الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انفصالنا عن الرموز

مهند عبد الحميد

2008 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


علم الوطن، النشيد الوطني، المقدسات الدينية، كوفية الفدائي، الثوب المطرز، قادة دافعوا عن الحقوق الوطنية وقيم الحرية والعدالة والمساواة، أبطال استشهدوا دفاعا عن الوطن والشعب، حملة لواء الفكر والثقافة، مبدعون وفنانون، اغاني ودبكات شعبية، قائمة تطول بالرموز المتنوعة التي تكِّون جميعا الهوية الوطنية المشتركة للجماعات والشعوب. الهوية والثقافة والتكوين النفسي تتشكل في سياق تاريخي طويل، ولا يخضع وجودها لرغبة ورأي طرف، إنها صيرورة تخضع لتأثيرات وبصمات القوى الحية والمؤثرة. وتتأثر بالتعدد السياسي والتنوع الثقافي وحق الاختلاف وبقيم التسامح والديمقراطية.
أين نحن من تلك الرموز؟ طغى علم الفصيل على العلم الوطني، حماس لا تعترف بالعلم الوطني ولا تتورع عن استبداله بعلمها الفصائلي. فتح التي اشتهرت باعتماد العلم الوطني لعقود خلت تراجعت وتدثرت برايتها الفصائلية الصفراء، والتنظيمات الاخرى درجت على استخدام أعلامها الحزبية على حساب العلم الوطني، أصبح العلم الوطني في خطر.
منظمات ومنتديات عالمية اعتمدت كوفية الفدائي المخططة بالاسود رمزا نضاليا عالميا، والفصائل الفلسطينية تعتمد أقنعة سوداء وحمراء وكوفية حمراء، لم تعد الكوفية رمزا مشتركا للجميع كما هو حال رمزية الكوفيات في دول عربية ورمزية الكوفية الفلسطينية للنضال العالمي.
التعامل غير المبالي مع القادة الوطنيين كرموز للشعب لا يقل خطورة، كل فصيل يعتمد قادته ولا يقيم وزنا للقادة الآخرين، والاخطر انه لا يتم تعريف الاجيال الجديدة بدورهم التاريخي، لا يصار الى اعتماد الحصيلة الايجابية المشتركة والبصمات التي تركها كل قائد بمواقفه او بممارساته على القضايا الوطنية والاجتماعية التي تخص الشعب. عوضا عن ذلك يسود منهج انتقائي سلبي لا يرى الايجابي والنافع ولا تتم الموازنة بين الايجابي والسلبي لمعرفة الوجه الرئيسي او المحصلة الاخيرة. من هو الوطني؟ والوطنية درجات، ومن هو الخائن الذي انتقل الى الخندق المعادي؟ وما هي المعايير الموضوعية التي يعتمد عليها، معايير فوق كل عصبوية وفئوية فصائلية او ثأرية شخصية. الاجيال الجديدة تنفصل عن الرموز التاريخية لانها لا تعرف ولا تسمع عنها شيئا وهذا ينذر بالانفصال عن التاريخ.
الزي الشعبي والاغاني والدبكات وكتب التراث وكل انتماء ثقافي للعلمانية والتنوير والتدين العقلاني، كل هذه الاشياء مرفوضة ومحرمة بدعوى اختلافها مع الخطاب الديني التعصبي وثقافة احتكار التفسير والحقيقة. التحريم المقترن بامتلاك القوة سيقضي على التعدد والتنوع السياسي والثقافي والديني راهنا وبأثر رجعي. وسيؤدي الى تفكيك الوطنية والكيانية من داخلنا، في الوقت الذي نتعرض فيه الى تفكيك من خارجنا. فهل نستفيق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل