الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشاد صراع المصالح والسلطة ...من الفائز في المعركة الاخيرة؟

علي جاسم

2008 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مرة اخرى تثبت الانظمة الدكتاتورية فشلها ويثبت للجميع ان الممارسة الديمقراطية الحرة والنزيهة وحدها قادرة على تكوين منظومة اجتماعية وسياسية مثالية يعيش تحت ظلها الجميع خصوصاً في البلدان المتعددة الاعراق والطوائف مثل تشاد ،والاحداث الدامية التي يشهدها الواقع اليومي على يد السلطات الحكومية في تشاد وانتهاك حقوق الانسان لاسيما بعد تشدد المعارضة على الرئيس ادريس ديبي في محاولة لاسقاط نظامه دليل على ضرورة تطبيق الديمقراطية والالتزام بمفرداتها.
والمتتبع للصراع بين الطرفين يجد ثمة عوامل داخلية وخارجية مهدت لهذا الصراع السياسي القبلي ، واولها تصرفات ديبي الذي جاء الى الحكم على اثر الاطاحة بالرئيس السابق بحسين حبري الذي كان ديبي يعمل مستشاراً له،اذ اعتمد ديبي على تقريب اقاربه وابناء عشيرته المقربين واعطائهم مناصب كبيرة في الدولة "وهذه الصفة لاتحسب على الرئيس التشادي وحده انما تشترك معه كل الانظمة العربية والدكتاتورية" فضلاً عن الفساد الاداري الذي ينخر المؤسسات الحكومية وعدم وجود توزيع عادل للثروة النفطية التي دخلت ضمن صادرات تشاد منذ عام 2003 ،ولكن يبقى العامل الابرز الذي تسبب باطلق شرارة المعارضة هواعلان ديبي تعديل احدى فقرات الدستور التي تسمح له باجراء انتخابات لولاية ثالثة سعياً لانشاء نظام دكتاتوري قبائلي ويسحب البساط من تحت اقدام القوى السياسية المعارض في تشاد ،هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الخارجي فان ابرز العوامل التي ادت الى انتفاضة التشاديين سببه تشجيع ديبي المسلحين في دافور جنوب السودان ضد الحكومة السودانية وتقديم الدعم المادي واللوجستي لهم لذلك فان حكومة السودان وجدت فرصتها الذهبية في اسقاط ديبي من خلال الوقوف بقوة وراء المعارضة التشادية واسنادها وتعزيز سيطرتها على السلطة.
ومن هنا نستنتج اولاً ان مفتاح الصراع بين المعارضة التشادية والسودانية من جهة وبين حكومة البلدين من جهة اخرى بيد رئيسا الدولتان اللذان اعتقد بانهما سيخسران منصبهما اذا بقيا بنفس هذه الوتيرة السياسية الطائشة ،ثانياً ان قوى المعارضة في تشاد ومثلها في السودان تدرك ان بقائها اصبح مرهون بالقضاء على ديبي والسيطرة على السلطة وفي حال تحقق هذا الامر اعتقد ان المقاومة في جنوب السودان ستلفظ انفاسها الاخيرة لانها ستجد نفسها بين مطرقة الحكومة وسندان المعرضة التشادية ...لذلك ستسير المعارضة التشادية بقوة نحو اسقاط الرئيس ديبي بالرغم من ادراكها بان هذا الامر اشبه بالمستحيل مع وجود تحديات دولية كبيرة تاتي في مقدمتها فرنسا التي رغم استقلال تشاد منها منذ عام 1960 الانها مازالت تتحكم بمصيرها ومقدراتها ، وفرنسا اعلنت عن تدخل اكبر لها في حل هذه القضية وقد تلجاً الى استخدام القوى العسكرية ضد المعارضة في حال نجاح انتفاضتها ،وموقف فرنسا من مشكل تشاد واصرارها على لعب دور الوصايا عليها يقودنا الى الاسئلة التالية: لماذا فرنسا قلقة من قضية تشاد ؟ ولماذا تنظر للموضوع بعين واحدة؟ ولماذا تلوح الى استخدام القوة ضد المعارضة التي تحاول اعادة العمل بمبدأ الدستور الى مسارهِ الصحيح خصوصاً ان فرنسا عارضت امريكا عندما حشدت الجيوش على الحدود العراقية لاسقاط صدام ؟
ان سيطرة فرنساعلى تشاد بهذه القوة وامتداد نفوذها في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية يعكس حنينها الى ايام الحملة الفرنسية التي اجتاحات عدد من دول افريقيا واسيا وتريد اليوم ان تعيد هيبتها امام منافيسها "امريكا وبريطانيا" بانها قادرة على مسك الارض في تشاد وانها تمتلك ثقلاً عسكرياً في العالم وهذا الامر ينعكس بشكل سلبي عليها لانها تصنف نفسها الاولى في منح الحريات ودعم الممارسات الديمقارطية وهذا الموقف الفرنسي المتحيز للرئيس ديبي يوضح المفهوم العريض الذي تنطلق منه الاستراتيجية الفرنسية وهو تحقيق المصالح ،لان تشاد تتمتع ببعض الثروات المعدنية مثل البترول الذي بدأت تصديره عام 2003 وهناك مخزون هائل من الذهب والحديد واليورانيوم والزنك والرخام والذي لم تستفد منه الدولة حتى الان.
وعلى الرغم من ان الديمقراطية بمفاهيمها ومبادئها تقف ضد استخدام العنف وسيلة لتغير انظمة الحكم واسقاطها الاانها تؤازر الجماهير التشادية في رافضة للاستبداد والتسلط الذي يسعى ديبي الى ممارسته عبر تجاوزه على الدستور والديمقراطية وتؤيد فكرة الاستقلال التام عن النفوذ الفرنسي الذي يتدخل في كافة مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في هذه الجمهورية الافريقية.
اما تحدي الاخر الذي سيواجه المعارضة اضافة الى فرنسا يتمثل بـ "ليبيا" صاحبت الدور الكبير في في وصول ديبي الى دفة الحكم لااعتقد انها ستقف مكتوفت الايدي دون تقديم مساعدة الى الحكومة التشادية لاسيما وان الرئيس الليبي يتقاطع مع الانظمة الديمقراطية ويرفض الممارسة الديمقراطية رفضاً قاطعاً واذا كان النظام الليبي قد دعم المسلحين في العراق ووقف بشدة ضد التجربة الديمقراطية فيه فماذا سيفعل بتشاد وهو يدرك خطورة تطبيق الديمقراطية الحقيقية في هذا البلد؟.
ولوعدنا الى المعارضة التشادية فانها في حال اسقاط ديبي فانها لن تجد امامها الطريق سهل ومعبد لانها اذا سارت في طريق ضيقة نحو تحيقيق المصالح فانها ستصدم بحجرة الانقاسمات لانها في الاساس تنقسم الى جبهتيين الاولى تتكون من مجموعات كثيرة تتحالف في الجبهة الموحدة للتغيير بقيادة محمد نور، وتنتمي غالبيتها الى قبيلة «التاما»، التي تتنافس على النفوذ والثروة مع قبيلة الزغاوة الواسعة الانتشار، التي ينتمي اليها الرئيس ديبي،والجبهة الثانية حركة التغيير من اجل الديمقراطية والتنمية، وهي احدى فصائل المعارضة ايضا بزعامة محمد نوري وعدد من ضباط الجيش التشادي السابقين، فتنتمي الى قبيلة الزغاوة ،وهذا الامر سيجعل تشاد في مواجهة جديدة قد تؤدي الى حرب اهلية لاسيما وان تشاد تتكون من "200"قبيلة عرقية وجماعات متشعبة ،وفق هذه التركيبة المعقدة يصعب ايجاد حلول ترضي جميع الاطراف باستثناء العودة الى الاسس الديمقراطية عبر صندوق الاقتراع وتطبيق النهج الديمقراطي لتحديد من يتسلم الحكم واستثمار الثروة الاقتصادية بالشكل الامثل وهذا هو الحل الوحيد المطروح امام المعارضة الان ،اما اذا فشلت الانتفاضة وبقي ديبي على رأس السلطة فاعتقد ان تشاد ستقف على رأس لغم جاهز للتفجير في اية لحظة لان المعارضة اذا لم تحقق مطالبها فان الحرب في هذا البلد لن تنتهي بسهولة، والايام حبلى وسوف نرى ماستلد على ارض تشاد التي تشكل قنبلة موقوتة كبيرة في القارة السمراء لان الاحداث في تشاد مخطط لها ضمن سيناريوا محكم اعدته الدوائر السياسية بالاتفاق مع فرنسا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية