الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((طريدون)) ترسو على ضفاف جمعة أدباء وكتاب البصرة الثقافية

جاسم العايف

2008 / 2 / 6
الادب والفن


ضيفت اللجنة الثقافية في اتحاد أدباء البصرة وكتّابها القاص جابر خليفة جابر ومجموعته "طريدون" في اول جمعة ثقافية من شهر شباط هذا العام. وأدار الجلسة القاص رمزي حسن الذي قال إنّ القاص خليفة ينتمي إلى جيل قصّاصي التسعينيات البصري أمثال قصي الخفاجي ولؤي حمزة عباس ونجاح الجبيلي ووحيد غانم ومحمد عبد حسن وآخرين. وهو من مؤسسي جماعة ((البصرة أواخر القرن العشرين)) القصصية. و نشر أول قصة له عام 986 وشارك في كتابي: المشهد الجديد للقصة العراقية /دار الأمد/ بغداد 1993 وكتاب فنارات القصصي / اتحاد أدباء البصرة/2005 كما أنه اصدر عدة كتب بأسماء مستعارة وبطبعات متنوعة. ثم تحدث القاص جابر خليفة شاكرا الحاضرين على احتفائهم بمجموعته، ومشيداً بكل من كتب عنها. ووجه شكره لكل قارئ مجهول قرأها وتفاعل معها أو رفضها وذكر انه كتبها خلال أعوام 994 -2000 وهي فترة زمنية معروفة جيدا للجميع ولو قيض له كتابتها الآن لكتبها بشكل اخر وسيقيل من عثراتها. ولم يفت القاص جابر أن يشكر كل من تتلمذ على أيديهم من الكتاب الأجانب والعرب والعراقيين والبصريين، خاصة القاص الأستاذ محمود عبد الوهاب والقاص محمد خضير الذي اطلق تسمية( منتدى الجمعة الأدبي) على نشاطات ولقاءات القصاصين الشباب في الفترة التسعينية. وقال القاص جابر ان خزينه ورفقته الثقافية السابقة هي عامل مهم في تجربته وعمله السياسي الراهن الذي وصفه بـأنه " ربما لا ينجو من المطبات والمثالب". وتحدث الدكتور لؤي حمزة عباس عن رفقته وزمالته القصصية والشخصية للقاص جابر موضحا ان الحديث عن قصصه هو حديث الذات التي تطمح ان تكون الحياة اليومية وتدفقاتها إنصاتا للقص وتطلعا لإنتاج مغاير وليس مغامراً، لأن القص يعمل في المنطقة الفاصلة بين الواقع والخيال لقراءة واقع صعب شديد التركيب والعسر، والقص محاولة دائمة للدفاع عن الحياة وتدفقاتها. ورأى د. لؤي ان فكرة"كتاب قصصي" التي وردت على غلاف "طريدون" لا تخلو من علاقة مع مجمل التراث العربي وثمة مشتركات عامة معه من خلال الاتصال والإيصال وان في " طريدون" خارطة للقراءة من خلال الاستهلال والفواصل وهي خاصة بجماليات السرد فيه حيث يتم اعتماد الالوان سرديا لإنتاج الجملة وحراكها وذكر ان التراث في (طريدون) لم يعد قامعا من خلال البطل(باك).. و(طريدون) هي قصة بطبقات عنوانية تحتمل /النفي والإثبات/.
وقرأ الناقد جميل الشبيبي ورقته التي اوضح فيها أن الكتاب القصصي (طريدون ) ينتمي الى الكتابات القصصية التي تعمل على بناء مدينة او شاخص يوتوبي ، رؤيوي ، بالاستفادة من سجلات التاريخ او من خلال اقتراح المخيلة .وان (طريدون) شاخص من شواخص سجلات التاريخ باعتباره مدينة اثرية يعتقد بعض المؤرخين انه تم بناؤها في زمن نبوخذ نصر وادعى آخرون انها مدينة آشورية، فإن صح هذا فإن (طريدون) او (تريدون) تقع جنوب مدينة الزبير..بينما يعتقد الرحالة (جنسي) ان موقع (طريدون) قرب جبل سنام، وأشار الناقد الشبيبي الى استثمار بعض القصاصين العراقيين والعرب ، ابنية كتابية تتخذ من هذه الشواخص مجالا سرديا يؤسس لوجهة نظر قصصية جمالية او رؤيوية تحايث الواقع المعيش وتشير اليه دون ان تدخل في تفاصيله ؛ وذكر منها (بصرياثا) القاص محمد خضير والشواخص الاخرى في مجموعته المتضامنة ( رؤيا خريف) كما ورد اسم تردن- وهي طريدون او (تريدون) بتحريف بسيط- كشاخص مكاني لمدينة البصرة في قصة محمد خضير (حكايات يوسف ) واستثمرت هذه المدن في القصص التي نشرها القاص جهاد مجيد بعنوان (دومة الجندل) ، والراحل جليل القيسي في قصصه التي اتخذت من شواخص مدينة بابل مكانا لها وكذلك ارانجا- كركوك الحالية في القصص التي وردت في مجموعة القاص الراحل محمود جنداري ( مصاطب الالهة).
ورأى الشبيبي أن القاص جابر يضع فهرسين لاقتراح قراءتين لكتابه ، الأول يبدأ من الصفحة 6 وحتى نهاية الكتاب والثاني من نهاية الكتاب الى الصفحة السادسة باتجاهين متعاكسين وانه في القراءة الاولى ، تبدأ رحلة البحث عن مدينة مندثرة ، وتُسرد بصيغة سرد الأعمى، الذي يعيش في (السواد) مستثمرا حاسة اللمس ويكتنف الرحلة اللايقين فيتردد في سردها مفردات تشي بذلك الأمر الذي يهمش ساردها او سارديها لتصبح المشاهد التي يروونها محض خيالات او مجازات كما يقول الراوي ويتأكد اللايقين بمفردات لغوية دالة على ذلك مثل حرف العطف (أو) التي تنظم هذا الشك. وذكر انه من اجل ادامة السرد يستثمر القاص تقنية تعدد الصوت السارد باستثمار القرين او الشبيه ليقود الحكاية و يتجسد الشبيه في شخصية (باك) الحكيم الذي يروي بلغة محايثة للغة الصوفية وهو يسرد حكايته استنادا الى تعدد الصوت السارد التي هي من التقنيات المستحدثة في قصص الرؤيا الجديدة في العراق لدى القاص محمد خضير في مجموعته ( رؤيا خريف ) والقاص الراحل محمود جنداري في مجموعته ( مصاطب الالهة ) . كما لاحظ الناقد الشبيبي ان القاص جابر يستثمر الخط المائل كعلامة فصل بين المفردات وقد استخدمها الراحل جنداري في مجموعته تلك بالتناص مع سرد الملحمة العراقية القديمة؛ وشخص الشبيبي استثمار هذه التقنية ، واللغات المحايثة للغة الصوفية ولغة الحكمة بشكل لافت للنظر في قسم من (طريدون ) مما يؤكد ان هذه الرحلة التي تنطلق من اعماق التاريخ هي رحلة رؤيوية وان قراءة هذا الكتاب القصصي من العمق باتجاه الحاضر، تشي برحلة عذاب تجسدها التفاصيل الكثيرة والاشارات الداله على العسف ، بالاستفادة من شواخص الاضرحة والقبور والدم المسفوح وكل ذلك يحمل اشارات دالة على الواقع المعيش الذي كتبت فيه هذه القصص المتضامنة باعتبارها تعتمد بلاغة التورية باتجاه ادانة الحاضر الذي يتضح من ذكر الشواخص الواقعية كشط العرب والداكير والكورنيش.
ثم قدم الكاتب جاسم العايف مداخلته التي اعتمد فيها بعض الإحصاءات ومنها ما عمد لتوثيقه بالارقام وقال انه من الصفحة 7 في الكتاب الى الصفحة 26 تتكرر مفردة (الظلام) 18 مرة مؤكدا ان ما يعادل (الظلام) وما يشير اليه وما يبعث عليه أكثر من ذلك بمرات ومنها ((قبو بلا إضاءة)) او ((وسط عمى كامل))..الخ، ومن الصفحة 28 الى الصفحة 48 تختفي مفردة ( الظلام) من السرد وأن معادلها او ما يبعث عليه من اشارات يكون ملونا ورائقا.
وذكر العايف في الصفحة 53 ترد كلمة( الظلام) مرة واحدة عندما يعمد البحار لإلقاء المفتاح من كوة الباخرة الى (الظلام)،بعد ان يعتمد على ضوء الفانوس وفي الصفحة 56 نعلم ان ذلك المفتاح قد التقط من بساط ملون وان المفتاح ملون ايضا..وفي الصفحة 57 ترد مفردة الظلام وتعقبها مباشرة العبارة التالية ((سأنزل الآن مع الفجر)) وهو ما يلغي ما قبله.
كما ذكر ان "طريدون" في متواليتها تكاد ان تقتحم منطقة الخطاب الروائي بنصوص قصصية مترابطة عمد القاص لوصفها بـ((كتاب قصصي)) على الغلاف ولعله في ذلك الوصف اراد ان يعلن بأنه قاص لا روائي.. وختم في ان القاص جابر أعطاه (طريدون) مخطوطة في الربع الأخير من تسعينيات قرننا الماضي وكتب معها على ورقة منفصلة ما يلي:(( أتمنى اطلاعك على طريدون وعوالمها مع الفرق بيننا في الذائقة الادبية -الثقافية واشياء أخر..وهو حق لكلينا)).
وساهم القاص كاظم الجماسي الذي قدم من بغداد للمشاركة في الجلسة حيث قرأ ورقته المعنونة ( قراءتان..وثالثة في"طريدون") التي سبق ان نشرت في العدد الأخير من مجلة اتحاد ادباء البصرة"فنارات". وقدم الشاعر والناقد "علي الأمارة" حلقة واحدة من دراسة بخمس حلقات كان قد نشرها عن "طريدون" في جريدة الزمان اللندنية. وشارك القاص زيد الشهيد ببحث قرأ بعضا منه الشاعر عبد السادة البصري نيابة ؛ وختم استاذنا القاص محمود عبد الوهاب الجلسة ذاكرا أنه سيتحدث عن اشارات آنية سجلها اثناء الجلسة- مع انه قرأ الكتاب في وقت سابق- منها ان العنوان اشارة الى النص الذي تحته وهو مصطلح إجرائي وتأويلي لكشف مقاصد المؤلف ويقرأ بصفته علامة وفي (طريدون) يمكن ان يقرأ العنوان كجمع مذكر سالم لـ"طريد" للتأكيد على انسنة العنوان وهي قراءة تقترب من مقاصد المؤلف بصفتها علامة دالة . واضاف كما يمكن اجتراح مقاصد اخرى للقارئ حول تجنيس(طريدون) بصفته كتاباً دون وصفه بالـ"قصصي" اعتمادا على نظرية التلقي الحديثة التي تمنح القارئ الحرية في تأويله الخاص لما يقرأ؛ لأن في الكتاب عادة بنية سطحية واخرى عميقة والكتاب بهذا يقرأ تأويليا كشكل من اشكال لذة القارئ وحريته.
وقد حضر الجلسة قائد شرطة البصرة السيد عبد الجليل خلف الذي قال:- "احضر في مقر الاتحاد بصفتي متذوقاً للادب والفنون ولي ممارسات في الكتابة ولا اجلس في هذه القاعة معكم كلواء ركن عسكري او قائد لشرطة البصرة فكل الرتب العسكرية والمناصب الحكومية والحزبية ستزول مع الأيام ، إلا صفة الأديب والمثقف ستظل شاخصة ولن تندثر".
وفي الختام أتوجه الى زملائي الأعزاء في اللجنة الثقافية لاتحاد الأدباء والكتاب بالبصرة مثمنا جهودهم و مقترحا عليهم عدم استخدام توصيفات للمحتفى به والاكتفاء بصفته الأدبية فقط لا كما حدث في الإعلان عن هذه الجلسة ؛ ولنا في ما نقله الشاعر عبد الكريم كاصد عن ان الراحل محمود البريكان كان يرفض أي توصيف يسبق أو يعقب صفة (شاعر) وهي أسوة حسنة .. أقترح على اللجنة الثقافية الاقتداء بها في كل نشاطاتها القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان درويش صيرفي: أعطيت محمد عبده 200 دانة حتى تنتشر


.. بأنامله الذهبية وصوته العذب.. الفنان درويش صيرفي يقدم موال -




.. د. مدحت العدل: فيلم -أمريكا شيكا بيكا- كان فكرتي.. وساعتها ا


.. مين هو أعظم مطرب قام بالتمثيل في السينما المصرية من وجهة نظر




.. عوام في بحر الكلام - مدحت العدل: من حسن الحظ أنك تقابل فنان