الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وبينها شىء ينتفض

نجلاء صبرى

2008 / 2 / 4
الادب والفن


من عمق نومها المخضب بدموع القلب تجتاحها اليقظة ، تنهض من مرقدها ساندة ظهرها على تلك الوسادة الناعمة ،تمد يدها لتلتقط نظارتها وتضعها فوق عينيها المجهدتين ، تنظر مليا للمرآة المقابلة لسريرها فلا ترى شيئا ، تحاول مليا أن تركز فى المرآة كي ترى صورتها فلا تراها ، ينتابها القلق وتخلع النظارة فاركة عينيها بأصابعها جيداً ، محدثة نفسها لعله النوم ما زال يوشح عيني ، تنتبه كيف ترى المرآة ولا ترى صورتها ، ما الذى يحدث لها ؟


تمد يديها امام عينيها فتراها ، ترفعها لتتحسس جسدها فتجد كيانا هلاميا .وكأنه وجود افتراضى يسمح بمرور يديها الى داخله فتفزع .. تخرج يديها مسرعة فتجدها سماءا مملوءة بنجيمات تلمع بالدموع الحمراء ، يصاحبها صوت لم تميز كونه موسيقى أم إنتحاب ، ربما كان خليطا من الحالتين .


تحاول إعادة النظر إلى مرآتها مرة أخرى فيدهشها ما ترى .. لا وجود لها فى حجرتها ، ولكن هنالك شاطئا و بحرا وجوا غائما وقليلا من البرودة .. تراها هناك جالسة القرفصاء وهو يجلس أمامها مباشرة ، وبينها شىء ينتفض . شىء صغير بحجم كف اليد يميل لونه للأحمر القاني ولكنه يشع نورا غريبا ويصدر منه صوت أميل إلى صوت عينيها في حالة الشجن العميق .


تنهض قليلا وتقترب اكثر لعل الرؤية تتضح ، تحاول مليًا أن تفهم ما الذي يحدث لها ومن أين جاء البحر بمرآتها ولما هو هنا بينما تبعده عنها آلاف الأميال ، وما ذلك الشىء النابض بينها ، تقترب أكثر وأكثر وتنصت السمع لهما


فهنالك حوار يدور ، ووعيها المشوش يخبرها أنه من الأهمية بحيث يتوجب عليها ألا تجترح وجودهما بوجودها الهلامي. تقترب قليلا قليلا فتتوحد وإياها


لتسمعها تقول له " ألم أخبرك من قبل أن طرق السعادة قد تكون هي طرق الجراح، وأن كل شىء فى الحياة يحمل الضدين ونحن لا ندرى، ما يسبب لك التعاسة يوما قد يجعلك تبتسم لاحقا، وما يفرحك حقا قد يجعلك مثخن بالآلام بعد حين ، الحياة لا أمان لها يا عزيزي ، وكياننا مزور بقدر الحقيقة. أفكارك المطلقة حبيسة حارات تجاربك، والتجربة مشاكسة حية بين لاوعيك وانسحابك من الإبحار داخلك ، كيف ستشعر بوجودك إن لم تعاكس ريح الاعتياد وتشعر بلطمات اليقين على طرقات خدك ، من سيحصد نتاج تيهك وتيهى ليطهو منهما كعكة تحصن العاشقين ضد الضياع


ينظر إليها ويبتسم ويقول لها تلك هى الحقيقة وعليك ِ أن تصدقينني.
تشرد بعيدا عنه بنظراتها حيث المدى يمتد إلى بحر بلا أشرعة تسكنه ، ولا نوارس ترقص فوقه رقصة الحضور والغياب . تحاول أن تتحسس صدرها بيديها وهى ممتده اليقين نحو ذاك البحر ، تخبره بصمت " ها أنا أقول لك الآن ، ليس هذا الزمن بزمنى ولا تلك الأرض بأرضى ، يوما سأرحل حيث الشطآن تملك نبض عيونى وبعض من يقين . هنالك سأفترش رصيفا يتوسط الوجود وأنثر عليه الكثير من اسرارى ، وسأنشد بقيثارة نبراتي ، من يشترى مني يقيني مقابل سره ؟!!
هل تعلم يا منية الفؤاد، من يهبني سره لأحوله الى يقين سأمنحه قُبلة من ذاتي ، سأتلذذ بمنحه هبة من الإنسانية تجعله يرفع وجهه للسماء دائما ويبتسم .


ينظر إليها مواربا قلبه، ويقول لها تلك هى الحقيقة وعليك ِ أن تصدقينني .
تسحب نظراتها قليلا ً إلى ذلك الشىء النابض بينها. شىء صغير بحجم كف اليد يميل لونه للأحمر القاني ولكنه يشع نورا غريبا ويصدر منه صوت أميل إلى صوت عينيها في حالة الشجن العميق .
وتسأله ما رأيك فيه ؟!
يستمر بالابتسام ويقول
" نادر هو ، ويلمع مثل عيون الآلهة .يملك تلك الترنيمة الشجية التى يستحيل علينا فك شفرة أنغامها "


تمارس تعرية الرغبة فى الحياة من الخوف قائلة له
ألا تدرى يا عزيزى أن جيوب القلب تخبىء يقين الحواس ، والحواس معابر لحقائقنا المدمجة على شرائح الذاكرة ، ألا تدري أن ما بين العشق والكراهية أراواح تحسد العشاق على آلامهم. وأن لحظاتهم قد تتجمع فى تينك الحضور الحالى ، حيث تتمدد علاقتنا على طرف إجتراح .


ينظر مليا إلى عينيها ويقول " تلك هى الحقيقة وعليك ِ أن تصدقينني ".
تمد يديها إلى وجهه وتلتقط شعاع شمس من عينيه وترفع كفها باتجاه شفتيها لتنفث فيه فيتبعثرالضوء لامعا على حافه الموج ، معلنا بدء ولادة الحزن من اندماج نظراته ونفثات روحها ، فكما لكل شىء ميقات للولادة ، للأحزان ايضا مواقيت.


والميقات استمرار لحالات المواربة وقتما تكون المصارحة هى دواء القلب النازف
للقلوب ايضا مواقيت للولادة ، والولادة تمخض من وجع ، والوجع تعري الحقيقة حيث لا ملجأ لها سوى المنطق .. للعلاقات مواقيت للولادة ، والمولود يدلف لتغيير سر ناموس اللحظة ضمن طريقتين ، انصهار قلبى فيك ، أو انشطارى بعيدا عنك


تخبره بهمس
هل قلت لك يوما بأن البحر معبدي ، وقد آن الأوان أن أمارس طقسي ، تنهض قليلا من جسدها وترقص على حافه الموج ، وكلما رقصت كلما زاد البحر توهجًا ، وكلما اشتعل بريق عينيه حيث يمارس الموج شبقه ، يخبرها لا تبتعدى كثيرًا سيجرفك الموج بعيدا عنى ، وهنالك شىء ما يخصك بيننا فعودى



تمارس الرقص وتضرب الموج بقدميها أكثر وأكثر ، تتمايل ثنايا روحها ، ومع كل تمايل تمارس حاستها تلمس الحقيقة ، وهو يمارس الارتباك والخوف من ابتلاع البحر لها ، يناديها هنالك شىء ما يخصك بيننا فعودى



يأتيه صوتها لاهثًا ، ايها الوجود .. الحب كشجر الطقسوس ، لا توجد بذوره سوى بالأنثى . وأنثاه هي الجزء المطهر من السُمية ، يحكمها غلاف المحبة من ضنين العلاقات ، تمكث داخل غلافها المترفع عن الأكاذيب الصغيرة ، حيث لا روافد تصب بنهر الأنانية ، وحيث يمكث الغفران على شاطىء محيط الرحمة. وحين يجترح الإدراك ستر غلافها ، نراها تسقط لتنبت من جديد ، حيث الموت نوع من الولادة ولكن بطريقة أخرى .



يصرخ بأعلى صوته " تلك هى الحقيقة وعليك ِ أن تصدقينني ".
عودي فهنالك شىء ما يخصك بيننا.
تقف هنالك فى منتصف البحر على قمة موجةٍ وتشرع يديها على امتداد الوجود ، كصفصافة تنوى خلع جذورها لتمارس الطيران، مولية نظراتها نحو المدى البعيد لتعلن عن بدء تعويذة الرجفة .


"أنا إمرأه اليقين ، حيث تمتزج الاتجاهات فيتضح العالم أمامى ككرة بلورية ، أملك وصاية المرور لما يخبئه القلب العاهر والعقل العاهر والزمن العاهر ، العهر كيان التقوى، كما الولادة حلم امرأة أفاقت يوما لتحققه* . وكما الخطيئة شعلة الخجل، وكما أنت هنا تجترح ضميرى بنكرانك الأعظم، وتنثر عمرى وقودا لسنواتك الراحلة، لعلك تستجدى القادم بزور وبهتان عظيم ، مسكين هو قلبك المرتعش ، ألا تملك كوبا من صفحى يمدك باشتعال ، ذاك قلبي بينى وبينك يشع نورا ودفءا ورحمة ، التقطه و ارتشف منه رشفه وهج، تلذذ بعصارة تجربته ، لتدرك كيف أعبر منك فيك . وأكشف بهتان خوفك .



جبان هذا الخوف إن امتص حياتنا ، حقيرة هي الحياة التى ترهبنا مما وراء الأبواب الموصدة. الحب رحمة وقلبى يخبىء لك فى كل جيب حكاية وأمنية.
يصرخ بأعلى صوته " تلك هى الحقيقة وعليك ِ أن تصدقينني ".



تميل برأسها الى الخلف وترمقه بنظرات تملؤها الحسرة " تحدث نفسها: أي كيان هذا الذى يرفض إحتواءا بلا حدود ، وغفرانا فقط يستجدى الحقيقة ". تعلم يقينا أنها ستغفر . الصدق يجعلها تغفر ما وراء متاريس العلاقات ، فقط الصدق يطهر دنس الجراح ، ولكنها تعلم أن وجع التشظى أصبح قريبا منها . حيث انشطارها ما بين رغبة اليقين به ، وشريعة آخر قد تجبرها الحياة ان تمارس فعل الخواء والانتحارمعه .



تنزل بقدميها عن قمة الموجة لتتوحد وعتبات البحر نزولا الى قاعه ، فقد بدى لها صراعه وذاته كزمن مترهل ينشد ظلام الكهوف، حيث يشعل أمانيه لتحترق ويحرم نفسه من معزوفات السؤال ، ومقامات الإجابة


رحلت ، وهو ما زال هناك على الشاطىء
يصرخ بأعلى صوته " تلك هى الحقيقة وعليك ِ أن تصدقينني ".
وبينها شىء ينتفض . شىء صغير بحجم كف اليد يميل لونه للأحمر القاني ولكنه يشع نورا غريبا ويصدر منه صوت أميل إلى صوت عينيها في حالة الشجن العميق












ــــــــــــــ
* مقولة مستوحاة من جبران








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي