الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منعوني من لقاء الوالي ..3..؟

عادل شيخ فرمان

2008 / 2 / 9
كتابات ساخرة


ونحن نمتطي جوادنا الشيخ وأنا والطريق الطويل يأخذنا ويمتص من نشاطنا ولكنه ما قطع بيننا الحديث فدار بيننا الكلام عن المدينة وعن ما يدور فيها هذه الايام من امور غامضة ترمي باستفهامها على الجميع ومن بينهم الوالي كذلك وأخذنا الحديث الى المتغيرات الحاصلة وكيف أن احد لم يكن راضياً عنها ورغم أني كنت مختلفاً على الدوام مع الشيخ الجليل ، إلا أن كان في كل ما أقوله يحترمني وخاصة حين أجريت مقارنة ما بين ذوات الاصول وما بين عامة الشعب وكيف أن الجمع لا يتساوون ثم تساءلت إن كان تاريخ الاشخاص بإمكانه أن يقدم لهم الحماية والحصانة في هذا العهد الجديد.أمضيت أغلب الوقت أحكي والشيخ يسمعني فذهبت أتساءل إن كان يستطيع سرقة اللقمة من أفواه الايتام من عرف علقم الجوع يوماً ، وإن كان سيعرف طعم النوم من قد يكون تسبب في ترمل الاف النساء وهنا ابتسم الشيخ وقال وعلامات الارتياح بادية على وجهه قال:أنا أرى فيك فتىً صالحاً يا بني وهذا أمر يزيد من قلقي وخوفي عليك فأنت مصر على أمرك والاخرون مصرون ما يفعلون والحكمة تقول أن قوى الشر أقوى من قوى الخير وأضاف ينصحني ويشتكي من عنادي كما يشتكي من عدم قدرته على مساعدتي ويرجع في ختام الامر ليشد على يدي ويدافع عن ما اريده قائلاً:عين الصح وعين الخير وليس لي الا ان اقول ليكون الله معك في ما تريد فشكرته على كلامه وعلى موقفه ذاك.شعرت بنوع من الارتياح على ما دار بيننا من حديث في طريقنا وبينما أتطلع لأرى كم بقي لنا لنصل الى المكان المقصود لمحت قافلة تتجه نحونا فسألت رفيقي إن كان أحد قد سبقنا الى الحج فرفض أن يعطيني عن سؤالي جواباً مباشراً وأرادني أن أكتشف الامر بنفسي الامر الذي زاد من فضولي فأسرعت بالجواد علي أخمد نار الفضول في نفسي وحين اقتربت من القافلة وجدت أن كل خيال يحمل كيساً من التراب وجرةً بها ماء فسلمت على القوم وردوا السلام فبادرت أسألهم إن كانوا في طريق العودة من الحج فأجابني من بينهم رجل مسن، وكان على ما يبدوا يقود القافلة ،وقال بأنهم في طريقهم الى الولاية ومروا دون أن يضيف ذلك الرجل المسن ومن معه على تلك الكلمات توضيحاً وكأنهم لم يعيروا سؤالي أي اهتمامٍ فمضوا مودعين بعد أن باركوا حجنا.
ومضينا في طريقنا وحين كنا نتجاوز بعض الوديان والتلال مقتربين من الجبل الذي يفصلنا عن مكان الحج إقترحت على الشيخ أن نأخذ قسطاً من الراحة ونشرب ما تبقى لنا من ماء ونكسر جوعنا بالخبز المتبقي لنا والذي أصبح يابساً لطول الطريق الذي قطعناه، فوافقني الشيخ ووقفنا وجلس الشيخ وجلست الى جواره.كان الشيخ ينظر الى الخبز المتيبس تارة والى الماء المتبقي تارة اخرى ويفكر في الوقت نفسه بأمر ما في نفسه فبادر يسألني إن كنت سأعطي الخبز والماء لو جائني من هو في حاجة أكثر مني اليهما ، ورغم إستغرابي من السؤال الا انني لم اتردد في انني كنت أعطيته لطالبه ثم أردف يسألني إن كنت سأتنازل عنهما لو جائني من يريد أن يأخذهما بالجبر والاكراه مني فقلت ولماذا يجبرني أحد على ذلك ولماذا تسألني سؤالاً كهذا في مكان كهذا ولم تسألني عن السؤال طوال الطريق فشعر الشيخ بأنني لم أفهمه تماماً ولم أعرف السبب والمغزى من سؤاله فأجابني بأنه يعرف هذا الطريق منذ عقود وأردف يقول أنه يمر من هذا الطريق وأنه يدفع الضريبة لقطاع الطرق ولكنه لم يرهم منذ سبعة عشر عاما مضت ورغم ذلك كان يدفع الضريبة سواء مر أو لم يمر من الطريق.ثم تنهد الشيخ وقال : إن كنت بالامس أدفع مالاً فاليوم أدفع ما لا يمكن بيعه وشرائه ، أدفع ما هو ملك لي ولأولادي وما كان ملكاً لأجدادي من قبل فقلت له بأنني لا أفهم شيئاً من ما يقول فهز برأسه ونهض وقال فلنكمل الطريق يا بني..بدى الشيخ بعدها مهموماً بعض الشيء فتركته لنفسه ثم نظر الي وقال :يا بني لو أنك عرفت ما هو قصدي فإنك لن تلتقي بالوالي ولن تذهب لملاقاته أو أنه لن يستقبلك في ولايته وقال فلتكن.....
أحسست بأني لم أفهم شيئاً من ما قاله الشيخ ولكننا رغم ذلك تابعنا الطريق وصادفنا بعد ذلك قافلة أخرى كسابقتها تماماً فكل خيال يحمل معه ما كان يحمله الرجال في القافلة التي سبق لنا ورأيناه في الطريق وتلقيت الجواب نفسه على نفس السؤال الذي كنت القيته على القافلة السابقة فأحسست بأن كمن يقف أما طلسم لا يجد له تفسيراً وحين لاحظ الشيخ هالة الهم المرسومة على وجهي بادر يقول لي بأن طريق يكاد يكون في صعوبته بصعوبة اللغز الذي أحاول الوصول الى قراره فطلبت منه أن يحاول توضيحه لي رغم ذلك فسألني في محاولة منه للتوضيح ، سألني قائلاً : ما الذي يريده الحكام من الشعوب برأيك؟ وزاد على السؤال سؤالاً.. أيكون المال؟ولكن لهم من المال الكثير الكثير..! إذاً فهم بحاجة الى العبيد..؟ ولكن عبيدهم لا يعدون..! فماذا بقي بعد يا ترى..؟وهنا ادركت العلة في الامر واوصلت الى ما اراد ان يقوله واعتل لتلك الفكرة قلبي وبدأت نفسي بالقلق والاشمئزاز وبدأت مخاوفي وقلت في نفسي أن طريقي لم يعد صعباً إنما أمسى مستحيلا..بدأت أفكر بالانسانية وبالانسان واعتصر قلبي الماً حين علمت ان الانسان في بلادنا قد يكون بهذا الرخص وأن يفعل من يمثل هؤلاء الناس اشياء هم ليسوا بحاجة اليها وتساءلت فيما بين نفسي وبيني متى أصبح طريق الحج بيتاً للوالي فرد علي الشيخ وقال بأني مادمت فهمت الامر فلن يصعب الطريق علي ولكنه نصحني ختاماً بأن لا أنصدم في وعراته وأن لا ايأس أمام مشاقه وأنا أبقى أنا كما أنا وأن لا أتغير حتى لو طلب ذلك مني الوالي..
وهنا أقول للقارىء : لنا لقاء.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟