الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اناشيد بيضاء

حنين الحاج

2008 / 2 / 7
الادب والفن


لنبدأ من غرفتي: زواياها مكتظة بقصاصات الجرائد القديمة ورسومات قديمة وقصائد شعرية بالية, أنا وبعض الأثاث, قبعتي القديمة ولوحة فنية مبهمة.
مقهى الحي مكتظ أيضا بحكايات قديمة, رائحة البلدة تعبق بالذكريات, وأنا أحاول إيجاد مخرج لتلك النوسطالجيا المزمنة.
شريط إخباري يدور حول تلفازنا, ليتجدد بلائحة كبيرة من أسماء شهداء العراق وفلسطين.
ابتسامة لمجنون, يتخذ من طرف الشارع بيتا له, ومن الطرف الآخر سخرية من العابرين , اجل هذا ما بدا لي, كان ينظر إلى كل شخص,مشيرا إليه بيده اليمنى, وباليد اليسرى, يحاول إغلاق فمه المقهقه من نكات الأرض المتناثرة, ليلقي عليهم, أجمل الشتائم, وينهي عرضه بخلع بنطاله.
كانت تلك مسرحيته اليومية, يكرر المشاهد ذاتها على نفس المارين على الطريق, طريق ابتدأت بورود ألجوري, وبإحدى النصب التذكارية, وها هي تنتهي عند لافتة كبيرة, لإحدى المستوطنات اليهودية.
تحيط بنا الكلمات العبرية من كل جانب, يحيط بنا الغد والأمس في آن واحد,حاضر ممزوج, جمل بتراء, أحرف ثنائية الأبعاد, صور غير متكاملة, تودي بنا إلى طرق مرورية صعبة.
قد يبدو اختلاط الحليب بالقهوة, شرابا رائعا, لكن كيف يبدو اختلاط القهوة بالشاي؟
اوليس مذاقا رائعا أيضا؟
كانت الطرق البدائية لفصل العناصر اقل تعقيدًا, أما الآن وبعد أن تعقد المزيج, كيف ستكون آليات الفصل؟

نسترق ابتسامة صغيرة من بين أسوارنا المنهارة, لنرى أن تلك الابتسامة, يمتلكها المجنون ذاته.
يملأ الأرض بصراخه وزغاريده, وأناشيد يمتزج لحنها رويدًا رويدًا,
أحاول فهم أحرف صحيحة من غنائه, ذاك الذي يحتفظ بأربعة أسنان فقط, تمكنه من مضغ ما يتيسر له من طعام.
أركز أذناي اللتان سيطر عليهما التعب, أحاول افتعال آذان أخرى, ومسامع صوتية جديدة, لأتمكن من التقاط ما لا يزيد عن جملة واحدة, علها تكون بوابة بحث عما سقط منا, عذرًا فقد سقط سهوًا وسقطنا على رؤوسنا سهوًا.
واكتشف أن أبجدية الحروف سقطت مع أسنان مجنون بلدتنا وهذه المرة عمدًا, وعمدًا هربت حروفنا منا قبل أن تصبح جزء من شيخوختنا.
بعد محاولتي الجادة, قراءة شفاه مجنوننا الذي كان دائمًا فاغرًا فاه, غير مكترث بالزوائد العالقة بين ما تبقى من أسنانه, اكتشف إبهام قصيدته المغناة, لأكتبها بيضاء على صفحة بيضاء, وفي أسفل الصفحة وبخط احمر دامٍ, توقيع شعب كامل.
ذكريات مقاهينا الآن هي ليست ذكريات بطولية بل هي مدونة لمراهق ومذكرات لنزهة زعتر لا أكثر.
حكايات وألم وحبر كثير ينتظر الكلمات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي