الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغنية آخر سركون بولص في العالم

عبد العظيم فنجان

2008 / 2 / 8
الادب والفن


" كان يُضرب عن الحياة ، يحلم بالاستمرارية ، وبأبدية ليس فيها أي تغيير، طريقته في الحياة هي أن يعيش على الهامش : طبيعته المُضربة تُخيف وتُزعج ، لذلك كانوا يرسلونه إلى الريف "
ميشو

هو كأس مكسور على طاولة كل عاشق .
هو الخمر المراق على الطاولة .
هو العاشق .

شوهدَ غافيا في مهد الطفولة ،
شوهدَ يهزّ المهدَ .
شوهدَ عاريا ،
شوهدَ متحصنا بكثافة معناه .
شوهدَ بسيطا كالخيطِ ،
شوهدَ مشعا كالشمعةِ .
شوهد يخلقُ بعضَ الريح ،
شوهد ينصتُ إليها وهي تكسو الهيكلَ العظمي للعاصفة ببعض الريش .

كان يحمل على كتفيه مقترَحا لشكل الكون .
كان كسولا وعلى مهل ، كفجر يكنس ، عن افق العالم ، نشارةَ الظلام .
كان يصمم رسائل الامهات .
كان ينتقل بين المنافي ، كموزع البريد .
كان يسكر في حانات تعج بجنود هاربين من الثكنات .
كان يصوغ دليلا الى الافلاس ، وينحت طريقا الى المحبة .
كان مصنوعا من زوراق ورقية ، وخذلانات .
كان يعشقُ الصباح ، وفي غرفته كثير من الليل .
كان فصيلا من الأيائل ، وموكبا من الوحدة .
كان يسكن في ضاحية نفسه .
كان باطنيا ، رغم سذاجته الرثة .
كان يمشى على حبل الوقت ، و يتجوّلُ في ممالك المطلق .
كان ينحدرُ من جهاتٍ غامضةٍ ، وذخيرته رؤياه .
كان ينهشُ قلبَه ، ويتحرَّشُ بما يقلقه .
كان يذهبُ الى الاقاصي ، من أجل أن لا يعودَ ، لكنه يعودُ منها بشفرة الرحيل .
كان يغسلُ حدوساته بنشارة القلق .
كان يزنُ نصاعة الكائن ببصمات أجفانه ، وخفقات ظله .
كان ظله عليلا يعكسُ شمسا مكتوبة بذهب العافية .
كان يترك لأعضائه حرية أن تسافر بعيدا عنه ، ثم يلتقي الجميعُ في فسحاتٍ حنونة : يمضون السهرة بين أعشاب ذكرياتهم ، و يفترقون في الصباح .
كان خارج الجميع ، ويصافحُ أعضائه كالغرباء .

كان يمرُعلى مشهد الشِعر ، كأي عابر .
كان يعيشُ تحت سقف المجاز ، و يتنفسُ من خارج البلاغة .
كان يقولُ هنا يداي ، عندما يصادفُ يديه في جمرة الكتابة .
كان يهتفُ هنا شفتاي ، عندما يعثرُ على شفتيه في قضمة اغنية .
كان يصرخُ هذا هو رأسي ، عندما يشاهدُ رأسه يتصاعد من سلال الدخان .
كان مُضربا عن العَيش في كنف بدنه ، ويتعاطى التردد مع منشطات الفاقة .
كان يُطلقُ سراح هواجسه في مراعي الصداقات التي يبتكرها .
كان يبني بيته فوق فوهة بركان ،
كان يجمعُ زجاجَ حياته المتطاير من الانفجار الموشك على الانفجار .

شوهدَ يتقدم الهجرات ،
شوهدَ متاخرا عن الوصول .
شوهدَ يملكُ أعنّة الذاكرة ، ورهافة النسيان .
شوهدَ يترنح سكرانا وهو يغني ، كآخر سركون بولص في العالم :
شوهدَ كأسا مكسورا على طاولة كل عاشق .
شوهدَ خمرا مراقا على الطاولة .
شوهدَ عاشقا يلملم شظايا الكأس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?


.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد




.. إيه الدرس المستفاد من فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو ب