الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس الدكتور سرور

رمضان متولي

2008 / 2 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


طالما لفت انتباهي أداء الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، وهو يلعب دور البرلماني المحنك والقانوني الجهبذ الذي يتصدى للدفاع عن الحكومة في مختلف المسائل الحرجة بخطاب، إن لم يكن مقنعا في أغلب الحالات، يتميز بالتماسك من ناحية الشكل، وينطوي على ألغام سياسية أو فراغ يرقى إلى مستوى اللامعنى واللامعقول من ناحية المضمون.

ولكن يبدو أن أدوات الرجل قد شاخت أو أنها لم تعد بالمرونة الكافية حتى أنه في الآونة الأخيرة مال إلى استخدام الأساليب البيروقراطية وحدها في مواجهة المسائل المحرجة للحكومة من قبيل التصويت على إغلاق باب المناقشة أو تأجيل النظر في بعض القضايا وطلبات الإحاطة والانتقال إلى جدول الأعمال … إلخ. صحيح أن هذه الأدوات البيروقراطية لم تغب يوما عن جعبة رئيس مجلس الشعب منذ تولى مهام منصبه وحتى الآن، ولكن الحادثة الأخيرة المتعلقة بمطالبة بعض النواب بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل – خاصة وأنها تحاصر الفلسطينيين وتسببت في أزمة حادة على الحدود المصرية مع قطاع غزة – كشفت عن الطبيعة الحقيقية للبرلمان المصري على عكس ما يرغب الدكتور سرور.

والحادثة كما روتها جريدة المصري اليوم في عددها الصادر يوم الخميس الماضي تتمثل في رفض الدكتور فتحي سرور مناقشة مطالبة نواب الإخوان لوزير البترول سامح فهمي بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل عندما أعلن النائب سيد عسكر اعتراضه على استمرار إمداد إسرائيل بالغاز في ظل الحصار المفروض على غزة، وانتقد الدكتور محمد البلتاجي تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من الأسعار العالمية ووصف الدكتور حمدي حسن إمداد إسرائيل بالغاز المصري بأنه جريمة. والمفاجأة كانت في رد الدكتور سرور على ذلك كله قائلا أن تصدير الغاز إلى إسرائيل موضوع سياسي وليس معروضا للمناقشة على المجلس!

ماهو دور المجلس إذن إذا لم يكن مناقشة الموضوعات السياسية؟ الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري يعرفون تماما أن مجلس الشعب لا يلعب إلا دورا مسرحيا في تراجيكوميديا النظام السياسي المصري. لكن الحكومة تصر على أن مصر دولة مؤسسات، وأنها تمتلك جميع المؤسسات التي تميز الديمقراطية الحديثة من برلمان، وقضاء مستقل، وحكومة وصحافة وجمعيات أهلية ونقابات وأحزاب سياسية. والغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري يعرفون أيضا أن كل هذه المؤسسات قائمة فعلا ولكنها أشكال بلا محتوى، وهياكل من ورق لا أساس لها ولا عمد.

كان رئيس مجلس الشعب محقا عندما أخطأ وقال إن مسألة تصدير الغاز إلى إسرائيل مسألة سياسية لا يختص بها مجلس الشعب الذي يقتصر دوره واختصاصه على استكمال الديكور الديمقراطي لنظام مستبد في جوهره، تماما كما كان رئيس الوزراء أحمد نظيف محقا عندما أخطأ واعترف ضمنيا أن النظام السياسي المصري بعيد عن الديمقراطية وإن كان ذلك في سياق تبرير الاستبداد بقوله إن الشعب المصري لم ينضج بعد لتطبيق الديمقراطية.

الشعب المصري ليس غائبا عن هذه الحقائق التي يعترف بها المسئولون سهوا، ومع ذلك فإنني أعتقد أن من حق هذا الشعب أن يعرف من هو المسئول عن هذه الأمور السياسية التي لا تطرح على مجلس الشعب. من الذي يتخذ القرار فيها؟ وما هي مرجعيته في اتخاذ تلك القرارات؟ وهل يحق له أن يتخذ قرارا باسم الشعب المصري ترفضه أغلبية هذا الشعب؟ أم أنه يعيش في بقعة أخرى لا هي في السماء ولا في الأرض فلا يستطيع أن يدرك المشاعر الحقيقية والرغبة الحقيقية والمصلحة الحقيقية للشعب الذي يقرر باسمه؟ ربما يأتي اليوم ويفتينا الدكتور سرور بأن هذه الأسئلة أمور إلهية لا يجوز لنا طرحها، أو حتى مجرد التفكير فيها. ولكننا بالتأكيد سوف نستمر في طرحها ولن نتوقف عن التفكير فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة