الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا حياة بدون حوار و تفاعل

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2003 / 12 / 9
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


" خير للإنسان أن يموت على يد الفاشيين من أن بتحول هو إلى أحد الفاشيين" - هيرمان هيسه
أنا احتفل اليوم  بالذكرى الثانية لولادة مرجنا الزاهي " الحوار المتمدن" شاكرا للأخ رزكار دعوته الكريمة لي بتقييم الموقع  من كافة جوانبه . و في احتفالي بولادة موقعنا الغالي اقدر ه عاليا لما ادخله في قلبي من بهجة و سرور و أمل بحياة حرة و انا أمضي يوميا بعض الوقت في ارتياد هذا المرج كطفل برئ يلاعب فراشاته ، و هو يشعر بين آونة و أخرى أنه يترعرع و ينمو جسدا وعقلا .  لقد كان لموقع " الحوار المتمدن"  أهمية قصوى في حياة العراقيين لأسباب في مقدمتها أنه أول موقع يساري علماني صريح و  تقدمي ، حيث ان المرء حين يتابع جل المنابر اليسارية من نشرات و منتديات  و إذاعات منذ وجدت على أرض العراق لا يراها   إلا أشكالا من الوطنية و القومية لا تختلف عما هو  مكرس عند المتسطل ين من أنظمة و أحزاب و مؤسسات  ثقافية و سياسية.
 و أن ثمة أصدقاء لي يعاتبون رزكارا بل قاطعوا الموقع لنشره موادا لفلان المعادي للشيوعية و اليسارية ، أو  لآخر يختلف عنهم كثيرا ، لكني لا ارى في هذا الا الخير فلا بد للمرء أن يطلع على أفكار من يختلف عنه ، و مع ذلك أرى أنه لا بد أن يحتفظ الموقع على صفته اليسارية و العلمانية كمحور فكري و اساس له وهذا متوفر فيه بالتأكيد.
لقد تعلمت في هذا المرج أن حرية المبدع حق أصيل لا يُمس ، وأن كبح هذه الحرية بأي شكل من الأشكال هو تخريب لروح الفرد و المجتمع معا..
 و كأني بي أمام لافتة أمام مدخل المرج من نور  يتراقص و تتصاعد بكتابات نعم لحرية الفكر و الإبداع و المبدعين و لا لأي قبضة على الفن والفكر و الأدب.
لقد عرفت أننا يجب أن نبدأ بالنفس  و نطهرها من أدران الإستبداد و الشمولية و اللاإنسانية  ، فكل ما عانينا لعشرات السنين لم تكن مسؤولية جهة واحدة  و حزب واحد ،  فالبعث لم يكن مسؤولا لوحده عن بناء الثقافة والتربية العسكرية الفاشية  في المجتمع ،.  فالتربية العسكرية وتمجيد القوة العسكرية لا تزال  تتغلغل في ثقافة جوء كبير من النخبة  تغلغلا عميقا، فهي تقطر من أناملهم  حين يدبجون أفكارهم ،   وتطبع  اعماق  لا وعيهم   ، كسلاح إداري من أسلحة التعبئة الوطنية الصارمة بديلا عن الطغاة الساقطين. فمقولة" هيسة"  أعلاه ليس المقصود منها فقط الذين سقطوا عند النظام و ظلوا يتعاونون معه ، بل الذين صاروا متقمصين للنظام الفاشي و نماذج حقيره له و هم خارجون عن سلطته و يدعون معارضته . 
 فالنظام البعثي لحد هذه اللحظة ، لم يسقط محتواه   فالكثيرون و من ضحاياه  يعملون وفق مبادئه الشمولية و القومية  لذلك كان دائما عندي  واضحا وجليا بأن البعث و رأسه   ليسا مسؤولين لوحدهما  عن مصائبنا  وانحطاط الواقع السياسي الفكري  ، وليسا  مسؤولبن  عن تدهور الواقع الثقافي وتمزق إرادة المثقفين. أما نحن الضحايا   فنتحمل وزر أوجاع وأمراض الواقع الثقافي،  نحن جميعا من دون استثناء ،  وبدرجات مختلفة من المسؤولية. . و أن المصيبة تكون اكبر حين نرى  المهاجر أو المنافى  قد ولّدت عددا كبيرا من مرتزقة ولصوص الثقافة، يتفوقون تفوقا عجيبا، في درجة انحطاطهم  ، على أشقائهم مرتزقة ثقافة النظام الساقط  !
 

وإن أمامنا في  منتدانا " الحوار المتمدن " لكي نكون حقا متمدنين و حضاريين  ، مهمات خطيرة و  هي مهمات  كل الكتاب الحريصين على الحق و الحقيقة ألا و هي فضح و إدانة  لهجة العنف و العصبية القومية المبطنه ورائحة الجيوش و التي  نجدها حتى في تعابير الوثائق التي تدعو إلى إقامة عالم خير خال من العنف. أمام المثقف التقدمي مهمة  تحطيم دورات دورات اعادة انتاج الاستبداد و الرجعية . 
فالتمدن يعني نبذ العنف و العصبية الوطنية  و القومية باعتبارها نقيضا لإنسانية الإتنسان . فإحياء الضمائر الميتة في عهود البعث و الشمولية القومية و انتشال الأرواح الغائصة في الظلمات  ليس بمهمة هينة ، و انها لا بد من تحقيقها لكي تتوهج مشاعل الحرية .
و هناك مهمة أخرى امام " الحوار المتمدن" و هي فضح  عقلية الوصاية التي يظن صاحبها أنه الممثل الحقيقي للمجتمع أو القيم على أفراده. لقد قدم لنا التاريخ دروسا لا تنسى حول مخاطر التدخل السلطوي في شؤون الفكر و الثقافة.
و إنه لحل سليم للكثير من مشاكل الثقافة ،  وبالتالي المجتمع أن يتصارع المثقفون فيما بينهم،  مفكرا لمفكر و كاتبا لكاتب وفنان لفنان. فأن حرية الرأي و الرأي الآخر لا تعني بأي حال أن يعيش الرأيان إلى جانب بعضهما البعض حياة جمود , فهكذا حياة ثقافية تكون عقيمة، لا تثمر. السكوت على الرأي الآخر له نفس مفعول الكبت ، وهو الجمود و من ثم التقهقر العلمي و الثقافي. فلا حياة بدون تفاعل ، بدون أخذ و رد ، من تبادل رأي و نقاش و خلاف و حتى صراع. نعم الصراع الثقافي ضروري , طالما بقي بعيدا عن ممارسات قمعية سواء من أطراف الصراع أو ممن يستلمون دفة إدارته بشكل من الأشكال. الحقيقة يجب ان تكون اعز من كل عزيز ، هذه الفكرة اني اشعر ان موقع رزكار مثابر على تبنيها ، و يحضرني هنا كلام للكاتب الأماني " هيرمان هيسة" في روايته " لعبة الكرات الزجاجية" ، حين يقول:

"  و نحن عندما نبدي استعدادنا للتضحية برفاهيتنا و هناءتنا و حياتنا من أجل الشعب عندما يدهمه الخطر ، فلا يعني هذا أننا نضحي كذلك بالفكر و التقاليد و الأخلاق التي يتسم بها نشاطنا الفكري في سبيل اهتمامات اليوم و الشعب أو الجنرالات. و الجبان من يهرب من الجهود و التضحيات و الأخطار التي يتعرض لها شعبه.  و الجبان الخائن أيضا هو من يخون مبادءئ الحياة الفكرية من أجل مصالح مادية ، من يكون  مثلا على استعداد ليترك لأصحاب السلطان أن  يقرروا حاصل ضرب اثنين في اثنين! إن التضحية بحب الحقيقة ، و بلأمانة الفكرية و بلأخلاص لقوانين و مناهج الفكر من أجل مصلحة أخرى مهما كانت ، حتي مصلحة الوطن نفسه، خيانة. 
فإذا حدث في صراع المصالح و الشعارات أن تعرضت الحقيقة لخطر فقدان القيمة و التخويف و الاغتصاب ، كما يتعرض الفرد له، و كما تتعرض له اللغةو الفنون و كل كائن عضوي ، و كل ما استنبط و نمى نماء فنيا جميلا، فأن واجبنا الوحيد يتلخص آنئذ في المقاومة ، وفي انقاذ الحقيقة ، أعني إنقاذ السعي وراء الحقيقة.
والعالم سواء كان خطيبا أو كاتبا أو معلما- الذي يقول الخطأ  و هو يعلم أنه الخطأ، أو يساند الأكاذيب و التحريضات و هو يعلم أنها كذلك، لا يسلك فحسب مسلكا مضادا للقوانين الحيوية الأساسية، بل يصيب شعبه ، رغم ما قد يظهر غير ذلك من نجاح وقتي ، بالأذى الشديد، لأنه بفسد الهواء و الأرض ، و الطعام و الشراب و يسم التفكير الحق و يعين كل شر و كل عدو يهدد الشعب بالإبادة."

أما فيما يتعلق بالإخراج و التصميم ،  فرغم أنه ليس  لي هنا باع طويل ،  لكني رأيت أن الموقع قد تطور بشكل واضح ،  و استفسرت من بعض أصدقائي قال بعضهم بأن الموقع الفلاني أو الجريدة الفلانية لهما تصميم و إخراج نموذجيان يمكن أن يحتذى بهما ، فرأيت أنهم يشيرون إلى مواقع تقف وراءها جكومات او جهات متمكنة مم لا يتوفر عند صديقنا العزيز رزكار ، و ان اقتراحي له هو أن يعيد النظر بين فترة و اخرى ان استطاع اليه سبيلا أن يحدث بعض التغييرات ، وأن يخصص في الوقع خانه لإستفتاء القراء   و التصويت على التصميم و الإخراج  و  المطلوبين  للموقع .
أما ما يتعلق بالترجمة الانكليزية و الكردية  لاسم الحوار المتدن MODERN DISSCUSION  فاني لا اتفق معه فمصطلح يعني الحديث MODERN
لا يعطي معني ما نبتغيه فليس كل"حديث" هو متمدن و تقدمي . و ترجمة الموقع الكردية "كفتوكو ي مودرن " تصبح " المحادثة الحديثة" ، مع انه هناك الكثير من المرادفات يمكن استخدام ادقها . 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق