الى أشخاص من خارج دائرة تلك الاقلية مما ساعد هذا على الصراع المزمن الذي أنهك البلد وآل به الى الاحتلال, ولعل من الطريف أن أنقل حديث جرى بيني وبين أحد الاشخاص حينما تعرضت الى هذه قضية الاقصاء والتهميش في المشاركة السياسية رفض صاحبي كلامي بشدة ووصفة بعدم الدقة والموضوعية و تسائل لماذا أعترض وأنتفض الشيعة والاكراد عام 1991م على (الرئيس المقبور)؟ وراح يسرد عليًّ حكاية والده حينا كان مسؤولاً في كربلاء قال ان والدي كان يزور المواكب الحسينية ويقدم لهم المساعدات فتعجبت من كلامه فقلت له أتعتقد أننا أنتفضنا من أجل ان نُخرج مواكب حسينية أو اننا محتاجين لمساعدات والدك المتفضل ياللسذاجة . أما من ناحية الخدمات البلدية , فعلى سبيل المثال, ما أن تخرج من بغداد بأتجاه الجنوب سيتعذر عليك ان تجد مطعماً أو استراحة طريق مقبولة وينتقل بك الشعور الى أنك تسير في بلد أفريقي أو أحد البلدان المتخلفة مع العلم ان العراق يمتلك ثالث أكبر أحتياطي نفطي في العالم ويعتبر من البلدان الغنية. فهذا التفاوت والحرمان جعل الفيدرالية إفراز طبيعي لديموغرافية المجتمع العراقي, فالمجتمع العراقي كما يصفه الدكتور الوردي في كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ( أن العراق بلد متعدد القوميات متعدد الطوائف والثقافات ) وهذه من أهم الاسباب والدوافع في قيام النظام الفيدرالي وأفضل الحلول لأدارة الدولة العراقية, ومما لا شك فيه أن الاحداث الأخيرة ساعدت على حصول تغييرات ديموغرافية جديدة جعلت فكرة الفيدرالية أقرب الى التحقيق وأكثر قبولا ً , إلا أن المعارضين للفيدرالية يعتقدون أنها البداية لتقسيم البلد على اساس طائفي , والمتمعن في معنى الفيدرالية سيجد أن هذا المصطلح يعني المعاهدة أو الاتفاق( وهو مشتق من مصدر لاتيني) طبقا ً لدستور ترتضيه الشعوب والطوائف المتواجدة في البلد الذي يتبنى الفيدرالية , فيطلق على الدولة اسم الاتحادية أو الاتحاد الدستوري, ولا يتكون هذا الاتحاد بمعاهدة دولية لأنه ليس بين دولتين وهو أشبه بالحكم الذاتي,والحكومة الفيدرالية , حكومة ثنائية –أو مركبة فتنقسم فيها السلطات وتوزع بموجب الدستور الاتحادي بين الجكومة المركزية وحكومة الاقليم ( الحكومة المحلية) وأهم اسباب قيام مثل هذا الاتحادهوالرغبة في قيام هذا الاتحاد ويعدها منظروا الفيدرالية شرط اساسي لها, وهناك أيظاً شروط أخرى مثل:
1- التجانس باللغة والدين والمصلحة السياسية ,
2- والوحدة الجغرافية أي التجاور الجغرافي وهو ضروري لنجاح اي اتحاد فيدرالي .
3- التشابه بالنظم الاجتماعية والسياسية,
4- المساوات قدر الامكان بين المختلفة لهذا الاتحاد .
5- امتلاك أعضاء الاتحاد الى موارد اقتصادية ملائمة .
وهناك اسس مهمة وجوهرية للحكومة الفيدرالية وهي :
1- دستور دائم مكتوب وهو لعموم الاتحاد الفيدرالي يوضح فيه المواد الخاصة بالاتحاد .
2- وجود محكمة اتحادية عليا .

فخلاصة القول أن الفيدرالية هي عملية تحرك الجماعات الانسانية نحو التجمع لا الانفصال كما يصورة المعارضون , وهي بالتالي تؤدي الى التوفيق بين أتجاهين مختلفين ليعيشا على اساس قوامه التحالف, وقد أثبت التاريخ جدارتها في العمل على مستوى الدولة الواحدة, وهناك تجارب عالمية كثيرة وناجحة مثل المانيا و السويد والنرويج والولايات المتحدة وبلجيكا وهولندا وغيرها ,فهل سلتحق العراق بالركب الفيدرالي و يشهد قيام أتحاد فيدرالي حقيقي أم سيطول الجدل والصراع حوله هذا ماستكشفه الايام القادمة, أعتقد أن الصراع قادم وستغذيه دولا ً تتضرر من عمل كهذا ولكن الفيدرالية قادمة فهي النظام الافضل للعراق ولشعبه.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط