الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوانين الدولة وقوانين السلطةالغاشمة

مرتضى الشحتور

2008 / 2 / 6
دراسات وابحاث قانونية


في اي مرحلة من الزمن وتحت أي سلطة حكم ثمة صفحات بيضاء ناصعة واخرى سوداء كالحةوحين نتذكر الماضي تتجلى حتما محاسن ومساويءايامه ،هناك عناصر ضعف وعوامل قوة تقترن برجال الفترة والطبقة الحاكمة ،مع مايترسخ من اثارالمرحلة و الامها واشجانها وامجادها ومباهجها ،نظمها اعرافها وقوانينها.
في العراق قبل الاحتلال كانت لدينا قوانين وقوانين، منها مااثبتت الايام جدارتها وعدالتها وملائمتها واهميتها وانسجامها مع واقعنا و طباعنا وثقافة مجتمعنا.في مقابل قوانين اخرى اتسمت بالقسوة والبربرية والسادية.
فقانون بتر اذن الجنود الهاربين في ظروف الحصار ،وقانون قطع الايادي والارجل من خلاف لمرتكبي جرائم السرقات ،وتطبيقات عقوبة قطع الالسن لمن يتعرض لرهط السلطة بالاتهام او النقد هي في الحقيقة نماذج صارخة لن ينساها الضمير الانساني وسيتذكرها بالادانة والشجب مقرونة بالاسى والحزن لمن تعرضوا لتلك الاجراات الوحشية.
غير اننا وفي الوقت عينه نتذكر باجلال عشرات القوانين المنصفة اذكر منهاقوانين رعاية الشهداء والجرحى والتعليم المجاني والرعاية الصحية ، التظيم الاقتصادي ،التغذية المدرسية واستقلال القضاء ثم مجموعة قوانين اجرائية جسدت هيبة الدولةداخليا وخارجيا ورسخت انبساط سلطتها على طول خارطة الوطن،حيث كنا نجد المواطن والمسؤول وكل الناس تنّفذ القوانين لحظة صدورها ،تنفذها بدون تسويف او مماطلة او تذمر،كانت القوانين تصدر لتنفذ،تصدر وتنفذ، فما تريده الدولة تمتثل له الناس ان لم يكن بارادتهم الطوعية الواعية فبالالزام القانوني.يمكننا القول ان هناك تصنيف واضح ،فقوانين السلطة وشؤون تكريس السلطة جاءت قاسيةحاسمة وحشية،لانها احتكمت الى هواجس السلطة ولضمان عدم السماح بفقدان السلطة،اما الصنف الموازي اوقوانين الدولة فقد جائت عادلة محكمة وكانت تحظى بقبول تام لانها انبثقت في اطار بناء الدولة وثقافتها القانونية المعتبرة. وكنموذج لما اسلفت ،اعرض نموذجا،يتذكره ابناء جيلي.
مرة قررت الدولة مصادرة سيارة من يرتكب أي مخالفة مرورية على الخط الدولي السريع وكان ذلك عام 1989،في اليوم التالي لاصدار القانون تم ضبط سيارة عقيد طيار متوقفة على جانب الطريق المذكور وفي حادث متزامن ٌضبطت سيارة استاذ جامعي وقد ارتكبت مخالفة مماثلة كانت تحمل لوحات فحص بعد انتهاء مهلة التسجيل.
ترى كيف كانت النتيجة هل تمكن الطيار الكبير او الاستاذ الجامعي الافلات من طائلة القانون؟كلا.
صادرت الدولة سيارة بطل القادسية وهو العقيد الطيار وصادرت سيارة الاستاذ ايضا.
ولم يتعرض أي منهما لمفوض بسيط استوقفهما ،ووضعهما في قفص مخالفة القانون .ولم ينبس احدببنت شفة معارضا او معلقا على قسوة القانون.وحيا الناس قوة الدولة وقوة القانون واكبرناعدالة التطبيق.
امس كنت اجلس قبالة الشاشة ،حيث الفضائية التي اخترت.
القناة المشكاة،انتظر مثل كل يوم ، عشنا وشفنا.
ولكن فاصلا ينقل مباشرة من شوارع العاصمة الكويت سبق ياسر العظمة اعادني الى ايام العراق المستقروالنظام المستنفر او المزدهر.
مواطن مصري مقيم في الكويت.سؤال مارايك بقانون منع التدخين في الكويت.
قرار كويس ولازم نلتزم فيه علينا واجب اخلاقي ان نحترم الارادة الاميرية.
في اللقطة الثانية ،مواطن كويتي يتلقى سؤال !هل انت مدخن و ماذا تقول في قرار منع التدخين؟ .(يبه خلاص صار قانون ولازم فيه مصلحة ولازم نلتزم).
الان عدت الى بغداد،عدت الى شلل قوانيننا قوانين الدولة وفشلنا وتمردنا على الدولة لاالسلطة.
في كل شيء ترانا اليوم مختلفين اصبحنا اليوم مخالفين.
دولة عمرها لايتجاوز قرن ومواطنها لايخالف القانون في نفس سيكارة.ولا يرمي عقب سيكارة على الرصيف.
دولة عمرها ستة الاف سنةو هي ام الحضارات قاطبة ،تمتليء بيوت اهلها بالقاذفات والصواريخ ويحتفل شعبها باطلاق نيران البنادق الرشاشة في الاعراس وفي تشييع الموتى وحتى بعد فوز فريق المحلة في مباراة شعبية.
دولة هي منبع القوانين وام العناوين الاصيلة ،ولكن بعض ابنائها لايتورعون عن قتل اخوتهم على قارعة الطرق.ونصب المتاريس واعتقال المسافرين بين المدن.
دولة تقوم على اسس ديمقراطية ولكن احزابها السياسية تحتفظ بجيوشها وميلشياتها،ومستودعات اسلحتها ومعسكرات تدريبها. وقناصيها وغرف اعدامات وفرق اعدامات ومشانق وعلى الهوية وعلى من يقع بين ايديه .
في العهد السابق كانت بعض قوانينا جائرة في العهد الجديد منحنا الفوضى شرعية جائرة.
في العهد الجديد لامسؤول قوي .ولا مواطن قوي. فقوة الفوضى سحقت الجميع ازالة هيبة الجميع وفرت لاصحاب العضلات فرصتهم .
في العهد الماضي كنا نخشى السلطة في مايخص خطوط السلطة الحمراء ولكننا كنا اقوياء بقوة القوانين التي اطرتنا جميعا ، نمتثل للقوانين لنفس الاثر الذي يرتبه القانون على الجميع.
اليوم قوانين الدولة لاتملك أي قوة ولاتحظى باحترام لائق.
اليوم تمتليء الشوارع بسيارات دخلت خلافا للقانون ومجرد حيازتها يشكل جريمة ولا احد يرصد الجريمة.
اليوم البيوت تمتليء بالاسلحة ولا احد يمارس سلطة نزع السلاح مع ان الحيازة لوحدها تمثل جريمة .
اليوم يتعرض الاستاذ الذي يتورط باعطاء التلاميذ درجات دون خط النجاح للتهديد والقتل.
ويتعرض الطبيب الذي يقول ان هذا المتقدم للتطوع اعرج او اعور او قزم للقتل اذا وثق هذه الحقيقة.ولا احد يمنح الطبيب والاستاذ اذنا،بل ويتلقون توبيخا و نصائح وربما لوما وتأنيبا (لماذا يااخي ترسّب الناس،ولماذا يااخي تكتب غير لائق).
النتيجة اننا لانمتثل للقانون ، افقدنا القوانين قيمتها.
عجيب غريب شعب ولا مواطن ولامقيم فيه يخالف النظام ولو باشعال سيكارة في محل محظور،وشعب لايهاب قوانين الدولة فيه مواطن ولا مسؤول بل وربما قام المسؤول بحرق البنك المركزي.اواخر بتوريد اسلحة فاسدة اوان ثالث سرق رواتب المحتاجين.او احتكر الوظائف في الوزارة التي كانت من حصة حزبه لابناء عشيرته.
كل شيء بلا معنى ان لم نعرف معنى ان نمتثل للقوانين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فوضي في يوروو 2024 ..اعتقال 50 مشجع إيطالي يحملون عبوات ناسف


.. شاهد: الجنود المثليون في أوكرانيا يتظاهرون تحت المطر للمطالب




.. مصر.. اللاجئون السودانيون يستقبلون عيد الأضحى في ظروف صعبة


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي -جاء بعد محادثات




.. شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور