الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باراك أوباما والانتخابات الأمريكية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يعشق الأمريكيون إطلاق شعارات رنانة مثل التى أطلقها أبرهام لنكولن حول الحرية والديمقراطية والعدالة دون أن تكون لها أي انعكاس حقيقى على أرض الواقع. فمنذ نشأة الدولة الأمريكية فى 1776م وهم يطلقون على بلادهم "الإناء المذيب" فى إشارة إلى ذوبان أصول سكان هذه الدولة والانصهار الكامل فى البوتقة الأمريكية وقد بدأ تداول هذه العبارة الأخيرة فى وسائل الإعلام منذ عام1908م عندما اصدر عزرائيل زانجويل مسرحيته التى تحمل نفس الاسم ولكن الواقع يشير إلى أن هذا الانصهار لم يحدث كليا حيث يعيش السكان من ذوى الأصول الأفريقية أو اللاتينية فى كانتونات منفصلة فى المدن الأمريكية ومن لا يصدق هذا الكلام فليذهب إلى حى هارلم فى نيويورك أو الحى اللاتينى فى كاليفورنيا أو الحى الكوبى فى فلوريدا وكذلك لا يتوانى الأمريكيون عن تسمية بلادهم "أرض الفرص" غير أن الواقع كان يشير دائما إلى أن هذه الفرص متاحة فقط للرجل الذى يعتنق المذهب البروتستانى وينحدر من أصول انجلوسكسونية والدليل على ذلك أن الولايات المتحدة حكمها حتى الآن 43 رئيسا كلهم من الرجال البروتستانت عدا رجل كاثوليكى واحد هو الرئيس رقم 35 جون كنيدى (1961م-1963م) وحتى الآن لم يتمكن أى رجل من أصول افريقية أو أية امرأة من الفوز بلقب مرشح أى من الحزبين الكبيرين: الديمقراطى أوالجمهورى. ومنذ عشرين عاما لم يخطر على بال أكثر المتفائلين فى الساحة الأمريكية أن يلقى مرشح من ذوى أصول إفريقية دعم وتأييد الناخبين وخاصة من ذوى الأصول الأخرى. لقد سبق أن قام القس الأسود جيسى جاكسون بمحاولتين للفوز فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى فى عامى 1984م وعام 1988م ولكنه لم يفز سوى فى خمسة مواقع وتجمعات انتخابية منها لويزيانا ومنطقة كولومبيا وكارولينا الجنوبية وفرجينيا.

ومن الواضح أن الرؤية الأمريكية للأمور بدأت تتبدل بعد أحداث 11 سبتمبر إذ يلقى السيناتور الأمريكى ذو الأصول الأفريقية باراك أوباما الكثير من التأييد من جهات مختلفة حيث لا يعتمد فقط على تأييد الأمريكيين الأفارقة. لقد نجح قى الفوز بأصوات الناخبين فى ولاية ايوا بنسبة 37.58% وفى 26 يناير 2008م فاز ب55% من أصوات الناخبين فى ساوث كارولينا بينما حصلت هيلارى على 27% فقط وكاد أن يفعلها فى نيوهامشير لولا الدموع التى انسابت من هيلارى كلينتون لكسب تعاطف الناخبين. وبالرغم من أن معظم المتنافسين للفوز بلقب المرشح الرئاسى للحزب الديمقراطى أعضاء فى مجلس الشيوخ إلا أن اوباما يلقى تأييد ودعم معظم الأعضاء مثل السيناتور جون كيرى (ولاية ماسوسيتش) والسيناتور باتريك ليهى (ولاية فيرمونت) والسيناتور تيم جونسون والسيناتور توم داشل (ساوث داكوتا) والسيناتور بن نيلسون (نبراسكا). والغريب أن أوباما حصل على تأييد ومؤازرة عائلة كنيدى العريقة حيث قدمت كارولين كنيدى ابنة الرئيس الراحل جون كنيدى دعمها لأوباما وكتبت مقالا فى صحيفة "نيويورك تايمز" فى 27 يناير 2008م قالت فيها: "كان الناس دائما يعبرون عن أمالهم فى أن يأتى من يبعث فيهم روح الإيمان والثقة فى الوطن تماما كما فعل والدى فى الستينيات. وفى الواقع فنحن اليوم أكثر حاجة لهذه المشاعر وهذا يدفعنى إلى تأييد ومؤازرة باراك أوباما فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى." ولم يمض يوم على هذه المؤازرة حتى أعلن السيناتور إدوارد كنيدى أيضا تأييده لأوباما قائلا: "أوباما هو الشخص الوحيد من بين كافة المتنافسين القادر على إحداث تغيير بل هو يمثل التغيير نفسه.".

هذا الرجل أعاد الأمل للأمريكيين على اختلاف مشاربهم. لقد كنا منذ عدة شهور لا نعرف شيئا عن هذا الرجل ولم نكن نتخيل أن يحظى بكل هذه الشعبية فى تلك البلاد المتناهية الأطراف وهى بلاد تشهد فجوة حتى فى التوقيت الزمنى. وهذا يتطلب التوقف للتعريف بهذا الرجل الذى استطاع أن يغير المفاهيم الأمريكية الذى ظلت فى الأذهان منذ القرن الثامن عشر.

ولد جون حسين اوباما فى هاواى قى عام 1961 لأب ولد وترعرع فى كينيا بينما نشأت والدته فى مدينة صغيرة فى كانساس وتقابل الأبوان فى جامعة هاواى حيث كانا يدرسان وفى نهاية المطاف وقع الطلاق ليقرر والده العودة إلى كينيا بينما بقى باراك مع والدته فى هاواى وسرعان ما تزوجت والدته من طالب اندونيسي وانتقل أوباما مع والدته للإقامة فى اندونيسيا لبضع سنوات. ثم عاد أوباما إلى أمريكا ليحصل على شهادته الجامعية الأولى فى الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كولومبيا عام 1983م وعمل أوباما بعض الوقت فى شيكاغو حيث انضم إلى مجموعة تسعى للارتقاء بحياة سكان الأحياء الفقيرة التى تعانى من الجريمة والفقر والبطالة. وقد أدرك أوباما أن الارتقاء الحقيقى والفعال لهؤلاء الناس لن يتأتى بالتغيير على المستوى المحلى بل من خلال إحداث تغيير فى التشريعات والسياسات القومية مما دفعه لدراسة القانون فى جامعة هارفارد حيث تخرج فيها عام 1991م وأصبح أول أمريكى من أصل أفريقى يترأس الدورية التى تصدر عن هذه الجامعة ثم انتقل مرة أخرى إلى شيكاغو حيث عمل محاميا وأستاذا للقانون الدستورى فى جامعة شيكاغو وانتخب عضوا فى مجلس الولاية لدورتين متتاليتين ثم انتخب عضوا فى الكونجرس الأمريكى عام 2004م. واستطاع بالتعاون مع السيناتور الجمهورى توم كوبيرن أن يشرع قانونا يعيد الثقة فى الحكومة من خلال السماح لأى مواطن أمريكى أن يحصل على المعلومات اللازمة لمعرفة أوجه إنفاق أموال الضرائب. وقد استطاع أوباما خلال النصف الأول من العام المنصرم أن يجمع 58 مليون دولارا تبرع بها مواطنون أمريكيون لدعم حملته الانتخابية وقد رأت الحكومة تكليف الأمن السرى لحراسة أوباما قبل بداية الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى بنحو ثمانية عشر شهرا. وسرعان ما بزغ نجم أوباما لتقدمه الصحيفة البريطانية "السياسى الجديد" كواحد من عشر شخصيات لها القدرة على تغيير العالم والغريب أن أوباما هو السياسى الوحيد فى القائمة واختارته مجلة تايم الأمريكية مرتين (عام 2005م وعام 2007م) كأهم الشخصيات العالمية والجدير بالذكر أنه حصل على الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات منها كلية نوكس فى الينوى وجامعة ماسوسيتش وجامعة خافيير بلويزيانا وجامعة جنوب نيوهامشير وجامعة نورث وست وجامعة هوارد فى واشنطن.

والسؤال الذى نتركه للأيام والشهور القليلة القادمة هو: هل سينال باراك أوباما لقب مرشح الحزب الديمقراطى أم أن العنصرية والتعصب سيحولان دون ذلك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سنوات من القطيعة.. اجتماع سوري تركي مرتقب في بغداد| #غرف


.. إيران تهدد بتدمير إسرائيل.. وتل أبيب تتوعد طهران بسلاح -يوم




.. وفاة طفل متأثرا بسوء التغذية ووصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى


.. مدرسة متنقلة في غزة.. مبادرة لمقاومة الاحتلال عبر التعلم




.. شهداء وجرحى بينهم أطفال في استهداف الاحتلال مجموعة من المواط