الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناقض التغيير

سلمان النقاش

2008 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يشهد العالم اليوم تحولات تبدو إنها تبتعد بمسافة ما عن التطلعات العقائدية والأيديولوجية التي تصر على أن ترى هذا العالم عبر قناعات منظرة أو موروثة فبعد الانتصار الكبير الذي حققته الشعوب الغربية على أنظمتها القديمة وتوليها زمام الحكم فيها والذي جاء كنتيجة حتمية لتطور وسائل الإنتاج المادي وما صاحبه من تقسيم للعمل استوجب تصنيفا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا يقر بأحقية الفرد بإنسانيته وحريته وطاقاته دون تمييز عرقي أو عنصري أو جنسي حيث تفجرت الطاقات البشرية وهي واثقة من أن طموحاتها ممكنة التحقق في عالم بات لا يؤمن بأنصاف الآلهة كالاباطرة والنبلاء أو إنسان السوبرمان كهتلر وموسوليني و ميلوزوفيتش او صدام .. وها هو الحزب الديمقراطي الأمريكي ينافس على رئاسة البيت الأبيض بمرشحين كانت ميزاتهما بالأمس محط احتقار وتهميش - امرأة وزنجي - وهاهي جوائز نوبل تكلل عبادي ونجيب محفوظ واحمد زويل والبرادعي، وفي لندن ينتصب تمثال مانديلا ليذكر بالسلام ،وتمتد يد مانشيسرستي إلى اللاعب العراقي نشأت أكرم ومثل ما ذكرت الكثير الكثير ..
غير إن التناقض يظهر متجليا حين تلامس مجسات التحضر معوقات تقدمها فترسل إشارات التحذير لتكون المعالجة حاسمة ومنتجة في نفس الوقت غير عابئة بما ستؤول إليه النتائج على من تخلف عن الركب الحضاري، وغالبا ما تاتي هذه المعالجة بشكل قاس وعنيف فتزيد البؤس بؤسا.. ويغوص الامل بعيدا في الزمن والجغرافية، والفجوة تتسع بين عالم يتشدق ويتفاخر بل ويمارس حقا جدوى الوجود وبين عالم ينوء بحمل القديم المتصديء وجديد لا يكترث لحاله. والحقيقة ان العالم الاول لايستطيع التخلي عن الوجود الانساني الاخر فهناك الثروات المخبوءة والاسواق التي تعالج الركود المهدد للرفاه الممتع والثروة المتركزة ، فلابد من علاقة دائمة الربط به مهما كان شكلها فبدأت بالاستعمار المباشر ثم التبعية ثم التحالفات وهاهي اليوم تعلن ضرورة تغيير اسس العالم النامي هذا بالانفتاح التام والمباشر امام مشاريعه التي تقف الثقافات حائلا امامها، و يستدعي هذا تفكيك منظوماته القيمية المنغرسة عميقا حتى لتصل بدايات النشأة الاولى للانسان وان تعيد تركيب النظام الاجتماعي ثم السياسي بقوالب تضمن طاقات البشر والارض على حد سواء .
اكثر من اربع مليارات انسان يعيش اليوم في عالم صنف مجازا بالنامي في حين ان الواقع يقول انه متخلف وفق كثير من المقاييس وأولها الارادة الجادة بالانعتاق من الكسل و ثقافة الاستهلاك واللجوء الى الانتاج ... بدليل حجم الثروة الضخمة التي تضمها اعماق الارض التي يقفون عليها ، حتى ان احد المحافظين الامريكان تطرف بالقول "ان الطبيعة الجيولوجية قد اخطأت حين ادارت ثروة الارض لتضعها تحت اقدام هؤلاء " .. لقد صنف الخبراء الامريكيون الارض العراقية بانها الاكبر احتياطيا للنفط في العالم غير ان كمية استخراجه منذ اكتشافه في بدايات القرن الماضي لم يتعد اكثر من 2.8 مليون برميل يوميا ومن ضمن 85 حقلا مكتشفا لا يعمل غير خمسة عشر حقلا معظمها في الجنوب الذي يحفل حتى الان ببيوت الطين وظلمتها وجرائم الشرف وقتل النساء والماء الغير الصالح للشرب ، وحين دخلت جيوشهم هذه الأرض اهدوا المال العام برمته غنيمة للمحتلفين بفرار الطاغية الا منابع النفط ومكاتبه احاطوها بجندهم وأسلحتهم الحديثة ... لكن لابأس سيمن علينا التاريخ أخيرا لنكون السباقين الى بناء نظام كانت نتائج نجاحاته في الغرب ان ضمنت حقوق الإنسان وان حشرنا داخل مثلث تقبع في رأسي قاعدته كل تراكمات الموروث البدائي –ايران- القاعدة- لتحتفظ امريكا بالرأس الاعلى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير