الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة والبحث عن المفقود ..؟

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2008 / 2 / 6
القضية الفلسطينية


( اللاجىء ) : من لاذ بغير وطنه فرارا من اضطهاد أو حرب أو مجاعة . وجمعها ( لاجئون ) . ( الملجأ ) : المعقل والملاذ . عرف الإنسان اللجوء منذ القدم ؛ ودائما كان يلجأ إلى مكان يحميه ويجد فيه قوته كي يستمر في البقاء .. ولجأ الإنسان في بداية التاريخ إلى المغر والكهوف الطبيعية في الجبال والوديان هربا من الحيوانات المفترسة ، وقسوة الطبيعة أحيانا .. إلى أن استطاع أن يستقر ويبني له بيتا من الحجر أو الخشب ، وكذلك ليس منفردا بل على شكل جماعات وأسر ومن ثم قبائل ومجتمعات إلى أن أصبحت بلدانا ودولا لها حدودا تحافظ عليها وتحميها من طمع الآخرين ..!
في العصر الحديث يمتلئ العالم باللاجئين من كل الأجناس والدول سواء للبحث عن عيش كريم أو هروبا وخوفا من ظلم قد يتعرض له الإنسان في وطنه فيتركه إلى وطن آخر يجد فيه أمنه وعيشه .. أو من أجل تحقيق ذاته في رغبة داخله لا يستطيع الوصول إليها في وطنه سواء كانت هذه الرغبة علميه وأدبية أو مادية أو عاطفية ... والدول التي تستقبل هؤلاء اللاجئين كثيرة منها ما هي مؤهلة للاستقبال في حدود ما .. ومنها ما هي غير مؤهلة لذلك أو خوفا من نوعية هؤلاء اللاجئين فتغلق حدودها في وجههم . لو نظرنا إلى دول أوروبا سنجد في جميعها تقريبا لاجئينا عربا وبالملايين .. لكن لو عكسنا الصورة فهل سنجد لاجئينا من أوروبا في الدول العربية ؟؟ لا نعرف دولة عربية واحدة فيها لاجئين من أوروبا أو غيرها مع أن هناك دولا عربية غنية تستطيع أن تستقبل ملايين من اللاجئين ليصبحوا مواطنين صالحين يزيدوا من تطوير هذه الدول واغتنائها أكثر من قبل ..! إذن العربي يشتاق للغرب المسيحي أو العلماني من أجل الحرية وتحقيق الذات وينبهر بالنظام والتكنولوجيا المتطورة وجمال الأنثى الأبيض ( المهاجرون العرب ـ غالبيتهم من الذكور ) ، أما الغربيون ينظرون إلى الشرق بأنه ليس ببعيد عنهم فيأتون إليه سياحا لينعمون قليلا بسحره وشمسه ولذة طعامه الطازج ، ليعودوا إلى أوطانهم حيث الصناعة والإنتاج .. لديهم من المال والقانون ما يجعلهم يزورن الشرق كل سنة على الأقل ..! إضافة إلى نظرتهم للشرق المتخلف والمستبد من قبل أنظمة دكتاتورية تعتبر قطع شطرنج في أيديهم لتجعلهم مستهلكين لصناعاتهم الغالية الثمن ، ويباتوا مطمئنين آمنين ...
كل اللاجئون في العالم مختلفون عن اللاجئين الفلسطينيين إذ بإمكان غالبيتهم العودة إلى أوطانهم وقتما شاءوا ما عدا من له مشكلة قد تكون فردية سواء مع النظام أو مع أفراد من المجتمع .. لكن اللاجىء الفلسطيني إلى أي وطن يعود ..؟ اللاجئون الفلسطينيون طردوا من وطنهم المحتل على مراحل كانت الأولى عام 1948 والثانية عام 1956 والثالثة عام 1967 ومنهم من لجأ إلى دول عربية كلبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر أو في فلسطين نفسها سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو حتى إسرائيل .. أو إلى دول أوروبا أو الأمريكيتين ! كلهم لجئوا نتيجة حروب مع إسرائيل ، أو طردوا بالقوة بعد الاحتلال، أو بسبب نشاطهم السياسي أو الثوري ، وكذلك منهم من كان خارج فلسطين واستقر في الدولة التي كان يعيش فيها أو سافر لدولة أخرى وجد فيها لقمة عيشه .. فمثلا في ظروف غزة الحالية حيث الحصار مطبق عليها منذ ما يقارب العشرين شهرا هناك أكثر من خمسة آلاف طالب أنهوا دراستهم العلمية هذا العام في دول عربية وغيرها .. ولم يجدوا وسيلة للعودة إلى غزة لأن المعابر مغلقة فلجأ غالبيتهم إلى دول غربية مثل كندا والسويد والنرويج وأمريكا وغيرها ، حتى من كان يتعلم في دولة عربية وأنهى تعليمة فتقدم بطلب هجرة إلى دول غربية ؛ لأن العرب لن يسمحوا له بالمكوث في دولهم وإن تعاطفوا معه بالإقامة مؤقتا، إذن يمكن القول أن الآلاف من الفلسطينيين يهاجروا لسبب أو لآخر ليزيد عددهم سنويا .. ولو فحصنا حياة اللاجىء الفلسطيني في الدول العربية لوجدنا أنه يعيش حياة ضنكا ، ملؤها العذاب والقسوة ؛ فهو ممنوع من الحركة والتنقل ، وممنوع من العمل والتعليم العالي في بعض الدول ، تمارس عليه الدولة التي تأويه رقابة شديدة ( انظروا إلى مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان والأردن ..) مثال صارخ على قسوة العيش .. بقيت هذه المخيمات كما هي منذ عام 1948 دون عناية أو تطوير .. بحجة عدم توطين هؤلاء وضياع قضيتهم ووطنهم المسلوب ..!؟
في استطلاعات للرأي أجريت مؤخرا في غزة ، أكد أكثر من سبعين بالمائة من الشباب استعدادهم للهجرة واللجوء خارج غزة فيما لو أتيحت لهم فرصة ذلك ..! السبب في ذلك واضحا لا لبس فيه نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها شعب غزة ؟ ولمن لا يعرف جغرافية غزة السياسية ، فهي عبارة عن جيب صغير في أقصى ساحل فلسطين الجنوبي بعرض تسعة كيلومترات وطول خمسة وأربعين كيلومترات يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسط ، حيث تسيطر عليه القوة الإسرائيلية ومن الشمال والشرق والجنوب جدارا قويا بنته إسرائيل قبل خروجها من غزة حيث تسيطر عليه تماما ما عدا الشريط الذي يربط غزة بمصر من الجهة الجنوبية ويبلغ هذا الشريط عشرين كيلو مترا من البحر إلى الجنوب الشرقي ، حيث كان يربط غزة بمصر معبرا يدار من قبل السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل بإشراف أوروبي من خلال اتفاقية رباعية أشرفت عليها الولايات المتحدة ، لكن هذا المنفذ أغلق تماما بعد انقلاب حماس وسيطرتها على غزة ؛ فبقي الفلسطينيون في غزة يعيشون في سجن كبير لا يسمح لهم إلا بالعيش بين الحياة والموت ..!
إذن غزة التي قارب عدد سكانها المليونين يعيشون داخل سجن كبير تبلغ مساحته ثلاثمائة وستين كيلومترا مربعا تنعدم داخله مقومات الحياة الأساسية ، وأبواب السجن الخارجية تتحكم به قوة ضخمة يقولون عنها : أنها رابع قوة في العالم .. ويحكمه من الداخل قوة ظلامية لا تهتم إلا بعناصرها ، وتلتقي سياستها أحيانا مع سياسة السجان الرئيسي وبعض الدول العربية ..؟ جميعهم لا يريد كيانا فلسطينيا مستقلا في حدود معترف فيها يمارس فيها حياته مثل باقي شعوب الأرض ..! إذن من الطبيعي أن يجد سكان غزة ثغرة داخل هذا السجن ليكسرها ويفك أسره ولو من قبيل إرضاء غريزته ..! وكانت هذه الثغرة هي الحدود المصرية التي ترتبط مع غزة وبالمناسبة هذه ليست المرة الأولى التي يقتحم أهل غزة الحدود المصرية ، بل هي المرة الثالثة ، وإن كانت هذه المرة بدعم من حركة حماس فكانت المرة الأولى عفوية من قبل الشعب الذي تركه السياسيون بدون حلول أو توجيه ..؟ من لاحظ عدد الغزاويين الذين دخلوا الأراضي المصرية في الأيام الأولى لفتح الحدود سوف لا يصدق أن كل هؤلاء خرجوا ليبتاعوا من مصر حاجياتهم الضرورية ، وغالبيتهم ليس لديه المال لشرائها ، كذلك جميعهم مشوا على الأقدام عشرات الكيلومترات ليس بغرض التسوق بقدر ما هو تعبير عن رفضهم للسجن الذي يعيشون فيه ..؟، أو بحثا عن ملاذ يجدون فيه مآربهم .. وحيث أن السلطات المصرية على الفور أدركت حجم مأساة هؤلاء فالتزمت الصمت وأغلقت أي منفذ قد يجده هؤلاء لدخول مصر الكبيرة والمأهولة بمدنها وأريافها غرب قناة السويس ، فليس لهؤلاء إلا صحراء التيه بأرضها اليباب أو العودة إلى سجنهم الغزاوي من جديد ..! هل سيتحمل الغزاويون هذا الظلم كثيرا ..؟ في المرة القادمة كيف سيكون الحال ؟ إن لم يجد العالم والمعنيون حلولا لشعب غزة فسوف يكون الثمن باهظا ، وباهظا جدا ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م