الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنا الغربة

سهيلة بورزق

2008 / 2 / 4
الادب والفن


أنا لست حزينة هذا المساء، لكنني مولعة بذكراك وهي تفتح نافذتها على قلبي، ربما كان عليّ مقاطعة الحب منذ وجهك، منذ عناقك لي، منذ وشوشاتك الدافئة الخارجة عن العادي ومنذ فراقنا، بعدك غدا الحب أغنية حربية ممزوجة بدم السلاح وقنابل الشر، ومنذ الغربة تعلم قلبي كيف يمتهن القطيعة مع الصدق... أنا الآن امرأة حادة كسكين قاطعة.
عندما وصلتُ مطار "واشنطن" خيّل إليّ أنّه من السهل أن أبدأ الحبو مع حياة جديدة ومختلفة وشاذة عن قناعاتي، كانت طفولتي هي بصمة شخصيتي، هي الشاشة الكبيرة التي أرجع إليها كلّما بكيت، أولستُ عربية نازحة من وطن التخلف والرداءة والشرف؟. أقصد ذاك الشرف المضروب الذي يتحرك بفياغرا الجوع الجنسي المريض.
كانت نافذة غرفتي مفتوحة على شارع طويل، يقابلني بشكل مضاد العلم الأمريكي وهو يرفرف وعروبتي ترفرف معه، وتدعو في سرّها بالسلامة، فهي متهمة على الدوام بقلّة الأدب، عانقتني شمسك لحظتها وراحت تتسع.. تتسع، حتى غدا المكان كلّه من حولي جنة تنبع بالطموح، حملتُ حقيبة يدي والكثير من عطرك وخرجت، هواء أمريكا يمنحك الشعور التام بالجوع إلى الأرض التي برائحة الخبز والزيتون والبحر، الأرض التي ملأتني إنسانية وفتحت قلبي على الأحلام.
كانت "مس تاليتا " في انتظاري في جامعة "أناندل" لامتحاني في اللغة الإنكليزية، عندما وصلتُ وجدتُ طابوراً من الطلاب من جميع أنحاء العالم، تقدمتُ إلى مكتب الاستعلامات، ودفعتُ رسوم الامتحان ثم انضممتُ إلى الطابور، بعد أقل من نصف ساعة نادتني "مس تاليتا " ذات الشعر الذهبي والجسم النحيف إلى مكتبها، ثرثرنا قليلاً ثم بدأ الامتحان الذي كان عبارة عن استماع إلى شريط كاسيت ومن ثمة نقاش موضوعه، الفكرة الرئيسة كانت تدور حول حياة المغتربين في أمريكا وأنا واحدة منهم، لذلك جاء نقاشي حزيناً وضيق الصدر، لكنني وجدتُ نفسي أقول لها فجأة : "أنا مسلمة"، ورغم أن الأمر لا يعنيها في شيء، إلا أنها ابتسمت وقالت لي في هدوء: "وأنا أيضاً مسلمة منذ شهر"، كانت جدّ ودودة معي، وبعد مدة قصيرة رأيتها ترتدي الحجاب، وسمعتها تقول "السلام عليكم".
درستُ في الجامعة وتعرفتُ على الكثير من البشر، وبدأت حياتي (تتمركن) وتدخل في حالة الاعتياد على حياة كلّها برد وبرد وبرد، إلى غاية هذه اللحظة التي تمكّن شوقي إليك منّي، وأعادني إلى ذراعيك وأنت تعتصرني إليك، وتهمس في أذني: عودي إليّ، فأرد مبتسمة هامسة أيضاً: ليس قبل أن تمنحني الأمان يا وطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?