الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغنية الكلب

عبد العظيم فنجان

2008 / 2 / 7
الادب والفن



ثمة كلب كان يحرسنا : أحمق ، لكنه أسود . وكان يركض أمامي حين أعود ، قادما من المتاهة ، وغسق من الافلاس يظللني . يتشممني كما لوكنتُ اخفي غنيمة تحت ثيابي : يلحس حذائي العريق الاصول بالغبار ، ثم يتسلقني ، يلف ذيله حول رقبتي ، وينبح هامسا : " متى تتركني أعيش انسانا مثلكَ ، أو تنزع عنكَ جلدكَ البشري ، فتكون كلبا مثلي : نهيم في بلاد الله ، بعيدا عن علاقة العبد بالسيد ؟ " .

كان صديقا ، مدهشا : يخترق غرفتي ، من مسام الحائط ، ويتجلى شبحا من الدخان ، يخلع عن المكتبة ثيابها برقة ، كما لو كانت امرأة ، يتشممها من كتاب الى كتاب ، ثم يقفز فجأة ، يدخل اعماق الشمعة ، ويخرج قابضا بأنيابه على فكرة الظلام .
أحيانا كان يلحس صور كائنات ارسمها ملاذا لوحدتي ، فيرمقني بخبث : " أشم ذئابا في هذه الرائحة ، وهناك صرير فئران " كان يهتف ، لكنه عندما ، آخر الليل ، انتزع حنجرتي من مكانها ، وأهمس : " كفاكِ صمتا " كان ينبح .

هل كان يعرف ؟

مرّات يظل ، خلف الباب ، جالسا : كان يزن فقري بنظراته ، وهو يرى الى شحة العظام ، وبؤس المزبلة ، لذلك ، من اجل أن يجد طعامه بنفسه ، تركتُ له الباب مفتوحا .

آخر صباح ، وأنا أخرج من البيت حاملا منفاي على ظهري ، بقيَ مكانه ، ولم يحرّك ساكنا ، فرأيتُ ، من خلال عينيه الجامدتين ، العالمَ مفتوحا . كان يعرف أنني خارج من حياته ، وأن عليه ، من هذه اللحظة الحرجة ، أن يخرج من حياتي .

هل فكـّر بالانصراف ؟
هل بقي مربوطا الى حبل الوفاء ؟
آه ،
هذا الحبل الذي يجرّني الى الوراء ، كلما هممتُ بخطوة .

الان ،
من هذا المكان الذي اكتب فيه هذه الاغنية ،
اسمعُ نباحه منشورا على حبال الكون ، وأبكي .


1995- 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الشاب ناصر نايف.. ضيف صباح العربية


.. الفنان ناصر نايف من كورال خلف النجوم إلى أهم الفنانين الشباب




.. حملات مرشحي الرئاسة بموريتانيا تستخدم الحفلات والسهرات الفني


.. المصمم ستيفان رولاند يقدم مجموعته الجديدة المستوحاة من أشهر




.. الممثلة القديرة وفاء طربيه تتحدث عن النسخة السابعة من مهرجان