الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحدة حزب التجمع فى مصر

حسين عبدالرازق

2008 / 2 / 4
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


تعرضت عديد من الأحزاب المصرية الرئيسية - والهامشية - لصراعات داخلية حادة أدت في كثير من الحالات إلي حدوث انشقاقات وانقسامات أثرت بالسلب عليها وعلي الحياة الحزبية والسياسية عامة، وتعرض بعضها للتجميد أو الاختفاء من الساحة السياسية، وشهدت ساحات المحاكم صراعات قضائية بين الأطراف المتخاصمة، حتي كادت أن تصبح هذه الظاهرة عنوانا علي تجربة التعددية الحزبية المقيدة التي بدأت عام 1976.

ولا جدال في أن غياب الديمقراطية والأوضاع الاستبدادية القائمة وقانون الأحزاب ووجود ما يسمي بـ «لجنة شئون الأحزاب»، وتدخل الأمن وأجهزة الدولة في الحياة الحزبية، من ضمن الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة، ولكن هذه الأسباب جميعا لا تكفي وحدها لتفسير هذه الظاهرة التي تكاد أن تصبح عامة، فالعناصر الخارجية لا تستطيع وحدها إثارة صراعات وانشقاقات وانقسامات داخل أي حزب ما لم تكن هناك عوامل داخلية تسهل الأمر، لقد عانت أغلب هذه الأحزاب من غياب الديمقراطية الداخلية، وعدم وجود برنامج سياسي واضح ومحدد يلتف حوله الأعضاء ويتوجهون به للرأي العام، وتحولها إلي أحزاب عائلية أو أحزاب الرجل الواحد الذي يملك القرار والمال، وعدم اتساق المواقف فبينما تقدم نفسها كأحزاب معارضة للحزب الحاكم لا تكف عن إعلان تأييدها وولائها لرئيس الحزب الحاكم.

ولم ينج حزب من هذه الظواهر السلبية إلا حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، فرغم تمتعه بقيادة تاريخية كاريزمية ممثلة في «خالد محيي الدين» عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 وواحد من أبرز الشخصيات العالمية في حركة السلام العالمي ومؤسس جريدة المساء ورئيس مجلس إدارة وتحرير أخبار اليوم، فقد حرص الحزب وخالد محيي الدين بطل معركة الديمقراطية 1954 والمجموعة التي أسست معه الحزب علي أن يدار الحزب بأسلوب ديمقراطي وطبقا لقواعد لائحية تقوم علي الانتخاب الدوري للقيادات علي مختلف المستويات واحترام الأقلية وحق الاختلاف وتداول السلطة وتوفير أدوات الحوار الداخلي، ولم تكن هذه اللائحة مجرد نصوص ولكن جري الالتزام بها في التطبيق، وهكذا لم يعرف الحزب طوال أكثر من 31 عاما، ورغم القيود ومحاولات الاختراق والحصار والمعارك التي فرضت عليه ومصادرة صحيفته «الأهالي» في السبعينيات وحملات الاعتقال الدورية والتضييق المالي، لم يعرف الانقسامات أو الانشقاق، وتمتع بالمصداقية والاحترام حتي لدي الخصوم والأعداء، وأدار خلافاته وتعدد الاتجاهات داخله بروح الديمقراطية واحترام الآخر.

ويدخل حزب التجمع الأسابيع الأخيرة قبل انعقاد مؤتمر العام السادس في 5 و6 مارس القادم بهذه الروح والتقاليد الراقية التي تعلمناها جميعا أعضاء وقادة ومؤسسين خلال هذه العقود الثلاثة.

ومع ذلك فهناك ظواهر جديدة قد تبدو جنينية ومحدودة الأثر، ولكن مواجهتها أمر ضروري حتي لا تنتشر وتستفحل وتعطي فرصة للمتربصين بحزب التجمع والذين يزعجهم ديمقراطيته ووحدته وصلابة مواقفه.

فالخلافات الطبيعية التي تنشأ في أي تجمع تتحول لدي البعض إلي خلافات شخصية، وأحيانا إلي خصومة، والتنافس علي المواقع القيادية في المستويات المختلفة وهو أحد السمات الرئيسية للديمقراطية يخرج أحيانا عن إطاره الصحيح ويتحول إلي تجريح شخصي واتهامات وإحن، ويندفع البعض إلي التكتل وتكوين شلل ومحاولة الاستقواء في مواجهة آخرين بل وإقصائهم خروجا علي التقليد الديمقراطي الأصيل المستقر داخل التجمع وهو الحرص علي وجود وفاعلية جميع الآراء والاتجاهات وتمثيلها في جميع المستويات الحزبية واحترام الأغلبية للأقلية في أي موقف وقبول الأقلية للقرار الصادر مع الحرص قدر الإمكان علي التوافق، وزاد الأمر خطورة وقوع بعض القادة والأعضاء في خية الإعلام المعادي والمتربص بحزب التجمع، خاصة بعد ظهور صحيفة قومية وأخري خاصة، تحرك إحداهما أسوأ التيارات في الحكم القائم، وتهيمن علي الأخري نظرة عدمية وفوضوية تدمر كل شيء، لقد استدرجت الصحيفتان عددا محدودا من قادة الحزب مركزيا وفي بعض المحافظات لكي يسربوا ما يدور في الاجتماعات الحزبية المغلقة لتنشر محرفة وبصورة تسيء للحزب وقادته، وفتحت صفحاتها للبعض لكي يدلوا بتصريحات تهاجم وتجرح في بعض القائمين علي القيادة الحزبية، علي أمل أن يصبح التجمع مضغة في الأفواه ويفقد احترام الرأي العام له، أو يلجأ قادة الحزب للرد علي هذه التصريحات غير المسئولة والوقوع في دوامة من الاتهامات المتبادلة تضعف وحدة الحزب وتماسكه، ومن حسن الحظ أن هؤلاء القادة امتنعوا بإصرار عن الرد علي هذه الاتهامات غير الصحيحة أو الدخول في صراعات علي صفحات الجرائد، ولكن استمرار هذا المناخ يضر بلا شك بحزب التجمع.إن المعارك والتحديات المفروضة علي حزب التجمع، معارك التغيير والدفاع عن حقوق ومصالح الناس، ومواجهة الفقر والبطالة والفساد والاستبداد، معارك الوطن والأمة والتصدي للسياسات العدوانية للولايات المتحدة وإسرائيل.. كل ذلك يفرض علينا في هذه اللحظة أن نعض بالنواجز علي وحدتنا وديمقراطيتنا الداخلية، وكل القيم الإيجابية التي رسخناها معا طيلة 31 عاما تحت قيادة خالد محيي الدين ورفاقه الذين أسسوا هذا الحزب العظيم وأفنوا حياتهم فيه من أجل الوطن.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -