الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس المعبر وخطة الانفصال بغزة

احمد مجدلاني

2008 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تداعيات معبر رفح مازالت قائمة وهي مرشحة لمزيد من التفاقم خلال الأيام القادمة بفعل عوامل صنعها وأهداف صانعيها ، والاشتباك الذي حدث قبل أيام قليلة وذهب ضحيته مواطن فلسطيني وعد كبير من الجرحى من صفوف الجنود المصريين يدلل على ان الأزمة التي فتحتها حركة قيادة حماس لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل كان هدفها بالدرجة الأساس رمي الكرة بملعب القيادة المصرية لجهة فرض أمر واقع عليها بالتعامل مع النتائج التي ترتبت على إزاحة الحدود ، وبالتالي إعادة تنظيم العلاقة مع حكومتها غير الشرعية ، توطئة لفتح المجال أمام التعامل الواقعي مع السلطة القائمة وبهذا تكون حركة حماس قد ضمنت شريان حيوي لمشروعها بالانفتاح على العالم باعتبار مصر معبرا ليس لحل أزمة الحصار الإسرائيلي الظالم والذي يرقى إلى جرائم الحرب باعتباره شكلا من أشكال العقوبات الجماعية التي تحرمها الاتفاقات الدولية وخصوصا اتفاقيات جنيف الأربعة،وإنما معبرا لفك عزلتها الإقليمية والدولية وضمان بقاء مشروعها في قطاع غزة .
حركة كماس اعتقدت أنها بمحاولة توظيف مأساة المواطنين في غزة بإمكانها ان تغير من قواعد اللعبة على المستوى الداخلي والخارجي وتعيد ترتيب الأوراق بما يمكنها من العودة للامساك بزمام الأمور، وخاصة ان الرأي العام الداخلي الفلسطيني والذي كان يعلن عن سخطه على الاحتلال وحصاره ويحمله المسؤولية، لم يكن يستثني حركة حماس ومسؤولياتها عن ما آلت إليه الأوضاع في القطاع وخاصة بعد انقلابها الأسود على الشرعية وأسس النظام الديمقراطي الفلسطيني .
ومن هنا فإن دعوات الانفصال بقطاع غزة وان حملت بعدا يدغدغ مشاعر المواطنين والاستقلال بالقطاع دون تحكم الاحتلال بالدخول والخروج منه ، وكذلك التخلص من التبعات التي يفرضها ، ان كل هذه القضايا بدون شك لا خلاف عليها ،ولكن لو جاءت في سياق إنهاء الاحتلال عن كافة الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة ، وليس بشكل أحادي في غزة ، ان هذا الحديث بالإنفكاك عن اسرائيل يعيدنا إلى الجدال الذي أثير عندما قررت حكومة شارون بالفصل الأحادي الجانب في قطاع غزة مقدمة للفصل بالضفة الغربية وجعل الجدار العنصري الحدود الرسمية بعد الانتهاء منه ، وكيف تعاملت حركة حماس مع القرار الإسرائيلي من خلال إطلاقها لفكرة إقامة إدارة خاصة في قطاع غزة تتمتع باستقلالية عن السلطة الوطنية الفلسطينية، ويعلم الجميع ان النقاشات التي دارت آنذاك والموقف الذي اتخذته الحكومة الفلسطينية ، وكذلك الرئيس أبو مازن وجميع قوى العمل الوطني الفلسطيني وحذرت من مغبة المبالغة في الخطوة الإسرائيلية باعتبارها خيارا من جانب وحدا لفرض سياسة الأمر الواقع وليست تحيرا كما ادعت حركة حماس آنذاك من اجل تبرير أطروحاتها وخطواتها اللاحقة ، وبدون أدنى شك فإن الاحداث اللاحقة والتي حكمت تصرف قيادة حركة حماس قامت بالفعل على تجسيد رؤية الانفصال بقطاع غزة كمقدمة لإقامة المجتمع الإسلامي حسب تعاليم منظر حركة الأخوان المسمين سيد قطب والانفصال عن المجتمع الجاهلي ، وهو مقدمة لبناء الدولة الإسلامية لاحقا ، وبالتالي لم يكن الانقلاب في حزيران الماضي إلا حلقة من حلقات مشروع الانفصال وتجسيدا لهذه الرؤية الأيديولوجية، كما ان كل المحاولات الجارية الآن وخاصة بعد تفاعلات أزمة المعبر وسماع قيادة حركة حماس موقفا مصريا رسميا لا يقبل التأويل والجدال والنقاش بان فتح المعبر لن يتم إلا تحت راية الشرعية الفلسطينية الواحدة والتي تعبر عن جميع الفلسطينيين والتي يمثلها الرئيس محمود عباس أبو مازن .
وفي سياق حملة المعابر توارد اقتراح الفصل الاقتصادي عن الاحتلال ، ورغم أهمية هذه الطروحات للفكاك من التبعية الاقتصادية للاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي، إلا ان الدعوة الآن للفصل الاقتصادي للقطاع مع الاحتلال لا يعني سوى شيء واحد ووحيد وهو الدعوة إلى تحلل الاحتلال من مسؤولياته عن الأراضي الفلسطينية في القطاع باعتبارها أراض محتلة وفك الارتباط بينها وبين الضفة الغربية ، ان ما رفضته القيادة الفلسطينية أثناء الانفصال الأحادي الجانب من قبل حكومة شارون أيلول عام 2005 بدعوى ان المركز القانوني للقطاع وفقا للقانون الدولي لم يتغير ومازال تحت الاحتلال بغية الحفاظ على الربط بوحدة الأراضي الفلسطينية وبالولاية السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية على جميع الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع.
ان الدعوة للانفصال الآن وبكافة أشكاله وخاصة الاقتصادي هي خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي ، ليس لأنها تعفيه من مسؤولياته كدولة احتلال فحسب وترمي هذا العبء على دولة شقيقة لها التزاماتها الولية والإقليمية، وحتى لو أردنا بعد التخلص من الاحتلال فك الارتباط الاقتصادي معه فإننا بحاجة لعدة أعوام لفك الارتباط التدريجي معه وعلى ربط الخدمات مع مصر وغيرها ، ولكن وهذا هو الأهم فإن الهدف الذي تحققه هذه الدعوة هو ضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتفتيته بحيث سيتم التعامل معه على أساس وحدات جغرافية منفصلة ومنعزلة ولان يكون هناك أي رابط ما بين الضفة والقطاع ، ويعفي إسرائيل من تحمل مسؤوليات الربط والتواصل .
ان التلطي وراء معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة من اجل تحقيق مصالح إيديولوجية وسياسية وتنظيمية في هذه المرحلة بالذات لا يخدم القضية الوطنية الفلسطينية بل يصب في خانة خدمة أهداف الاحتلال سواء بوعي من ينفذ او يطرح هذه المواقف او لم يع ذلك.
والمصلحة الوطنية تطلب وقبل كل شيء إنهاء الصراع الداخلي لضمان وحدة الشعب والأرض والقضية ، والخطوة العملية والوحيدة هي بالتخلي عن الانقلاب ونتائجه والعودة إلى مائدة الحوار غير المشروط بقبول الانقلاب ، وبما يقود إلى الاحتكام للشعب مصدر الشرعية بأجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة .
ان هذا الخيار يعيد مصادر القوة للشعب الفلسطيني ويقربه من تحقيق أماله بالحرية والاستقلال وبناء دولته وعاصمتها القدس،وبإلانفكاك والانفصال عن الاحتلال بكافة أشكاله، ويفوت الفرصة عليه للتلاعب على الصراع الداخلي لتحقيق المزيد من المكاسب ، كما ان هذه الخطوة تعيد القرار الوطني الفلسطيني إلى المائدة الفلسطينية وتسحبه من دائرة الاستخدام السياسي الإقليمي الساعي إلى تحسين شروطه التفاوضية مع الولايات المتحدة الأمريكية على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والتي هي فوق الصراعات الإقليمية مهما اتخذت من أبعاد وشعارات براقة.

رام الله
5.2.2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية